من صحة الإيمان الاعتقاد بأنه لا يموت الإنسان إلا عند انقضاء أجله ، ولا ينتقل من هذه الدنيا إلا مع انتهاء عمره
{
فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون }
والمسلم لا يقاس عمره بالأيام والسنوات ، بل بالأعمال والتضحيات والبطولات.
نحو العُلا يا شيبة الإســلامِ
وإلى جوار الناصـر العلاّمِ
ياسين إن قتلوك في غدرٍ، فكم
قتلوا نبيّاً في نهارٍ دامي !!
ياسينُ يا شيخ البسالة والعلا
يا قدوةً لجحافل الإســلامِ
في صوتك المبحوح صدقُ عزيمةٍ
أقوى من الآلات والألغـامِ
عبّأت للجنـات ألـف كتيبةٍ
وصفعت وجه البغي والإجرامِ
ولسانُ حالك: عيشةٌ أبديّـة
في جنّة الأرواح والأجســامِ
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله ؟ ، قال:
الصلاة على وقتها ، قيل : ثم أي ؟ ، قال :
بر الوالدين ، قيل : ثم أي؟ ، قال :
الجهاد في سبيل الله.
ويتردد صدى قول الله تعالى : {
والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم* سيهديهم ويصلح بالهم* ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم* يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم }.
ولقد شق على النفوس سماع خبر استشهاد المجاهد، لا الجهاد، فالجهاد مستمر ما بقي الليل والنهار، وقافلة الأحامد والأماجد تمد الدنيا بشهداء على الحق.
ستظلُّ نجماً في سماءِ جهادنا
يا مُقْعَداً جعل العدوَّ جبانا
في زمن
الإفلاس العسكري ، و
العهر السياسي ، و
النفاق الاجتماعي ، تتحرك القوى
لتضرب كراسي المقعدين ، أي
إنسانية يدعونها! وأي
مدنية ينادون بها! وأي
حضارة يحاولون بناءها!
ويبقى الإيمان هو الأقوى ، فرجل على كرسيه المتحرك ، وبأطرافه التي لا تعمل ، دوَّخ أعتى الدول ، حتى سخرت أقوى الأسلحة الفتاكة ، وأحدث الطائرات المتطورة الـ F16 ، والأباتشي ، لتوجه صواريخ ثلاثة على كرسي يحمل رجلاً بطلاً بفكره ، عاجزاً بجسده ، رجل لولا الكرسي لما غادر مكانه.
فمن الدروس التي استفدناها:
1- أن العظماء في كل البقاع، وفي كل الأزمنة هم الذين يضحون بأنفسهم ونفيسهم من أجل بقاء مبادئهم؛ فالمبادئ هي التي تعيش ولو تقطعت الأجساد، وتمزقت الأعضاء، وتحول البدن إلى أشلاء.
2- أن القوة الحقيقية ليست بالسلاح والنار، وليست بالأجساد والأبدان؛ بل بكمال العقيدة وقوة الإيمان ، وبإرادة فولاذية، وعزيمة حديدية.
3- ازددنا معرفة بمدى الحقد المستحكم في قلوب أعداء الله يهود ، قال الله تعالى: { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم }.
وأنت أيها الشيخ الجليل:
بعد صلاة الفجر عزمتَ
ترحلُ عنا.. بعد الفجرِ
في عتبات المسجد أضحى
دمكَ الطاهرُ حُرًّا يجري
ودّعتَ الدنيا بسجـودٍ
لله بمحـــراب الطهـرِ
يا من لا تحمل كفيكَ
كيف حملتَ هموم العصرِ!
يا من لا تملك قدميكَ
كيف شققتَ دروب النصرِ!
يا من قد غامت عيناك
كيف قنصتَ شعاع الفجرِ!
شيـخَ الأمة : لا ينقصـنا
إلا قلبُ إمـامٍ حـر
نحمدُ ربَّ الأقصى أنا
عِشنا عصرَ إمام العصرِ
هذه البطولات تذكرنا ببطولات الصحابة الكرام؛ يوم كان الواحد منهم يحمل هم الأمة على كاهله ، ويجعل نشر الإسلام على عاتقه، وكأنه الوحيد في الميدان؛ دون توقف عند ظل زائل أو عَرَض حائل أو عارية مستردة.
يعلم المسلمون مارواه رجال الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: " نصرت بالرعب مسيرة شهر " ، وأفاض العلماء في بيان معنى الحديث ، واستفاض المؤرخون في بيان وقائع الحديث؛ حيث كان الله يقذف الرعب في قلوب أعداء الإسلام والذي يسعوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصره عليهم قبل انطلاقة جيش المسلمين من المدينة بشهر.
واليوم نرى معنى جديداً للحديث؛ فهذا الرجل الذي رأيتم شكله، وعرفتم هيكل جسمه، ونحول عظمه، عيون تكاد لا تبصر، وأيدٍ لا تتحرك من موضعها ، وأقدام لا تقوى على النهوض بالجسم النحيل : دوخَّ من على كرسيه عروش الصهاينة الأعداء ، وقذف الله في قلوبهم الرعب منه؛ فاستهدفوه وتبجحوا بتنفيذ مهمتهم وتعالت أصوات ضحكاتهم بما غدروا.
وما دروا أنهم بفعلهم هذا أيقظوا ضمائر الشعوب، ولفتوا أنظار العالم إلى مكرهم، ولطخوا سمعتهم بالعار، وجعلوا أمة الإسلام تستيقظ، وتجمع على خيار المقاومة.
وأختم بالقول:
شيخ قعيد أحيا أمة، ونال شهادة، فمتى يتحرك صحيح البدن ضعيف الهمة.
تحياتي