الأهداف المزيفة للحرب
لعل نقــــطة الضـــعف القـــاتلة لحـــرب أميركا على العراق هي رفــض واشنطن الاعتراف بأهدافها الحقيقية، اذ جرى تغليف هذه الأهداف بنسيج من الأكاذيب والتعتيم، وأُعــلن في البدء أن الهدف من الحرب هو التخلص من أسلحة الدمار الشامل التي يمـــلكها صدام حســــين والتي وصفت بأنها تهدد العالم بأسره.
ظهر الآن أن هذا الذريعة الواهية لا أساس لها إذ لم يعثر على أي أثر لأسلـــحة الدمار هذه. ثم تحـــول هدف الحرب إلى كونه إنسانياً في جوهره إذ يرمي إلى "تحرير العراق" من دكتاتور بغيض وإقامة الديمقراطية في هذا البلد البائس. وكما أعلن بوش في الأسبوع الماضي فـ "إن الديموقراطية العراقية ستنجح وأخبار هذا النجاح ستسري إلى دول الجوار، من دمشق إلى طهران، وتبشر بأن الحرية سوف تكون مستقبل كل دولة".
كان أولى ببوش وأكثر إقناعاً أن يعلن بأن أهداف الحرب هي ذات شقين: الأول إقامة قاعدة استراتيجية لأميركا في قلب الشرق الأوسط مع الاستيلاء على حقول النفط، والثاني حماية الهيمنة الإسرائيلية الإقليمية (وإن كان هذا الهدف الأخير يأتي في المقدمة في نظر الليكوديين الذين يحتلون المراكز الحساسة في الإدارة الأميركية).
يبدو أن أحداً لم يقل لجورج بوش أن الديموقراطية ليست بضاعة قابلة للتصدير. فالعرب والمسلمون في غالبيتهم الساحقة حريصون على التقدم المادي الذي تحققه الحداثة الغربية لكنها ترفض الغرب وبخاصة طريقة العيش الأميركية. فهم لا يريدون أن تستعمرهم الامبريالية الأميركية ولا يرحبون بالثقافة الغربية المسيحية أو اليهودية في مجتماعاتهم الإسلامية.
فالتمسك بالروابط القومية والاعتزاز بالهوية الوطنية والإيمان بالدين والتقاليد والأعراف، كل ذلك أهم بكثير في نظر العرب والمسلمين من "الديموقراطية" التي تجهد أميركا لزرعها. أجل إنهم يريدون التحرر من الحكام الطغاة لكن التحرر الحقيقي الذين ينشدونه هو التحرر من الولايات المتحدة.
* كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الاوسط
المقال كاملاً