http://www.palestine-info.net/arabi...1/details.htm#6
زغاريد والدة الشهيد لا تنفك تصدح في أرجاء البلدة .. والدا أبو هنود يرفضون عبارات العزاء ويتقبلون التهاني باستشهاد ابنهما محمود
نابلس - قدس برس
بدت والدة الشهيد محمود أبو هنود "أم أحمد" وكأنها في عرس, تطلق الزغاريد كلما دخل نسوة أو خرجن من بيت العزاء في نجلها الشهيد, وترفض كلمات العزاء, وتقول أريد أن أتقبل التهاني فقط. ولم يكن حال زوجها أبو أحمد, الذي بدا وهو في زيه الريفي أشبه بالمقاوم الفلسطيني حتى في شكله وملبسه مخالفا لذلك, فكان يردد هو الآخر أنه لا يستقبل المعزين, وإنما المهنئين باستشهاد ابنه البطل محمود.
وبالرغم من حالة الوجوم, التي أصيب بها أم أحمد عند سماعها نبأ استشهاد نجلها محمود, إلا أنها تذكرت وصيته لها, وهي تزوره في سجن نابلس, بأن لا تبكي عليه, بل أن تزغرد إذا استشهد, ففعلت ذلك مرارا وحدها وأمام عدسات الصحفيين.
وقال والده "الحمد الله الذي شرفني باستشهاد ابني البطل محمود, بعد أن لقن الأعداء درسا لا يمكن نسيانه", مضيفا أن الشهادة هي أسمى ما تمناه الشهيد محمود, وهي التي نالها, فكانت له الجنة, مستغربا من فرحة رئيس الوزراء الصهيوني آرائيل شارون باغتيال نجله, دون أن يعلم أنه في أعلى مراتب الجنان في السماوات العلى.
وبلهجة تمزج بين الصرامة والثقة يضيف والد الشهيد قائلا إن الشعب الفلسطيني سيواصل المقاومة حتى دحر الاحتلال ورفع راية الإسلام على هذه الديار. وقال لقد غادر محمود إلى المجد, وأنا في غاية الفرح من أجله, وكل حزني أنهم غدروا به بقصفه من الجو ولم يجرؤا على مواجهته.
وقالت والدته إنها على يقين أن الموت نهاية كل حي, ولكن حزنها لطريقة القتل, التي تمت بوحشية لم يسبق لها مثيل. وقالت إنها تتحدى الصهاينة أن يواجهوا ابنها وجهها لوجه, حتى يعرف شارون ماذا سيفعل بهم. وقالت "لولا العملاء الأنذال لما وصولوا إليه", داعية إلى ملاحقتهم, والزج بهم في السجون, ومحاكمتهم وإعدامهم لأنهم خونة ومدسوسين.
وأضافت تقول "لا زلت أتذكر الأيام التي كنت أزوره فيها في سجن مجدو عام 1988, حيث كان معتقلا وكان مصابا, ورغم ذلك ما كان يشكو ألبتة, وكان يوصيني بعمل الخير, والدعاء له ولإخوانه". وأشارت إلى أنه كان يرفض إلحاحها عليه بالزواج, ويقول لقد اخترت زوجتي في الجنة, ومهرها استشهادي.
وتضيف كان كتوما لا يعرف أحدا سره, وقد تكشفت الكثير من الخفايا بعد استشهاده لم يعلمها حتى أقرب المقربين إليه. ويقول والده إن نصيحته للشهيد كانت دائما أن "لا يموت ببلاش, وأن يذيق الأعداء المر والألم كما أذاقوه للشعب الفلسطيني, وأن لا ينام بالشقق, وأن يفترش الجبال والوديان".
وبعد مغادرة طالبات المدارس مدرستهن في مسيرة صوب منزل الشهيد أبي هنود, وقفت والدته تزغرد, وخاطبتهن بالقول إن العلم هو السلاح الذي ينبغي أن نتسلح به, وأن عليهن العودة إلى صفوفهن ومواصلة الدراسة, لأن تلك هي وصية الشهيد محمود.
ولا تكف والدة الشهيد عن مخاطبة الحضور, وإطلاق زغرودة عند قدوم أي وفد جديد. وقالت إن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" اتصل بها هاتفيا مهنئا باستشهاد محمود, فقالت له أنا أمية, وأخشى أن لا أكون موفقة في الأحاديث للصحفيين, فرد عليها أن صدى كلامها سمع به في العاصمة القطرية الدوحة حيث يوجد, وأشاد بما قالته, وقال لها يا أم أحمد نحن فخورون بك وبأبي أحمد.
وأثناء دفن الشهيد محمود في مقبرة البلدة, اخترقت زعرودة أم أحمد حالة الصمت, التي سادت المكان, وتوجهت الأنظار إلى مصدر الصوت, فإذا بوالدة الشهيد تقف على ربوة مطلة على المقبرة, وهي محاطة بمئات النسوة والفتيات.
أما مصطفى وأحمد شقيقا الشهيد فقد التف حولهم المئات من المعزين يستمعون إلى قصص الشهيد وخفايا حياته, التي لا يعلمها الناس, وكان قد ذكرها لأخويه عندما كانا يزورانه في السجن, لتصبح حديث الناس في منازلهم وأنديتهم.
وأمام كاميرات المصورين كانت أم أحمد تظهر ببساطة المرأة الريفية, وهي تخاطبهم دون تكلفة, مما جعلها المواطنة الفلسطينية اللامعة, التي تشد انتباه كل المشاهدين.