أخي محمد ب.
لك مني تحية تليق بما لك من فضل واحترام يتبعه.
الأمم أعداد كبيرة من البشر تقودها نفر قليل وهذا النفر القليل يسكبه في قوالب حميدة أو خبيثة ويوجهه قلة القلة. ولا نملك إحصاءا لهذا ولكن بين أيدينا نماذج من التاريخ.
أولها سيرة الرسول عليه السلام وصحبه الكرام، مع الأخذ بعين الاعتبار تميزها عن سواها من التجارب التي سأذكرها بتبنيها للمنهج الرباني، فقد هاجر معه من مكة إلى المدينة دون المائة وهؤلاء كانوا مادة القيادة وعمادها، ولحق هذه القيادة ما لحقها إثر سماح عثمان رضي الله عنه بمغادرتهم للمدينة بعد أن حجرهم عمر رضي الله عنه فيها. وحتى الأنصار رضوان الله عليهم كانوا جنودا ولم يتبوؤا قيادة.
ثم انظر الآن في أحوال الأمة تجد قطرا بعشرات ملايينه يغير توجهه بتغير واحد على رأسه.
وهناك مثال إحصائي واضح. يبلغ تعداد مجموعة العرب التي بترها الاسنعمار عن أمتها وأسماها (شعبا فلسطينيا) ثمانية ملايين، واحد في المليون منهم ثمانية أشخاص، ونصف في المليون أربعة أشخاص، والذين تصوروا أنهم شطبوا قضيته في أوسلو ثلاثة أشخاص أي دون النصف في المائة ÷ذا لو اعتبرنا جدلا نها قضية هؤلاء الثمانية ملايين، أما لو اعتبرناها على حقيقتها قضية 1200 مليون مسلم فستكون نسبة من تصرفو بها
= 3 ÷ 1200,000,000= واحد في الأربعمائة مليون .
إنه استطراد دفعني إليه ما شعرته به من امتعاض لديك في أحد مشاركاتك من قلة الإقبال على ما تخطه من درر، أخطه لأذكرك بأنك في مجال الفكر والثقافة من قلة القلة هذه ، وأن عليك أن لا تتوقع إقبالا على ما تخط كالإقبال الذي يكون على قصيدة أو قصة. لسببين أولهما أن من يقرأ لك هو من قلة القلة هذه أو هو ممن يقتربون منها، وهؤلاء جميعا قلة، ولكن فيمن يقرؤ لك من هذه القلة الخير والبركة مهما قل عددهم. وثانيا قلة قلة القلة من يطيقون تجشم عناء التحضير لرد مناسب لمستوى مشاركاتكم لا سيما وهم يدركون قيمتها، فيحول احترامهم لها ولك دون الرد بكلمات عابرة أو مجاملة.
وإن سمحت لي فسأتطرق لبعض انطباعات أثارتها في نفس بعض مقولات مشاركتك:
-1-
تقول :((وبسبب هذا التقاطع كثيراً ما يخرج التأصيليون بآراء متطابقة مع التيار الإسلامي بمعناه الشائع وإن كانوا ذوي اهتمامات أوسع بكثير من اهتمامات هذا التيار التي تكاد تقتصر على البعدين السياسي والعقائدي دون الاقتراب من الأبعاد الثقافية والحضارية). ))
أعتقد أن ما تقوله هنا صحيح ظاهريا وأقل صحة عند إمعان النظر، ذلك أن الفارق بين التيارين عائد إلى طريقة نظر كل منهما إلى صنفي (الثقافي - والعقائدي السياسي) ذلك أن التأصيليين ينظرون إلى الصنفين على التوازي، بينما ينظر التيار الإسلامي إليهما على التوالي ونظرة التوالي تعني أن الأخذ بالأول يستتبع وجوبا نشوء الثاني عنه عند الأخذ به دون حاجة إلى تعيينه أو ذكر اسمه، فالثقافة والحضارة تتبعان (البعد العقائدي السياسي). واختلاف طريقة النظر بين التوالي والتوازي قائمة داخل هذا التيار، فمن أتباعه من يقول (ننهض بالخلافة) قارنا السياسي بالعقدي على التوازي، ومنهم سيد قطب يرحمه الله الذي مؤدى كتاباته (نتعبد الله بالخلافة) ولم يذكر النهضة على نفس المستوى رغم أهميتها لديه فهي عنده تالية لتحكيم شرع الله ناشئة عنه.
-2-
قولك :((يقول شاكر في مقدّمته لكتاب "المتنبي": "صار بيّناً عندي أننا نعيش في عالم منقسم انقساماً سافراً: عالم القوة والغنى، وعالم الضعف والفقر، أو عالم الغزاة الناهبين، وعالم المستضعفين المنهوبين ))
ترى هل تغير شيء من ذلك حتى الآن برغم مهازل تمثيليات الاستقلال والدول والجيوش والبرلمانات !!!
-3-
قولك : ((أما النتائج الراهنة لهذا الخطأ فنجدها في توجه يحس به القارئ دون أن يكون صريحاً للشك في ولاء المواطنين المسيحيين عندنا للوطن وهو توجه مؤسف جداً بل هو توجه مدان يتناقض مع حقيقة توجه التيار التأصيلي العربي المنشود ...وهذا الصراع مستمر إلى الآن وتلعب به الأيدي الصهيونية التي لا يعجبها الموقف الوطني للبابا شنودة من الكيان الصهيوني وغيره ))
وما التباين بين موقفي البابا شنودة وشيخ الأزهر من صراع الأمة عن يهود ببعيد. وما يضيرك يا أخي لو قلت الموقف الإسلامي للبابا شنودة، فكما قال يونان لبيب وهو من قبط مصر لمن أراد أن يناقش قضية الأقباط في مصر كأقلية . قال يونان لبيب : نحن لسنا أقلية فنحن مسيحيون دبنا مسلمون وطنا وحضارة"
-4-
قولك:((ليس "التبشير" بمفهوم شاكر إذن دعوة للدين المسيحي: "إن توهم "التبشير" دعوة للدين المسيحي أمر باطل، بل هو أحد أدوات الاستعمار الغربي في آسية وإفريقية، ولا يهمه من الدين إلا الغلبة بأي أسلوب كان، حتى يكفل سيادة الحضارة الغربية على حضارات الأمم، ولا سيما أكبر حضارة في عالمنا نحن، وهي الحضارة الإسلامية" ("أباطيل.."-ص253). ))
يذكرني بسميي دين الدولة في دساتيرنا الذي يتضمن تبعيته لها توجهه حيث شاءت، ودولة الدين كما نفهمها من إسلامنا، وتعني أن الدين هو الذي ينشئ الدولة ويوجهها
-5-
قولك: (وأقول: إن لهذه الحضارة الغربية إبداعات هائلة ومحاسن لا يمكن ولا يجوز إنكارها لصالح البشر غير أن جوانبها اللاإنسانية ما عادت تخفى على حكماء الغرب قبل أي أحد آخر وربما أكثر من أي أحد آخر وإن ترك المجال لتجارب حضارية أخرى وعدم محاولة قهر هذه التجارب المختلفة لصياغة البشرية كلها على القالب الغربي هو أمر فيه الخير للبشر كلهم بمن فيهم إنسان الغرب.))
لا شك فيما تقول ولكن لنأخذ أزهي ما تفاخر به هذه الحضارة وهو الديموقراطية - بغض النظر عن موقفنا منها - ألا ترى أنها هناك ديموقراطيتين لديها واحدة في بلادها وأخرى للتصدير، كديمقراطية العسكر في كل من تركيا والجزائر. الأمر الذي أدى بأحدهم إلى القول :"الديموقراطية حذاء مفصل على مقاس قدم الغرب". وهنا يتذكر المرؤ ما ساوى به الإسلام بين الخلق0
-6-
نشرت ما يلي دون إذنك يقينا مني بأنك لا تمانع عموم الفائدة
http://www.werith.com/vb/showthread....&threadid=2458
http://www.qal3ah.org:6061/vb/showth...threadid=52283
http://www.sakifah.org:22222/vb/show...threadid=15811
حفظك الله ورعاك.