المتحف
كنت مؤخرا بعد مدة طويلة فى أجازة لزيارة الأهل ، وفى إحدى المرات حضر للسلام على مجموعة كبيرة منهم للتحية ... رحت أتصفح الموجودين فرأيت وكأنى أشاهد متحفا للإنسان ، رأيت المرأة التى تحمل فى أحشائها جنينا ، ورأيت الطفل الرضيع ، ورأيت أطفالا فى أعمار متدرجة ، ورأيت شبابا ، أمهاتا ، آباء ، ومن بلغ من الشيخوخة مثلى ، فقلت سبحان الله العظيم لقد مررت أنا بهذه المراحل كلها ، وها أنا أشاهد بنفسى تطورات نفسى وهذا ما يعاينه الجميع بأنفسهم مصداقا للآية الكريمة فى سورة الأعراف :::
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ {172}"
الكل يرى هذه السلسة المعجزة والتى تدل على عظمة الله سبحانه وقدرته ، وهذا هو الميثاق الذى يأخذه سبحانه وتعالى علينا فى الدنيا ، لنقر به مؤمنين ، ويجحده الكافرون عنادا ولكنه يلزمهم بالرغم عنهم ، نقول جميعا "بلى ربنا نشهد بأنك ربنا" ... يقولها المؤمن بلسانه ، ويقر بها الكافر بحاله .
هذه السلسلة التى تدرجت من جنين إلى شيخ ، كيف تطورت ؟؟؟ أليس بنتاج التراب الذى خلقت منه ؟؟؟ تعتمد هذه السلسة فى نموها على النبات والحيوان ، ويعتمد النبات ومن ثم الحيوان على مكونات التراب ، وبقدرة الله رب العالمين ، يتحول هذا التراب إلى مطعومات نستسيغها من خضروات وفاكهة ولحوم .
يحتج سبحانه على النصارى بأن سيدنا عيسى عليه السلام وأمه "...... كانا يأكلان الطعام ...." ، وما دام كل ذرة من الطعام هى من التراب ، فكذلك سيدنا عيسى عليه السلام منذ أن كان جنينا فى بطن العذراء إلى أن رفع إلى السماء ، كان يعتمد فى معيشته على هذا التراب ، فهو من التراب .
هذه آيات تمر أمامنا ونحن عنها غافلون . وذلك كما ورد بسورة يوسف :::
"وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ {105}"
اللهم لا تجعلنا من الغافلين ولا تجعلنا من المعرضين ، واجعل كل أوقاتنا تدبرا فى آياتك وعظمتك .
|