تأزم العلاقات بين سوريا والسعودية بلغ درجة قصوى قد تؤدي إلى قطع العلاقات بين البلدين مستقبلاً.. فتبادل الاتهامات والانتقادات التي وصلت حد التجريح والإهانة لن تفضي إلا إلى نتيجة واحدة وهي التباعد ثم القطيعة الكاملة والإضرار بالمصلحة العربية والإسلامية..
وباستعراض سريع لمواقف البلدين خلال العام الماضي نجد أن كل جانب وجد في لبنان هذا البلد العربي المتأزم داخلياً بحكم تركيبته الطائفية والمذهبية والسياسية وبحكم انفتاحه وحرية التعبير في صحافته نقطة انطلاق له في هجومه على الجانب الآخر..
فسوريا بعد طول صبر أعربت عن امتعاضها الشديد لمواقف الحكومة السعودية إزاء الأزمة السياسية الراهنة في لبنان.. وهي مواقف متعاطفة دوماً مع حكومة فؤاد السنيورة التي يدعمها الغرب ضد المعارضة الموالية لسوريا.. كما أن سوريا لم تغفر للحكومة السعودية موقفها المعادي للمقاومة اللبنانية خلال حرب تموز - يوليو في لبنان .. وهو موقف اعتبرته دمشق كما اعتبره معظم العرب موقفاً خيانياً من القضية العربية.. ويعني ضمناً تأييداً للعدوان الإسرائيلي .. وبالتالي يعني استهدافاً لسوريا وضرب وجودها ونفوذها القوي في لبنان الذي تعتبره امتداداً وعمقاً استراتيجياً مهماً لها..
إضافة إلى ذلك فإن تحركات الحكومة السعودية الأخيرة في لبنان عبر سفيرها الدكتور عبد العزيز الخوجه الذي وصفته أقطاب المعارضة اللبنانية تدخلاً فظاً في الشأن اللبناني من قبل الحكومة السعودية أثار هو الآخر حفيظة سوريا التي أصبحت تنظر إلى هذه التحركات نظرة شك وريبة.. مؤكدة أنها تحركات تصب لصالح المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة العربية..
ثم جرت اجتماعات دول جوار العراق في دمشق بحضور أمريكي في غياب سعودي.. وهي اجتماعات رأت فيها سوريا وكثير من الدول انتصاراً لسورياً وفكاً لعزلتها التي حاولت الإدارة الأمريكية فرضها على سوريا..
ولعل أهم ما أثار نقمة سوريا على الحكومة السعودية هو محاولتها الانفراد بجميع الملفات العربية بإيعاز أمريكي.. حيث جمعت بعض قادة حماس وفتح للتوقيع على ما يسمى باتفاق مكة الذي سرعان ما سقط لأنه تم بدون استشارة سوريا التي تحتضن معظم مكاتب المقاومة الفلسطينية من بينها المكتب الرئيس لمنظمة حماس وزعيمها خالد مشعل.. إضافة أن سوريا بها أكبر عدد من المخيمات واللاجئين الفلسطينيين .. كما سقط قبل ذلك اتفاق مكة الذي وقعت عليه الأطراف المتنازعة في العراق والذي جرى هو الآخر بدون التنسيق مع سوريا التي تضم الآن أكبر عدد من النازحين العراقيين.. وكان بها أهم رموز وقادة الحكومة العراقية الحالية إبان حكم صدام حسين..
فكل هذه المواقف دفعت فاروق الشرع نائب الرئيس السوري إلى وصف الحكومة السعودية بأنها حكومة فاشلة ومشلولة..