بسم الله الرحمن الرحيم
من تفسير الشيخ الشعراوي لآية (51 ) من سورة آل عمران
( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ )
المرء في الأحداث بين اثنين عمل يشق علية فيحب أن يتجنبه وعمل يستهويه فيحب أن يقترب منه والمنهج جاء من السماء ليقول للإنسان افعل ولا تفعل إذن فهناك مشقة في أن يحمل الإنسان نفسه علي أن يقوم بعمل ما من أعمال التكليف ومشقة أخرى في أن يبتعد عن عمل نهي عنه التكليف .
معظم الناس لا تلتفت إلى الغاية الأصلية ولا يفهمونها حق الفهم فيأتي أنصار الشر ولا يعجبهم حمل نفوسهم علي مرادات خالقهم إن أفكار الشر تلح علي صاحبها فيتمرد علي التكليف الإيماني وأفكار الشر تحاول الاقتراب بصاحبها من فعل الأمور التي حرمها التكاليف ولذلك ينقسم الناس لأنهم لم يحددوا هدفهم في الوجود .
إن كل حركة في الوجود يمكننا أن نعرف أنها حركة إيمانية في صالح انسجام الإنسان مع الكون أو هي حركة غير إيمانية تفسد انسجام الإنسان مع فطرته ومع الكون فإذا كانت الحركة تصل بالإنسان إلى هدفه الإيماني فستكون حركة طيبة و حسنة بالنسبة للمؤمن وإذا كانت تبعده عن الهدف تكون حركة سيئة وباطلة وهكذا نري ان الهدف هو الذي يحدد الحركة .
إن التلميذ الذي يذهب إلى المدرسة له هدف بان يتخرج في مهنة ما ومادام ذلك هو هدفه فنحن نقيس حركة سلوكه هل هي حركة تقربه إلى الهدف أم تبعد به عنه فان كان مجتهدا فاجتهاده حركة تقرب له الهدف وان كان كسولا خاملا فإنه يبتعد بنفسه عن الهدف إذن يجب أن نحدد الهدف حتى نعرف هل يكون هذا العمل صالحا أو غير صالح .
وآفة الناس انهم عندما يحددون أهدافهم يقعون في اعتبار ما ليس بالهدف هدفا وغاية ومادام هناك من يعتبر غير الهدف هدفا فلابد من حدوث اضطراب وضلال فالذي يعتبر أن الحياة هي الهدف فهو يريد أن يحقق لنفسه اكبر قدر من اللذة فيها أما الذي يعرف أن الهدف ليس هو الحياة إنما الحياة مرحلة
نسأله ما الهدف إذن فيقول انه لقاء الله والآخرة
هذا المؤمن سيكون عمله من اجل هذا الهدف ولكن الضال الذي يري الدنيا وحدها هدفه ولا يؤمن بالجنة أو النار هو غارق في ضلاله ويقبل علي ما تشتهيه نفسه ويبتعد عما يتعبه وان كانت فيه سعادته .
لكن المؤمن يعرف ان الهدف ليس هو الدنيا وان الهدف في مجال أخر لذلك يسعي في تطبيق التكاليف الإيمانية ليصل الي الهدف وهو الجنة أذن ما يفسد سلوك الناس هو جهلهم بالهدف وحين يوجد الهدف فالإنسان يحاول أن يعرف العمل الذي يقربه من الهدف فيفعله فهذا هو الخير اما الذي يبعده عن الهدف ويفعل عكس الموصل أليه فهذا هو الشر