تُرى ..
هل تعرفون لماذا لم يقدم أي مسؤول عربي استقالته من منصبه احتجاجا ، أو تذمرا أو فقط على سبيل المزاح طيلة عقود و منذ يوم الاستقلال المجيد ؟ ( أي مجد يا بليد) .
إن السبب يا أعزائي بسيط للغاية .
لأنه يبدو أن مؤخرات مسؤولينا، وزرائنا و حكامنا على الخصوص ، تستطيب الكراسي الوثيرة التي تجلس فوقها، و أنه مع مرور السنين نشأت بينهما علاقة حميمة ( الكرسي و مؤخرة المسؤول العربي )، و ربما بالفعل سقط أحدهما في غرام الآخر فأصبح قيام أحدهما عن الآخر صعبا، و فراقهما ضربا من المستحيل .
أيها الكرسي .
في سبيل الجلوس فوقك تقوم الحروب و الفتن، و يحارب الشقيق شقيقه، و يعلن البعض أن السلام هو الخيار المحشي الوحيد.
في سبيلك يتسابق المتزلفون لتلميع الأحذية النجسة و تقبيل الأيدي الوسخة ، و مدح أصحاب الجلالات الماسخة ، طمعا بالجلوس على كرسي آخر..
في سبيلك يصبح الحاكم الأمي الذي لم يكن بالامس فقط يفرق بين الذي و التي ، قادرا على ارتجال الخطب بطلاقة أمام الجمع المنافق..
في سبيلك يصبح الذين لا يستطيعون الدفاع حتى عن مؤخراتهم، مستعدين للدفاع عن مستقبل البلاد و وحدتها، و عن القدس و كل بلاد العرب، و يترأسون القمم و ينظمون المؤتمرات ..
في سبيلك يجلس اليميني الانتهازي ، بجانب اليساري الثوري ( من الثور و ليس الثورة ) على طاولة اجتماعات واحدة ، يتبادلان القبل و كلمات الغزل ، في انتظار لحظة الاستفراد بك يا عزيزي المواطن العربي ..
في سبيلك تنظم الدولة الانتخابات ، و تجند المئات و المئات ليشرحوا لك لماذا و كيف تصوت ، لتفهم أنت أن الامر يتعلق بمسلسل كوميدي بئيس و أغنية قديمة تتكرر حسب الطلب .
و في سبيلك يرفع الحاكم شعار الشباب ، مع أن الشيء الوحيد الذي قدمه تجاه هذا الشباب ، هو منعه من أي مشاركة أو نشاط سياسي " لا تجادل و لا تناقش يا ولد ، لا تنازع الأمر أهله ، و عسى ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم، بايع و إلا تمت ميتة جاهلية، الديمقراطية بدعة و كل بدعة ضلالة" و هكذا حتى يظل الحاكم و زبانيته و حدهم الجالسين فوقك الى أن يشيخوا و تصاب أطرافهم بالارتعاش ، و ذاكرتهم بالزهايمر .(
أيها الكرسي الوثير ..
يا مانح الراحة للمؤخرات الثقيلة . . .
و العمق الاستراتيجي من السمنة للمؤخرات العجفاء
أيها الكرسي المتحرك ...
الذي يدور حسب ما تشتهيه الرياح الشمالية الغربية
رجاء يا عزيزي الكرسي ..
سواء أكنت في القصر أو في البرلمان .
في الادارة أو فقط في دورة المياه .
كن صلبا قليلا ، كن مؤلما ، كن شائكا ..
حتى لا تستطيبك المؤخرات أكثر من اللازم .
أيها الكرسي الطيب .
الذي يبيع الحكام شعوبهم لأجله ..
يا مانح الخلود للعباد الفانين ..
و مانح السلطة للمخنثين ..
لو فقط تحولت من كرسي وثير الى كرسي كهربائي ..
من كرسي دوار في كل اتجاه الى كرسي دورة مياه ..
فكم من حاكم و مسؤول يستحق أن تصعقه حتى الموت ..
و كم من حاكم و مسؤول عندما يجلس فوقك و يتحمل المسؤولية ،
و يجدها أثقل مما كان يظن ،
و يعجز عن التدبير الحكيم لشؤون الوطن
فيصنع فوقك ما كان يجب أن يصنعه فوق كرسي دورة المياه..
الإهداء إلى أرغون.
أخي الذي لم تلده أمي.