نظرة عابرة على التيارات المعاصرة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الناظر في حال أمتنا منذ عقود يرى كثرة وتشعب التيارات والإتجاهات فيها ويرى مدى تأثير هذه التيارات في حياة هذه الأمة التي لاينكر أحد مكانتها الهامة بين الأمم الأخرى لذا أحببت أن أمرر نظرةٌ عابرة على التيارات والحركات التي ظهرت في الأمة منذ عقود.
فلقد ظهرت في أمتنا تيارات مختلفة الإتجاهات من سياسية ودينية كان لكل منها توجهات وتأثيرات مختلفة ففي حقبة سيطرة الدولة العثمانية على بلداننا برز التيار القومي لمناهضة الهيمنة العثمانية على أراضينا،وبعد إنهيار الدولة العثمانية وتكالب الدول الإستعمارية على السيطرة على أراضينا برزت التيارات الوطنية لمقاومة الإستعمار والتي وإن كانت تدعوا أحياناً إلى الجهاد فإنها لم تكن في حقيقتها قائمةعلى أساس ديني لأنها كانت تجمع أصحاب الديانات المختلفة تحت راية واحدة وهي راية المقامة وتحرير الوطن ومبدأها أن الوطن للجميع.
ثم برزت في حقبة إستقلال الدول التوجهات القومية من جديد وحمل لواءها الناصريون(أتباع جمال عبد الناصر)والبعثيون(والذين ينطلقون من أفكار ميشيل عفلق) وإستطاعوا في فترة من الفترات كسب ود الجماهير إلا أنهم فشلوا في تحقيق شئ للجماهير وتحول غالب رموزهم إلى دكتاتوريات وإمبراطوريات تكبت طموحات الجماهير وتحكمها بيد من حديدوفشلت في صد الهجمات الخارجية على الأمةمما بدل ود الجماهير لها إلى سخط عارم ضدها، وبرزت إبان ذلك تيارات إسلامية وتصادمت في كثير من الفترات مع التيارات القومية والتي لم تكن تعترف بالدين في بناء العلاقة بين الناس ومن أبرز هذه التيارات تيار( الإخوان المسلمين)، والذي يعتبر إمامه حسن البنا كما أن من أبرز منظريه ورامي الخطوط العريضة له (سيد قطب)والذي أعدم على أيدي نظام جمال عبد الناصر ، ولكن لأن هذا التيار كان ملئ بالمتناقضات ويجمع الكثير من الإختلافات،ولم يكن يحضى بتعاطف غالب أبناء الأمة مع عدم إنكارنا أن له قاعدة جماهيرية لا يستهان بهاولكن هذا التيار بقي في صراعات مع أنظمة الحكم دون أن يحقق للجماهير أي تقدم تصبو إليه.
وبرز تيار إسلامي أخر كان في كثير من أوقاته أكثر قرباً من الجماهير وأقدر على كسب ودهاوهو التيار السلفي والذي كان المرجع الأساسي له هم علماء المملكة السعوديةوإشتعلت جذوة هذا التيار وألهبت مشاعر الناس أكثر وأكثر أثناء الجهاد الأفغاني ضد الإجتياح السوفييتي وخاصةفيئة الشباب والتي حملت مبادئ وأسس التيار السلفي مما ساهم في الإبقاء على هذا التيار قريباً من الناس، ولكن التيار السلفي نفسه إنقسم إلى عدة تيارات متباينة الإتجاه فبرز التيار التكفيري والتيار الجهادي والذي يعتبر جماعة القاعدة(بن لادن والظواهري) من أبرز منظريه حالياًكذلك أبوقتادة المقيم في بريطانياوابومحمد المقدسي وأبو حفص المصري، وهؤلاء يعتبرون من أبرز قادة ومنظري التيار الجهادي والتكفيري،وبقي إلى جانب ذلك التيار السلفي الدعوي والذي يختلف كثيراً عن التيار التكفيري حيث أنه يتبنى الإعتدال في تعامله مع الآخرين ويدعوا إلى نبذ العنف والتطرف والتكفير وبقيت مرجعية هذا التيار متمثلة في علماء السعودية ويعتبر من أبرز منظريه وموجهيه اليوم هو الدكتور ربيع المدخلي والذي وإن إختلفت وجهات النظر حوله فإنه في الحقيقة يعتبر من أبرز الداعين إلى نبذ الغلو والتطرف والدعوة إلى الوسطية والإعتدال وهو يحضى بمكانة كبيرة جداً بين أوساط الشباب السلفي في شتى بقاع العالم حتى أنهم لايتكلمون في أي أمرٍ إلا بعد الرجوع إليه ويلاحظ اليوم كثرة أتباع هذا التيار حتى في الدول التي لا تشجع التيارات الدينية ويغلب عليها الحكم العسكري والفردي أوالعلماني ويبدو اليوم هذا التيار أكثر نجاحاً من غيره لأنه الأقرب إلى الجماهير والأقدر على كسب ودها لسياسة الإعتدال واللين التي يتعامل بها مع غيره .
هذه نطرة عابرة أحببت أن أمررها على أبرز التيارات المعاصرة التي ظهرت في الأمة ومدى تأثيراتها عليها.
مع تحياتي/ أحمد مليطان
صحفي ليبي
__________________
إبن الصحراء
آخر تعديل بواسطة إبن الصحراء ، 21-04-2005 الساعة 06:24 AM.
|