الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:خاض الناس في أمر قتل الزرقاوي ففرح لمقتله قوم، وبكاه آخرون، وحاول بعض من يضاد أهل السنة في عقيدتهم ان ينسبه زورا الى السلفية والواجب على الانسان أن يتكلم بعدل لقوله تعالى (وإذا قلتم فأعدلوا)، حتى لو كان ممن يخالفنا وممن حصل منه بغي وعدوان وأذى علينا، قال تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى).
ومن الاصول الشرعية المرعية وجوب مراعاة حرمة الميت، فقد روى البخاري في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تسبوا الأموات فانهم قد افضوا الي ما قدموا»، وهذا الأمر جار مع كل مسلم الا ان كان من رؤوس الضلالة الذين يخشى ان يتأسى الناس بهم بعد موتهم لأفكارهم وكتبهم ومناهجهم المنحرفة، فحينئذ يترخص في الكلام في منهجهم المنحرف فقط دون سائر الامور، قال العلامة القرافي رحمه الله: «ومن مات من اهل الضلال ولم يترك شيعة تعظمه، ولا كتبا تقرأ، ولا سببا يخشى منه افسادا لغيره، فينبغي ان يستر بستر الله تعالى ولا يذكر له عيب البتة، وحسابه على الله» الفروق (208/4).
ولذلك توارث العلماء خلفا عن سلف الطعن في رؤوس البدع الذين مضوا مع انهم أموات ولم يروا ذلك من الغيبة المحرمة، بل رأوا ذلك من النصيحة لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم، ومن باب حفظ الدين ورد البدع والضلالات، فمازال العلماء يتكلمون في الجهم بن صفوان، وعمرو بن عبيد، وابن أبي دؤاد، وابن فررك، وغيرهم وهم أموات اذا صلحت النية.
ومازال العلماء يتكلمون في رؤوس الخوارج الاموات ويحذرون من شرورهم ومقالاتهم ككلامهم في عبدالله بن وهب الراسبي وغيره.
والسلف لا شك انهم قالوا: البدع بريد الكفر، والنبي صلى الله عليه وسلم لما مر بقتلى بدر قال: «لو كلمني المطعم بن عدي في هؤلاء النتنى لأجبتهم» وهذا من الطعن والقدح في قتلى المشتركين فسماهم النبي صلى الله عليه وسلم «نتنى»، وكذلك امر النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة احد اصحابه ان يقولوا للمشركين «قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار»، ولكن مع هذا ينبغي التحفظ في التعيين، ولابد مع ذلك ملاحظة تفريق امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه في قتاله لأهل الشام المتأولين بالمطالبة بدم عثمان رضي الله عنه، ولا نشك ان الحق مع علي رضي الله عنه، الا انه عامل هؤلاء معاملة تختلف عن الخوارج الخارجين عن طاعته، والذين كفروه لتحكيمه الرجال فهؤلاء استحث المسلمين على قتالهم وقال: «لولا ألا تبطروا لأخبرتكم بما في قتلهم من الأجر»، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: «ولهذا افترقت سيرة علي رضي الله عنه في قتاله لأهل البصرة وأهل الشام، وفي قتاله لأهل النهروان، فكانت سيرته مع اهل البصرة والشاميين سيرة الاخ مع اخيه ومع الخوارج بخلاف ذلك».
والزرقاوي لا شك انه وقعت منه عظائم في العراق من قتل نساء وصبيان المسلمين ورجالهم غير المقاتلين بدعوى تمترس الكفار بالمسلمين، وهي دعوى شيطانية فالمسألة ليست من التمترس اطلاقا، وانما هو قصد قتل دماء معصومة من المسلمين اعدادها اضعاف ما يصيب من الأمريكان، فمن اجل هذه الجرأة القبيحة على تحريف النصوص والتهاون بحرمتها، ثم التهاون بحرمة دماء المسلمين من اهل العراق مجه وكرهه الناس، وشأن المؤمن التورع عن دماء المسلمين، ولذلك قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «اعف الناس قتلة اهل الايمان» رواه وكيع في الزهد باسناد صحيح.
فنحن نبغض طريقته ومنهجه المنحرف، وجرأته على دماء المسلمين، ونحذر من هذا، لكن لا نسبه، وسلفنا في ذلك الامام احمد بن حنبل مع يزيد بن معاوية، فيزيد وقعت منه عظائم من أعظمها عدوانه على الحرم وقتله القراء، ولما سئل عنه الامام احمد قال: «لا نحبه ولا نسبه».
والزرقاوي لا شك انه احد تلاميذ عصام البرقاوي الشهير بأبي محمد المقدسي، وأبومحمد المقدسي خارجي معلوم يكفر علمائنا كالعلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله، فكيف ينسب من لا يعرفه الى السلفية؟! وأبومحمد المقدسي معروف انه تتلمذ على يد محمد سرور زين العابدين رأس القطبية ثم صار رأسا بنفسه، وانحرافه تجاوز انحراف شيخه بمراحل عافانا الله.
فالزرقاوي من نتاج مدرسة ابي محمد المقدسي وهي مدرسة حرورية خارجية، والله ناصر دينه بغير الخوارج، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
والحمد لله رب العالمين
كتب:د.حمد بن ابراهيم العثمان
جريدة الوطن الكويتية
الاربعاء 14 يونيو 2006
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
فلا تزد يا هذا فالزرقاوي قد شوهت صورته وان كان الذباح للعلوج وكل العملاء والمنافقين واحفاد العلقمي
اللهم ارحم شهدائنا اللهم احشرهم مع الانبياء والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا
آخر تعديل بواسطة Orkida ، 29-07-2006 الساعة 06:57 AM.