حوارات ثنائية
حوارات ثنائية :
عندما يزور أحدنا بلدا أجنبيا فإنه سيحضر معه بعض القطع المصنوعة يدويا أو آليا تدلل على نمط حضاري يخص البلد. وعندما يعود يضعها في مكان بارز أمام الزوار على منضدة في غرفة الضيوف، أو على رف في مرمى النظر لهم.
لم يكن من أحضر تلك القطع المصنوعة يرغب في تبيان صناعة البلد الذي زاره أو أن يعرف بحضارته، وقد يكون ذلك هدفا ثانويا، لكن الهدف الأساسي هو تعريف الآخرين بأنه قد زار ذلك البلد، وعندما يكون مشغولا في الحديث عن مسألة أخرى تلهيه عن ذكر سفراته ورحلاته التي تحسسه بأهميته أمام الآخرين فإن تلك القطع تكون كشريط الأخبار في قنوات التلفزيون، لا تعيق عمل الأذن في سماع الأخبار ولكنها تظهر للعين أمام من يريد أن يشغل (اللو قير) ليصبح دفعه رباعي ـ لا ثنائي.
لكن أولئك الذين يسرقون آثار بلد وتؤول تلك الآثار الى متاحف بلدان أخرى، قد تكون بلد السارق أو بلد ثالث، ما هي أهدافهم وما الذي يجعلهم يدفعون بها أسعارا عالية و يتحملون تبعية تهريبها خارج بلدها الأصلي لنراقب هذا الحوار بين صيني وبريطاني حول سرقة موجودات كهف في الصين تقدر بين أربعين وخمسين ألف قطعة نادرة ..
الصيني: لماذا تسرقون آثارنا ؟
البريطاني: لم نسرقها .. إن (شتاين) المنقب الأثري قد أخذ ترخيصا من أجهزة الدولة الإمبراطورية بحق التنقيب في ذلك الكهف ودفع مالا مقابل ذلك الحق، وإخراجها خارج البلاد..
الصيني: وماذا ستقولون للعالم؟ هل هي من آثاركم؟
البريطاني: نحن نخدم القضية التراثية في العالم ونحمي آثاره، لقد كانت عندكم تلك الآثار ولم تعطونها أي أهمية، حتى أنكم لم تهتدوا إليها من أصله.
الصيني: وهل يعطى حق للأقوياء أن يتصرفوا بأموال القاصرين أو اليتامى؟
البريطاني: إنها وجهة نظر نستمع إليها و نحترمها..
الصيني: إنكم تقولون ذلك من باب الكذب والنفاق.. لكن لسان حالكم يقول: أنكم من كلفتم أنفسكم برعاية القاصرين والأيتام من باب الاعتقاد بشعوركم بنزعة التفوق والمركزية..
البريطاني: إن لم نأخذها نحن فسيحضرها لنا أبناء البلدان التي توجد بها تلك الآثار.. وعندها يكون ذلك اعترافا من أدنى حلقات الشعوب بأهليتنا لحفظ مثل تلك الآثار .. ثم ألم تحطم آثارا نفيسة في أفغانستان وغيرها من البلدان بحجة عقائدية .. فأين المشكلة؟
الصيني: قد تكون على حق .. فلست الجهة الصحيحة التي يجب أن أحاورها!
__________________
ابن حوران
|