الحصري و(ياليل الصب)
يكتبها: زهير ظاظا
(يا ليل الصب متى غده) أشهر قصائد الغناء العربي على الإطلاق، وهي القصيدة التي جعلت من أبي الحسن الحصري أشهر من نار على علم، وهو أبو الحسن علي بن عبد الغني الحصري الفهري الضرير
مولده عام 420هـ في حي الفهريين في القيروان، يتّصل نسبه بعقبة بن نافع الفهري مؤسس القيروان وفاتح أفريقيا، أما نسبة الحصري فيقال: إلى صناعة الحصر ويقال: إلى مدينة حصر الدارسة والتي كانت قريباً من القيروان، وهو ابن أخت أبي إسحق الحصري صاحب (زهر الآداب) المتوفى 413 قبل مولد أبي الحسن.
والأرجح أنه فقد بصره في طفولته ولم يولد كفيفاً كما زعم صاحب معجم المؤلفين
وكان فقده لبصره سبباً لولوعه بتقليد أبي العلاء في شعره ورسائله (مع أنه معاصر له)، ومن الغريب أن يمتد تشابه الرجلين إلى تشابه الحوادث التي لقياها انظر أمثلة من ذلك في كتاب المرزوقي والجيلاني (أبو الحسن الحصري القيرواني ص63).
وفي مقتبل شبابه كانت فتنة بني هلال في القيروان سنة 449، تلك الفتنة التي شتَّتت أهل القيروان حفاةً عراةً في الفيافي والوديان، ورحلت بعدها أسرة الحصري إلى سبتة، فبقي فيها زهاء عشر سنوات، ثم تركها إلى إشبيلية ملتمساً الحظوة عند المعتمد بن عباد، ثم تركها إلى دانية لما علا نجم ابن مجاهد العامري، ولم يبرح أن تركه إلى سرقسطة مجتذباً عطف ابن هود، وفيها اتصل بوزيره اليهودي ابن حسداي فأسبغ عليه النعمة ووفّر له الحماية، ثم قصد ابن صمادح صاحب المرية ووجد عنده كل ترحيب وإكرام، ومكث عنده مدةً ثم رحل قاصداً ابن طاهر صاحب مرسية، فعظمت مكانته عنده ومدحه بالقصيدة التي ذاعت شهرتها وطبقت الآفاق وتنافس المغنون في تلحينها والشعراء في معارضتها، وكانت تلك القصيدة هي قصيدة (ياليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده).
وبالرغم من إكثار الحصري من كتابة الشعر وتعيشه بمدائح الملكوك زهاء نصف قرن، وكتابته في مختلف أغراض الشعر حتى ترك أربعة دواوين، بالرغم من ذلك كله بقيت قصيدة ياليل الصب هي الاسم الثاني لأبي الحسن الحصري وهي اللفتة السانحة التي نفحته الخلود.
أما دواوينه الأربعة فهي 1 (ديوان مستحسن الأشعار) وهو فيما قاله في المعتمد بن عباد 2 ديوان المعشرات وهو شعره الفنِّي الغزلي، يبتدئ كل بيت فيه بالحرف الذي يقفَّى به 3 ديوان مختلف المناسبات 4 ديوان اقتراح القريح واجتراح الجريح، ويشتمل على 2591 بيتاً في رثاء ولد له مات ولم يتم العاشرة، وكان إماماً في مسجد ناحيته، جامعاً لمعلومات يعجز عن إدراكها الكبار، وقد توفي وهو في حضنه، ووصف ذلك بقصائد تتفتت لها الأكباد.
أما معارضات الشعراء ل (ياليل الصب) فتطول قائمة أسماء الشعراء الذين عارضوها فيما إذا أثبتنا أسماءهم ههنا، إذ إن الكثير من أولئك المعارضين لا يُعرَف عنهم من شعرهم سوى أنهم كتبوا معارضة ل (ياليل الصب)، حتى وجد من معارضيها من ضاع اسمه وبقيت معارضته، وحتى وجد ثلاثة شعراء من أسرة واحدة ساهموا في معارضتها وهم فوزي معلوف وعيسى معلوف وقيصر معلوف، وقد أورد المرزوقي في كتابه 38 معارضة من مختلف العصور، أشهرها ولا شك معارضة شوقي الذائعة الصيت (مضناك جفاه مرقده) ومنها معارضة أبي القاسم الشابي وخير الدين الزركلي وأحمد عبيد وأبي الهدى الصيادي والزهاوي وإسماعيل صبري ومحمود بيرم التونسي.
http://www.cultural.org.ae/new/Majal...ag/Qaseeda.htm