إتهام الأمة ورميها بالشرك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ورضي الله عن أصحابه أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان ... وبعد:-
هناك عدد من الأمور والمسائل التي طال الجدال فيها حول أمور تكلم فيها العلماء وبتوا في أمرها من ناحية الجواز والحرام وغيره، ونجد الذين ينهون عنه يتهمون المجوزين لها بالشرك تارة، وبالتضليل تارة، وبالبدعة تارة، وبمخالفة السنة تارة أخرى.
ونجد أيضا أنهم يحملون الحقد ضد أخوتهم المؤمينين لخلافيات فقهية لا تتعدى كونها خلاف فقهي، جعلوها أحد الطوام، ومعاول تهدم الإسلام.
أول ما سوف أتكلم فيه هو رمي الأمة بالشرك أو أن لديهم من الشركيات ....
قال تعالى في كتابه الكريم في أواخر سورة التوبة
{لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
فهل يوجد هناك من هو أحرص من سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على هذه الأمة؟!! طبعا لا يوجد.
ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يخش على أمته من الشرك الأكبر المخرج من الملة وهو الظلم العظيم أن نجعل لله ندا وهو خالقنا ، سوى الشرك الأصغر أو الشرك الخفي وهو الرياء على أنه أحرص الناس على أمته صلى الله عليه وآله وسلم .. والدليل:-
أولا: جاء في صحيحي البخاري ومسلم حديث عن عقبة بن عامر الجهني عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(( ..... إِنِّي لَسْتُ أَخْشَىٰ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي. وَلٰكِنِّي أَخْشَىٰ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا، كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ».
قَالَ عُقْبَةُ: فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ عَلَى الْمِنْبَرِ....
واللفظ لمسلم.
في لفظ (( ... وإني والله لا أخشى عليكم الشرك من بعدي )) وهذا اللفظ متفق عليه
وهذا الحديث ثابت في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما أما في البخاري فستة مواضع منه وأما في مسلم ففي موضعين أو ثلاثة.
ثانيا: جاء في مسند أحمد وكذا في المستدرك على الصحيحن للحاكم النيسابوري رحمه الله (4/330 ) من رواية عن عبد الواحد بن زيد عن عبادة بن نسي قال: دَخَلْتُ عَلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فِي مُصَلاَّهُ وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟
قَالَ: حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ . قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إذْ رَأَيْتُ بِوَجْهِهِ أَمْراً سَاءَنِي، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الَّذِي أَرَى بِوَجْهِكَ. قَالَ: «أَمْراً أَتَخَوَّفُهُ عَلَى أُمَّتِي: الشِّرْكُ، وَشَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ».
قُلْتُ: وَتُشْرِكُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: «يَا شَدَّادُ إنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ شَمْساً وَلاَ وَثَناً وَلاَ حَجَراً وَلكِنْ يُرَاؤُونَ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرِّيَاءُ شِرْكٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: فَمَا الشَّهْوَةُ الخَفِيَّةُ؟ قَالَ: «يُصْبِحُ أَحَدُهُمْ صَائِماً فَتَعْرِضُ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا فَيُفْطِرُ». قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ثالثا: وفي مسند الإمام أحمد ( 4/ 371 ) عن جابر بن عبد الله يقول: «قَدْ يَئِسَ الشَّيْطانُ أنْ يَعْبُدَهُ المسلمونَ، وَلٰكِنْ في التَّحْرِيش بَيْنَهُمْ» .
وكذلك بلفظ آخر وهو ((إن الشيطان قد يئس أن يعبده المسلمون..)) مسند الإمام أحمد (3/384) ومسند أبي يعلى (4/79) .
رابعا:وفي مسند الإمام أحمد أيضا أن عبادة بن الصامت وأبو الدرداء قالا لشداد بن أوس عندما قال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخشى على أمته الشهوة الخفية والشرك فقالا له: (( فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء: اللهم غفراً أولم يكن رسول الله قد حدَّثنا أن الشيطان قد يئس أن يُعبد في جزيرة العرب؟! ... الحديث)) (4/126)
فهذا دليل على أن هذه الأمة لا تقع في الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام بهذه الأحاديث الصحيحة والمتفق عليها عند الشيخين رحمهما الله تعالى ، فلا يوجد من يؤمن بالله ورسوله سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – من يعبد أو يعظم أو يحب شيئا أو يخشى شيئا من دون الله أو مع الله تعالى أو يساويه به جل وعلا...
ولكن هناك إشكال يثار حول هذا الكلام فيه:-
1) روى البخاري في صحيحه في كتاب الفتن باب تغيير الزمان وفيه عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقومُ الساعة حتى تَضطَربَ ألياتُ نساءِ دَوسٍ على ذي الخلَصة». وذو الخلصة: طاغية دوسٍ التي كانوا يَعبدون في الجاهلية.
2) أن العرب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ارتدت عن الدين فقاتلهم سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعرفت بحروب الردة.
3) وهناك حديث في صحيح البخاري وغيره أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له في حَجَّةِ الوَداعِ: اسْتًنصِتِ الناسَ. فقال: «لا تَرجِعوا بَعدِي كُفّاراً، يَضرِبُ بَعضُكم رِقابَ بَعضٍ».
فما الجواب علي هذه الأمور؟؟
----------------------------------
تابعونا غدا إن شاء الله
آخر تعديل بواسطة المؤيد الأشعري ، 31-07-2007 الساعة 01:34 AM.
|