الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته (70)
10) اللجوء إلى الله تعالى والاستغاثة به:
ومن آداب الجهاد في سبيل الله اللجوء إلى الله لدعائه والاستغاثة به وطلب نصره على الأعداء، وهذه سنة مضى عليها أولياء الله من الأنبياء والرُسل وأتباعهم، كما فعل نوح عليه السلام عندما شعر بقوة قومه المادية : (
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ )) [القمر:2]
وقال تعالى: ((
وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )) [آل عمران:146-147].
وقال عن جنود طالوت: ((
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ )) [البقرة: 250-251].
وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء الله والاستغاثة به، وبه اقتدى أصحابه كما قال تعالى: ((
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ )) [الأنفال: 9].
وعن طارق بن شهاب قال:
"
سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بن الأسود مشهداً لأن أكون صاحبه أحب إليّ مما عدل به، أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: (( فاذهب أنت وربك )) ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسرّه يعني قوله" [البخاري رقم 3952، فتح الباري (7/287)].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
"لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وعدّتهم، ونظر إلى أصحابه نيّفاً على ثلثمائة، فاستقبل القبلة، فجعل يدعو ويقول: (
اللهمّ أنجز لي ما وعدتني، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض )..
فلم يزل كذلك حتى سقط رداؤه، وأخذه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فوضع رداءه عليه، ثم التزمه من وراءه ثم قال: كفاك يا نبي الله بأبي وأمي مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك".
فأنزل الله ((
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ )) [جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري (9/189) وهو في صحيح مسلم (3/1383) مع الاختلاف في بعض ألفاظه].
وقد دلّ حديث أنس الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي على مداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على الدعاء إذا غزا، قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: (
اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول ولك أصول، وبك أقاتل ) – هذه رواية أبي داود –
وفي رواية الترمذي: (
أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل ) [جامع الأصول (5712) رقم الحديث 1049، قال المحشي: (وإسناده صحيح، وحسّنه الترمذي].
وسيأتي مزيد بيان عن الدعاء وفوائده إن شاء الله في فصل عوامل النصر وعوامل الهزيمة.
موقع الروضة الإسلامي..
http://216.7.163.121/r.php?show=home...enu&sub0=start