عندما ترجلت عن سيارتي في صبيحة ذلك اليوم ..
متجها كعادتي حيث انتمي مهنيا ...
كنت اعلم في قرارة نفسي ..
ان هناك اشياء كثيرة قد تبدلت بداخلي ..
واشياء اخرى قد اصبحت بشكل او بآخر ..
مجرد ذكريات تمر كالومضات حينما ..
تناديها الروح لتجتمع علىمركب الشجن ..
تتبادل النجوى ..
وتسهر على طيف القمر ..
وكذلك كان هناك على الضفة الاخرى ..
اشياء كثيرة قد استجدت ..
وصنعت من هذا الانسان .. شخص آلي ...
ان جازت التسمية عليه كذلك ..
اختبأت بداخله العواطف والاحاسيس ..
بدهاليس عميقة.. وبعيدة جدا ..
حتى اصبح من العسير بل من المستحيل ايضا ..
الوصول اليها او التنقيب عنها ...
ولكنه بالرغم من هذا كله ..لا يكل من رسم ابتسامة
عريضة تملا محياه ..
وتصنع لونا باهتا من السعادة على وجهه الرتيب ...
ربما تجد انت ..
من تعرج الآن بين سطوري ..
ان هناك مسحة حزن غامض ..
تكسو ملامح هذه الكلمات وتغيب معالمها ..
ولكن الامر ليس كذلك البته ..
بل يكون مغايرا جدا لما تظن ..
فما تقرأه ليس الا مجرد عتاب الروح الى الروح ..
لتستجدي بداخلي وشائج حميمية ..
لم يبق لها موطأ قدم في عالم مضطرب ..
فقد الاحساس بالحزن ..
ولكنه لا زال يتألم ..
ولكنه يتألم بلا شعور ..
لان الشعور وجدان ..
والحزن شعور ..
والوجدان هو عمق ذلك الشعور ...
........
دخلت المكتب .. والقيت بجسدي المتهالك ..
على ذلك الكرسي الدوار ..
وكأنه يلف بي في مجرة .. شاسعه ..
لا اعلم فيها من اين ابدأ ؟؟
والى اين انتهي ؟!!
تسلل ذلك القلم خلسة بين اصابعي ..
وأخذ يهذوا كعادته ..
حتى اسكرته لذة الحروف ..
وبات يتخبط في عالم الخيال ..
وكانه يهرب من واقعه المرير ..
الى ارض الاحلام ....
.......
يالهذا المسكين ..
لا يعلم انه لا محالة .. سيستيقظ يوما ..
لكي يختار زاوية ..
في ركن مظلم من الحياة ..
يرقب فيها من كثب .. اضواء ذلك القطار السرمدي ..
وهي تقترب مسرعة لتمر بمحاذاته ..
وقد ضجت جنباته ..
بأجساد تسير الى مهلكها ..
وحينما يحين الوقت ..
سأجد نفسي ايضا ..
بين احضان الزمن ..
ارتحل بعيدا لأتلاشى في البعد المتناهي ..
.......
ولكن قبل ان ارحل ..
سأدس اسراري في عمق المحيط ..
لأني اخشى أن تعكر صفو الانهار وعذوبتها ..
ولن يبقى لهذا الانسان ..
في عالم النسيان ..
الا دمعتان فقط ..
واحدة .. سأبكيها على نفسي ..
والاخرى ..
سأهديها الى كل عين ..
جفت مآقيها ..
ولم تستطع ان تبكي قط ...
انسان