ألا يا عين ويحك أسعديني بطول الدمع في ظلم الليالي
قالت أم الربيع أم حيثم لولدها : يا بني ألا تنام ؟ قال : يا أماه ، من جن عليه الليل وهو يخاف الثبات حق له أن لا ينام . فلما رأت ما يلقي من السهر والبكا ، قالت : يا بني لعلك قتلت قتيلاً ، قال : نعم ، قالت : ومن هذا القتيل حتى نسأل أهله فيغفرون ، فوالله لو يعلمون ما تلقى من السهر والبكاء لرحموك ، فقال : يا والدتي ، هي نفسي .
قيل لزيد بن مزيد : ما لنا لم نزل نراك باكياً ، وجلاً خائفاً ، فقال : إن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار ، والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لبكيت حتى لا تجف لي عبرة .
وكان آمد الشامي يبكي وينتحب في المسجد حتى يعلو صوته وتسيل دموعه على الحصى ، فأرسل إليه الأمير : إنك تفسد على المصلين صلاتهم بكثرة بكائك ، وارتفاع صوتك ، ولو أمسكت قليلاً ، فبكى ثم قال : إن حزن يوم القيامة أورثني دموعاً غزاراً فأنا أستريح إلى ذرها :
يا عاذل المشتاق دعه فإنه يطوي على الزفرات غير حشاكا
لو كان قلبك قلبه ما لمته حا شاك مما عنده حاشاكا
وعوتب عطاء السلمي في كثرة البكاء ، فقال : إني إذا ذكرت أهل النار وما ينزل بهم من عذاب الله تعالى ، مثلت نفسي بينهم فكيف لنفس تغل يدها وتسحب إلى النار ولا تبكي ؟
وقيل لبعضهم : ارفق بنفسك ، فقال : الرفق أطلب .
وقال أسلم بن عبد الملك : صحبت رجلاً شهرين ، وما رأيته نائماً بليل ولا نهار ، فقلت : ما لك لا تنام ؟ قال : إن عجائب القرآن أطرن نومي ، ما أخرج من أعجوبة إلا وقعت في أخرى .
كثر فيك اللوم فأين سمعي وهم قلبي واللوم عليك منجد ومتهم ؟ قال : أسهرت والعيون الساهرات نوم ، وليس من جسمك إلا جلدة وأعظم .. وما عليهم سهرى ولا رقادى لهم ، وهل سمان الحب إلا سهر وسقم ، خذ أنت في شأنك يا دمعى وخل عنهم .
قال بن مسعود رضى الله عنه: " ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس يفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون، وبخشوعه إذا الناس يختالون "
فهذا هو وصف حامل القرآن الصادق المحب، له مع الليل أحوال وأحوال، لسان حاله يقول:
ألا يا عين ويحك أسعديني بطول الدمع في ظلم الليالي
لعلك في القيامة أن تفوزي بخير الدهر في تلك العلالي
مرفق
أغلى الدموع
نبيل بن علي العوضي
http://www.islamway.net/?iw_s=Lesson...esson_id=22721
آخر تعديل بواسطة القعقاع بن عمرو ، 24-07-2005 الساعة 01:49 PM.
|