مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 07-05-2002, 04:51 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي الجزء الثالث( حقيقة كفر وجرم حزب الله في لبنان فضحه الله)

تحديث القيادة الشيعية:
===============

وسع موسى الصدر أن يقول: «لقد أخذت بيد رجل الدين لأدخله في المجال الاجتماعي، ولقد رفعت عنه غبار القرون»(7). «فلقد آذن النحو الذي نحاه موسى الصدر في بناء القيادة الشيعية في العقد السابع من القرن العشرين الميلادي بتحول كبير في رسوم هذه القيادة وفي ترتيب معاييرها. فتصدى الشاب ذو الثلاثين ربيعاً لمثل هذه المهمة، القيادة، من غير ادعاء علم يفوق علم أقرانه، ومن غير الإدلال بإجازات ولا بتآليف أو اجتهادات. ولم يَعْنِ ذلك عزوفاً عن الخوض في المطالب الدينية. فهو توسل إلى غاياته بالعمل السياسي الجماهيري، وبتكثير العلاقات ونسج الروابط التي تجعل منه وسيطاً وطرفاً في شبكة الروابط اللبنانية والإقليمية. فتوجت مكانته، وإمامته، فلاحَ نهجه في إظهاره من يتكلم باسمهم، بمظهر القوة السياسية والاجتماعية التي ينبغي احتسابها في المشاريع العامة المختلفة، وإذ انضوى إلى الصدر وإلى حركته معظم العلماء الشيعة اللبنانيين واعتزلته جماعات أخرى منهم: أنصار حزب الدعوة، والمتحلقون حول الزعامات التقليدية، وأنصار التيارات التقدمية والعلمانية، ومردُّ ذلك إلى عمله السياسي في المرتبة الأولى. إلا أن الدور السياسي لم يـورث مرجعية دينية وفقهية التي بدا أن الصدر لا يوليها اهتماماً كبيراً، برغم حرصه وحرص شرف الدين الذي جاء الصدر ليخلفه، على تكثير العلماء، وتمهيد سبل إعدادهم. فتصدر الشيعة اللبنانيين تصدراً متنازعاً رجلُ دين لم يُجمِع أقرانه عليه، ولم يسع هو إلى مثل هذا الإجماع. لذا خلت مسألة المرجعية من كل مضمون، وجلا عنها كل إلحاح، فلم يتصدّ لها أحد من العلماء، لا قبل الصدر ولا بعده، فأثَّر موسى الصدر في إخلاء مسألة المرجعية من مضمونها وإلحاحها، برغم أن السياسة الخمينية تنهض في وجه من وجوهها على إنشاء سلك علمي وديني واسع ومتماسك تسوسه على نحو مركزي»(8).

وبهذا فقد أضعف الصدر إلى حد كبير دور الزعامات الشيعية التقليدية التي لم تكن لها تطلعات ثورية، وارتضت واقع العيش اللبناني، والتمسك بالمكاسب الخاصة دون النظر لتطلعات وآمال وآلام الأمة الشيعية إن لم يكن قضى عليها.

2 ـ وضوح التميز الطائفي:

اتخذ الصدر لإجلاء صورة الطائفية الشيعية أمرين مهمين:

الأول: تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: جاهد الصدر كثيراً لضم الشتات المبعثر لشيعة لبنان، وما أن بدأ الالتئام حتى سعى إلى الانفصال التـام بالشيعة باعتبارها طائفة مستقلة عن المسلمين «السنة» في لبنان، فقد كان للمسلمين في لبنان مفتٍ واحد ودار فتـوى واحدة، وكان المفـتي وقتـها هو الشيخ حسن خـالد ـ رحمه الله ـ، وادعى الشيعة أن الشيخ حسن خالد رفض التوصل إلى عمل مشترك معهم(9)، وفكر الشيعة في إنشاء «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» عام 1966م ووافق مجلس النواب اللبناني على إنشائه واختير الصدر رئيساً للمجلس، وبهذا أصبحت الشيعة طائفة معترفاً بها رسمياً في لبنان كالسنة والموارنة. وأصبح هذا المجلس المرجعية السياسية والدينية الجديدة التي تهتم بكل ما يتعلق بالشيعة اللبنانيين وبجميع شؤون حياتهم ومماتهم، وتحولت المرجعية بهذا المجلس من مرجعية فردية إلى مرجعية مؤسسية، وإن لم يتم التخلي عن دور المرجع الشخصي.

الثاني: تأسيس حركة المحرومين: أخذت هذه الحركة في بدايتها بالسمة الاجتماعية والمناداة بتحسين أحوال الشيعة في لبنان، وخاصة سكان الجنوب، ووضع لها الصدر شعارات براقة، كالإيمان بالله والحرية والعدالة الاجتماعية والوطنية وتحرير فلسطين، وأن الحركة لجميع المحرومين وليست خاصة بالشيعة، «فنزعت هذه السياسة مع موسى الصدر إلى استدراك ما فات الشيعة اللبنانيين من لحمة ومن قوة، وذلك من طريق وصل ما انقطع بين المقيمين في الأرياف وبين النازلين المدن، ومن طريق تقريب ما تباعد بين أهل جنوب لبنان وبين أهل بقاعه أو شماله الشرقي، وكان على حركة الصدر أن تصور الفروق الاجتماعية والثقافية المتعاظمة في صفوف الشيعة في صورة الأمر الهين والثانوي، والذي يتأخر عن وحدة جماعتهم زمناً قبل أن تتداركه فتجلو الجماعة الشيعية واحدةً، سياسة واجتماعاً. فجاءت السياسة الشيعية الجديدة تتويجاً لانفكاك السياسة من الحياة الاجتماعية ومن علاقاتها، وتتمة لهذا الانفكاك. لكن هذه السياسة نقلت إلى جملة الطائفة ـ أي إلى كل الشيعة ـ ما كانت الأنظمة النيابية والانتخابية تنيطه بطاقم نيابي، تتصدره مـراتب عائلية بعينها، لا تتصل بالحياة الاجتماعية إلا من طرق مواربة، ولما كان «كلّ» الشيعة، شأن «كلّ» أو «جميع» أي جماعة، لا كيان له إلا متخيّلاً ومتوهماً ومرموزاً إليه، عمل موسى الصدر على نصبه وتجسيمه في شارات تقربه من المخيّلات، وتحمله على الحقيقة. فكانت التظاهرات الكبيرة التي تجمع عشرات الألوف من الناس، وتضمّ أجنحة الشيعة اللبنانيين، في الجنوب والبقاع، وفي الريف والمدينة، وكان رفع «الحرمان» شعاراً ليميز في الشيعة أنفسهم الذين أقاموا على التشيع الحق ـ على ما يراه الشيعة ـ وما يفترضه من قهر أو «مظلومية»، ليميزهم عن الذين تخلوا عن قومهم والتحقوا بذوي الامتيازات. ولكنَّ لشعار «الحرمان» دوراً جامعاً؛ إذ يذكّر بالفرق بين الشيعة وبين غيرهم داخل الفئة أو المرتبة أو الطبقة الواحدة»(10).

وكان العديد من الشباب الشيعي قد انضم إلى جماعات مختلفة مثل التنظيم البعثي الموالي لسوريا والحزب القومي الاجتماعي السوري، وجبهة التحرير العربية التي يدعمها العراق، وبعض التنظيمات الماركسية المتعددة، ولقد كان من أسباب هذا الانضواء تحت هذه المذاهب المختلفة خلو الساحة السياسية من حركة شيعية تجمع هذا الشتات الكبير، كما أن هذه التنظيمات كانت تدفع رواتب مجزية لأعضائها، وقد كانت الحالة الاجتماعية للشيعة شديدة في فقرها. وعندما أعلن موسى الصدر عن حركة المحرومين دخلها من دخلها من هؤلاء بما هم عليه من أفكار هذا الشتات، وكما ضمت الحركة تلك التشكيلة المختلفة ضمت كذلك في ثناياها «الجماعة الإسلامية» أو الخمينية والإيرانية الولاء لاحقاً، وكانت أكثر الجماعات المنضوية تحت عباءة الحركة، وقد سعت للاستيلاء على الحركة من داخلها والسيطرة عليها فكانت حركة المحرومين هي «العباءة» التي لبستها وتسترت بها قبل أن يحين خلعها والسفور عن هوية سياسية مستقلة ومنظمة، ويبدو في تلك المرحلة أن الهم الأكبر كان جمع هذا الشتات الشيعي بأي شكل كان ،وتجميعه تحت قيادة جديدة تستطيع المحافظة على هذا الجمع إلى حين. وكان كذلك أن ذهب الصدر إلى علاج ما يلح عليه أهل الطائفة الشيعية، من احتياجهم إلى مرافق يتوسلون بها إلى ما فاتهم من تحديث التعليم والإعداد المهني والرعاية الصحية والاجتماعية، فأنشأ مدرسة الخياطة والتفصيل، ومدرسة التمريض، ومدرسة جبل عامل المهنية التي تخرج منها أهم كوادر المقاومة المسلحة لحركة أمل فيما بعد، كما شهد بذلك نبيه بري ـ زعيم الحركة بعد الصدر ـ،(11) كما أنشأ مبرة الزهراء ومستشفى الزهراء فيما بعد.

إلى هنا سنترك الصدر بهذين الإنجازين وسنعود إليه عندما يلتقي مع محمد حسين فضل الله في نقطة الانطلاق الثالثة.

--------------------
(1)أوليفيه روا ، تجربة الإسلام السياسي، ص 178.
(2) انظر ترجمته في: الإمام المستتر، فؤاد عجمي، والإسلام الشيعي عقائد وأيديولوجيـات، يان ريشار، وجاء دور المجوس، عبد الله الغريب، وتجربة الإسلام السياسي، أوليفيه روا، وأمل والشيعة، لنورثون.
(3) يذكر أن الأسرة الشهابية كانت من الأسر الدرزية التي تنصرت، انظر: الطائفية اللبنانية من النشأة حتى الأزمة، د. محمـود الصـراف، دار الهداية للطباعة والنشر، ص 15، وانظـر: تاريخ لبنان الحديث، ص 40 ـ 41.
(4)انظر: عبد الله الغريب، وجاء دور المجوس، 409 ـ 423.
(5)تجربة الإسلام السياسي، ص 178.
(6)انظر: الصدر ودوره في حركة أمل، ضمن حلقات: الإسلام والكونجرس الأمريكي، د. أحمد إبراهيم خضر، مجلة المجتمع، العدد: 957، ص 47.
(7)فؤاد عجمي، الإمام المستتر، ص 58.
(8)انظر: دولة حزب الله، ص 167 ـ 169.
(9) انظر هذا الكلام وهو لحسين الحسيني ضمن حلقات حازم صاغية التي بعنوان: معرفة (بعض) لبنان، طوائف وعائلات، مناطق وأحزاباً سياسية، جريدة الحياة، العدد 13323 / 19/5/1420هـ، 30/8/1999م.
(10)دولة حزب الله، ص 79 ـ 80.
(11)راجع ذلك في حواره مع مجلة الوسط، العدد 275/5/5/1997م

التثوير العلمي والديني

الدور الذي قام به الصدر حل بعض الإشكالات التي تواجه التجمع الشيعي بأمراضه المزمنة؛ ولكن بقيت بعض الإشكالات الأخرى التي لا يصلح لمعالجتها الصدر وأمثاله، فبقيت قضية العلم الديني الإمامي: تدريسه وتطويره وتقريبه للناس، والترغيب في العودة إلى حِلَقه في الحوزات والحسينيات، ثم ربط ذلك كله بالهدف الأساس، وهو تحويل المجتمع الشيعي اللبناني إلى مجتمع حرب ـ على حد قول فضل الله نفسه ـ ليمهد للثورة وتحويل لبنان إلى دولة شيعية.

يحيط الغموض بماهية الدور المحدد الذي يلعبه السيد محمد حسين فضل الله (1). فقد برز فضل الله منذ خريف 1983م بوصفه أحد أكثر علماء الشيعة نفوذاً في لبنان، وبخلاف مرشده آية الله الخوئي الذي يرفض التدخل في السياسة، مارس فضل الله دوراً فعالاً على الساحة السياسية. وبدا أحياناً وكأنه يستمتع بوصفه شخصية سياسية معروفة.

ويُعتبر بشكل واسع قائد حزب الله أو مرشده الروحي. وبصراحة فإن التوصل إلى الحقيقة ليس بالأمر السهل، كما أنه لدى فضل الله من الدوافع التي تحمله على المكر والتضليل ما لدى أعدائه أو يزيد.

يزعم فضل الله بشكل دائم بأنه ليس رئيساً لأي حزب أو حركة؛ إذ ليس المهم أن يكون رئيساً (أو مرشداً) لحزب الله بقدر ما هو مهم أن تلقى دعوته صدى لها في صفوف الطائفة الشيعية جميعها(2). وفضل الله رجل زئبقي التصورات والأفكار، ويجيد المراوغة الكلامية والتلاعب بالألفاظ، ولكن يبقى أن كل هذه المؤهلات لا تستطيع الحياد به أو أن يحيد هو بها عن هدفه الأساس في لبنان، ومن هذه الأفكار التي تبدو متناقضة متنافرة نراه يقول: «أنا في الحقيقة رجل حوار، ولي كتب ومدرسة للحوار، وأطلب من الناس أن يحلوا مشاكلهم عبر الحب والتفاهم وليس عبر استخدام العنف»(3).

تابع انشاء الله
__________________
khatm
  #2  
قديم 07-05-2002, 04:52 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي

وسئل في حوار معه (4) : بالأمس دعوتم إلى التدرب على الحب «كما تدربنا على السلاح في لبنان» فهل يعني ذلك أن زمن السلاح قد ولى برأيكم؟ فأجاب: «ليس من الضروري أن يكون زمن السلاح في المطلق ولى؛ لأن الحياة تحتاج بحسب طبيعتها إلى حركية السلاح وترتبط بها في الجانب الإيجابي أو السلبي؛ لكن المسألة التي أحب أن أؤكد عليها دائماً أن قضية الحب هي قضية الحياة، بحيث إنك عندما تملك السلاح ، يجب أن تعيش معنى الحب في حركية السلاح في يدك؛ بحيث لا تحركه إلا من خلال خدمة الإنسان وخدمة الحياة بدلاً من أن تحركة لإسقاط الحياة، ومن المؤسف أن الناس لا يتدربون على الحب بل إنهم يتدربون على البغض والحقد حتى أصبحنا نتحدث عن الحقد المقدس وعن البغض الإنساني». هذا الكلام يجب أن نتذكر معه قول فضل الله وهو يخاطب جمهور المصلين في بلدة النبي عثمان قائلاً: «وعلينا أن نخطط للحاضر والمستقبل؛ لنكون مجتمع حرب!!»(5).

ثم يحاول الهروب من دوره في تعبئة الناس للحرب والتأكيد على دوره في ذلك في آنٍ واحد بقوله: «لا بد للشعب أن يعبر عن نفسه؛ ويأتي التعبير إما عبر الوسائل التقليدية، أو بغير الوسائل التقليدية؛ ولهذا نجده اختار الهجوم الانتحاري، وهذا شكل آخر من أشكال الصراع ويعتقد من يفعل ذلك أنه يصارع إذا حوَّل نفسه إلى قنبلة حية، ويصارع أيضاً لو كانت هناك بندقية في يـده، ولا فرق أن تموت بقنبلة في يدك أو أن تفجر نفسك، وهذه المفاهيم التي أتحدث عنها مفاهيم عقلية!! في مواقف الصراع، أو في الحرب المقدسة عليك أن تجد أفضل الوسائل لتحقيق أهدافك، نعم إنني أتحدث عن الشعب الذي يواجه الخطط الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، لكنني لم أقل لهم على وجه الخصوص «فجروا أنفسكم» وقد سمعت من يتهمني بأنني أبارك الهجوم، أنا في الواقع أدعو إلى الحرية، إنني أدعو إلى التحرر من الاستعمار. إذا كان الاستعمار يظلم الناس فعلى الناس أن يحاربوه، أما أن نقول إني أتزعم الناس في أعمال عنف فلا». ثم يلتفت ويستدير للوجهة الأخرى من سياسته ويقول: «إننا يمكن أن نأتي بالتغيير في لبنان بتعليم الشعب وتنويره داخل المؤسسات الاجتماعية، وهناك طرق أخرى يمكنك أن تلجأ إليها، أن تبدأ بإقناع الناس، وهي نفس الطريقة التي يعظ بها المسيحيون، أو يفعلها الماركسيون ـ حتى لا يكون شاذاً في عرضه ـ إنك حين تقنع الأغلبية السائدة بأن تهتدي بالإسلام يكون وقتها لدينا الظروف السياسية المناسبة، ووقتها تستطيع أن توجد جمهورية إسلامية»، ثم يعرِّج على الدور العام للخدمات الاجتماعية الكبيرة التي يقدمونها للناس بقوله: «إن قوتنا تكمن في قدرتنا على صنع الناس والجماهير، وعلى أن نضع أوامرنا موضع التنفيذ؛ إنهم ينفذون أوامرنا؛ لأنهم يعرفون أننا أقرب الناس في تحقيق مطالبهم»(6).

فهذه عجالة من أفكار الرجل(7) التي يُبَيّنُ أهدافَها الواقعُ، كما تَبِينُ مراوغاتها الفكرية، وقد حقق فضل الله ـ كما حقق الصدر ـ عدة نجاحات هامة للشيعة في لبنان نوجزها فيما يلي:

1 ـ توطين العلم الإمامي:

كانت إحدى الإشكالات الكبرى التي تواجه المجتمع الشيعي اللبناني بُعد المدارس الدينية الكبرى، وكثرة المعوقات التي تحول دون الالتحاق بها، وكان من أكثرها تعويقاً للاتصال بها تلك المعاناة المالية التي لا بد أن يتحملها الطالب وأهله طوال مدة طلبه للعلم الإمامي، لذا كان الدور الذي أُنيط بفضل الله عند عودته من النجف أن ينقل معه هذه المدرسة في صورته وصورة مهدي شمس الدين، وتم اعتماد ذلك على أنه بمثابة السفر إلى النجف أو إلى قم، فأنشأ فضل الله «المعهد الشرعي الإسلامي» وبدأ في التدريس فيه، وأنشأ كذلك جمعية أسرة التآخي وحسينية الهدى، ثم بدأت المدارس في الانتشار فيما بعد.

كما تم اعتماد سياسة تعليمية تسهل الالتحاق بهذه المدارس، وقامت هذه السياسة الجديدة على:

1 ـ تكثير المدارس ونشرها في الأرياف الشيعية والضواحي، وحيث تكثر تجمعات الشيعة .
2 ـ إجراء وظيفة أو رواتب على الطالب.
3 ـ قبول الطلبة من غير شرط مدرسي أو شرط يتعلق بالسن(8). وقد أتاحت هذه السياسة للطلبة الانسلاخ من الأهل الذين يعارضون فكرة الالتحاق بهذه المدارس للعوارض السابقة، كما ساعدت على تكثير سواد الطلبة الجدد.

2 ـ تطوير العلم الإمامي:

كانت التقليدية والجمود الذي أصاب العلم الإمامي إحدى الإشكالات التي كان ينبغي التوجه إلى علاجها والتأكيد عليها، وكان مما قاله الخميني في ذلك: «قدِّموا الإسلام للناس في شكله الحقيقي، حتى لا يتصور شبابنا أن وظيفة رجال الدين أن يجلسوا في أحد أركان النجف أو قم لتدارس أمور الحيض والنفاس، بدلاً من شغل أنفسهم بالسياسة، ومن ثم يستنتج الشباب أنه يجب فصل الدين عن السياسة»(9).

«والمعهد الشرعي الإسلامي سعى إلى إخراج «العلم» الإمامي بلبنان، من شرنقة العائلات الدينية التقليدية، وقصد إلى جلاء صورة جديدة لرجل الدين تميل به عن صورة «الشحّاذ»، العاطل عن العمل، أو واعظ الناس «مواعظ تقليدية»، ومحدّثهم في الصلاة والصوم، ومرغبهم في الجنة، إلى صورة، بل إلى حال مختلفة يصح معها نزوعه إلى دور الولاية العامّة، وإلى محلّ الصدارة في ميادين النظر والعمل كافة، فأقبل على المعهد الشرعي الإسلامي طلاب حرص بعضهم حرصاً شديداً على الظهور بمظهر محصّلي العلم «العصري»، وعلى النجاح أو التفوق في مضماره ، ورمى الطلاب، ومرشدوهم، من وراء ذلك، إلى رفع ما لحق برجل الدين التقليدي من ازدراء به، وإلى محو وصمة البطالة والفراغ والجهل عنه. فلا يؤول ذلك إلى نفض الغبار عن دوره فحسب، بل تحلّ قوة العلم في دعوته وفي كلامه ومواقفه، ويشق الطريق أمام المحتذين على مثاله والمقتدين به، فيتكاثر عدد السالكين طريق علوم الدين. وجمع طلاب المعهد بين التحصيل الديني وبين أنشطة حياة عادية ووجوهها. ومثل هذا الجمع ضروري وحيوي للدعوة وحزبها»(10). «ولا يخفي القائمون على الحركة الإسلامية الشيعية بلبنان ما يتوقعونه من طلبة المدارس الدينية بمثل ما يقدمه الثوريون المحترفون قُوّام الحزب الشيوعي اللينيني والستاليني، من مرونة العمل، والتعبئة السريعة والانتشار العريض في ثنايا المجتمع الذي يعملون لأجل حكمه، والقبض على أزمَّته؛ فهؤلاء الطلبة هم الأطر، والكوادر ـ بحسب الاصطلاح الشيوعي ـ فهم من يُسرع إلى الاشتراك في الحرب وفي العمليات الخطيرة»(11).

وقد صب هذا التطوير للتعليم الديني في مجرى تحقيق الهدف الأساس من تحويل المجتمع اللبناني الشيعي إلى دولة شيعية قد تتوافق بداياتها مع البدايات الإيرانية أو تلحق بها فيما بعد فلا تقتصر السياسة على الوجه المتصل بالمدارس والتدريس، وعلى سلك العلماء وإعداده، فهي تعد الجسم الديني بغية تأطير «المجتمع الإسلامي» وقيادة المعقل الشيعي، فما العلماء، والطلبة من بعدهم وورائهم، إلا المبلِّغون عن الثورة، وعن مرشدها، ودولتها، وحوزاتها، وقد أوْلى التراث الشيعي العلماء والمبلغين والدعاة دوراً خطيراً، وأناط بهم نقل العلم الإمامي، أو الأدلة إليه. فكان التشيع الإمامي بين أُولى الفرق التي برعت في إعداد الدعاة وتنشئتهم ووضع رسوم عملهم. ولا يستقيم عمل العلماء الدعاة إلا بتدبير يتناول مواضع الدعوة ومطارحها ومظانها، وهي المساجد والنوادي الحسينية وغيرها.

---------------------------
(1) من سكان بئر العبد في الضاحية الجنوبية. هو ابن آية الله السيد عبد الرؤوف فضل الله، من قرية عيناتا الجنوبية، ولد السيد محمد حسين فضل الله في مدينة النجف العراقية في عام 1935م أو 1936م. ودرس على يد آية الله أبو القاسم الخوئي، من كبار مراجع الشيعة في العالم. قدم فضل الله إلى لبنان في عام 1966م وأقام في النبعة في ضاحية بيروت الشرقية، وعيّن في عام 1976م وكيلاً للإمام الخوئي (ممثله الشخصي) في لبنان. أقام في النبعة ـ حيث وعظ وكتب ـ إلى أن استولى عليها حزب الكتائب في 1976م فاضطر لمغادرتها كما فعل جميع سكان الحي من الشيعة. انظر ترجمة وافية له في: «العلاَّمة فضل الله وتحدي الممنوع» علي حسين سرور، الشركة العامة للخدمات الإنمائية، الطبعة الأولى، 1413هـ ـ 1992م.
(2)أمل والشيعة: 168 ـ 169.
(3)حوار نشر ضمن حلقات الإسلام والكونجرس الأمريكي، أجراه معه. د. جورج نادر، ونُشر تحت عنوان: قراءة في فكر زعيم ديني لبناني، الأعداد: 953، 954، 955 من مجلة المجتمع.
(4)جريدة الأنباء الكويتية، العدد: 8364/29/8/1999م.
(5)جريدة النهار اللبنانية، 14/5/1986م.
(6)قراءة في فكر رجل ديني لبناني، مجلة المجتمع، الأعداد: 953، 954، 955 مصدر سابق.
(7) يمكن مراجعة كتابه: «الحركة الإسلامية هموم وقضايا» دار الملاك للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1412هـ ـ 1991م، وكتاب: قضايا إسلامية معاصرة، حوار مع السيد محمد حسين فضل الله» لـخالد اللحام، دار الملاك للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1413هـ ـ 1993م.
(8) انظر: دولة حزب الله ، 135 ـ 136 ، 155 ـ 156.
(9) الدين والسياسة والاتجاهات الأيديولوجية في إيران المعاصرة، ص 42.
(10)وضاح شرارة، ص 88 ـ 89.
(11)المصدر السابق، ص 161.

تابع انشاء الله
__________________
khatm
  #3  
قديم 07-05-2002, 04:54 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي

الملا.. الانتحاري!!

كان لا بد لهذا التطوير بعد هذا التأطير للمجتمع الشيعي من أن يصب في مجرى آخر للالتقاء مع حركة الصدر من أجل الثورة بعد التثوير. يذكر وضاح شرارة مثالاً لأولئك الطلبة الجدد، وهو من رمز إليه بالشيخ (حسن. ل) حيث عاد إلى لبنان من النجف في عام 1971م، وعهد إليه بتدريس الحلقات في بعلبك وبيروت والنبطية. يقول عن نفسه: «في عام 1972م أحسست أن الشعب يحتاج إلى قيادة دينية واعية، فبدأت أشارك الناس أعمالهم مثل زراعة التبغ!! وأعيش همومهم وقضاياهم، وقمت بإضراب سبيل الماء، وكانت لي صلات اجتماعية كثيرة وكنت متابعاً لأربع عشرة قرية، وأدرس فلسفتنا واقتصادنا «لباقر الصدر»، وكانت هذه الحلقات في المساجد والحسينيات والبيوت، هيأنا في منطقة النبطية جواً عاماً دينياً، وبدأت بتدريب الشباب تدريباً عسكرياً في 1975م، فدربت حوالي أربعمائة شاب»(1).

فما كانت تحتاجه الحركة الشيعية في المرتبة الأولى ليس العلماء المراجع والحجج، بل المحرضين والمعبئين والمقاتلين. فيقول محمد إسماعيل خليق ـ ممثل الشيخ حسين منتظري في لبنان ـ: «إن الحوزات العلمية على مدى العصور كانت منطلقاً للثورات ضد الظالمين؛ فهي مشعل لانتصار الإسلام والمسلمين في كل العالم، ومعين الطلبة الذين يشتركون في العمليات الجهادية»(2). ويقول حسن نصر الله:«يجب أن نعمل على إنضاج الممارسة الجهادية، فعندما يكون في لبنان مليون جائع، فإن مهمتنا لا تكون في تأمين الخبز، بل بتوفير الحالة الجهادية حتى تحمل الأمة السيف في وجه كل القيادات السياسية»(3).

وقد تم التوسل برباط «العلم» الإمامي الذي ينبغي أن يتعالى عن الأقوام والأهل واللغات، وأن يلحق المدارس الدينية والحوزات بـ «خط الإمام». وحملة «العلم» وأصحابه على «العمل» وحدت بين العمل وبين الحرب والقتال والشهادة، وتوّجته بالدم، فاستعادت من غير ملل ولا خشية من التكرار، المقارنة التي عقدها التراث الإمامي بين حبر العلماء وبين دم الشهداء، ومزجت بينهما، وجعلت مِزَاجهما عنواناً قاطعاً على وحدة «الشخصية الإسلامية» وعلى فرادتها، فاستحال عالم الدين إلى أحد وجهين متلازمين لكل مناضل إسلامي. أما الوجه الآخر فهو المقاتل أو المجاهد. فإذا اجتمع العلم والقتال والشهادة في شخص واحد ارتفع الشخص إلى مرتبة الولاية والمثال. وكما قال أحد شبابهم: «لا بد للعلم من جهاد يكمله ويتكامل معه»(4).

ولهذا فقد افتخر محمد حسين فضل الله بأن هذا الجيل الذي يمثله الآن «حزب الله» قد تربى على يديه (5)

--------------------
(1)دولة حزب الله، ص 91.
(2)جريدة السفير اللبنانية، 12/2/1987م.
(3)جريدة النهار، 27/1/1986م.
(4) انظر: وضاح شرارة، ص 162.
(5) انظر حواره مع مجلة: المشاهد السياسي، العدد: 168/30/5/1999م.

الفصل الثالث : البناء بالحرب

إعلان الحرب!!

في 18 فبراير من عام 1974م، وقبل بداية الحرب الأهلية اللبنانية بعام تقريباً، وقبل اندلاع الثورة الإيرانية بسنوات قليلة، وقف موسى الصدر أمام حشد كبير من شيعته ليقول: «إن اسمنا ليس المَتَاوِلة، إننا جماعة الانتقام، أي هؤلاء الذين يتمردون على كل استبداد، حتى إذا كان ذلك سيكلفنا دمَنا وحياتنا. إننا لم نعد نريد العواطف، ولكن نريد الأفعال، نحن تَعِبُون من الكلمات والخطابات، لقد خطبت أكثر من أي إنسان آخر، وأنا الذي دعا أكثر من الجميع إلى الهدوء، ولقد دعوت إلى الهدوء بالمقدار الذي يكفي، ومنذ اليوم لن أسكت أبداً، وإذا بقيتم خاملين، فأنا لست كذلك»(1).

«لقد اخترنا اليوم فاطمة بنت النبي، يا أيها النبي، يا رب، لقد اجتزنا مرحلة المراهقة، وبلغنا عمر الرشد، لم نعد نريد أوصياء، ولم نعد نخاف، ولقد تحررنا، على الرغم من كل الوسائل التي استخدموها لمنع الناس من التعلم، ولقد اجتمعنا لكي نؤكد نهاية الوصاية، ذلك أننا نحذو حذو فاطمة، وسننتهي كشهداء». ثم أعلن أنه لا ينحاز إلى المصالحات المهدئة التي اعتمدها الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ بل إلى التمرد الشاهـر سيفه الذي اعتمده الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ(2).

وبهذا الإعلان «الثوري» كانت بداية جديدة للحركة السياسية الشيعية في لبنان، وكانت نقطة الانطلاق التي اتفق فيها الصدر مع فضل الله.

-------------------
(1) الإمام المستتر، فؤاد عجمي، ص 155.
(2) الإسلام الشيعي، عقائد وأيديولوجيات، يان ريشار، ترجمة: حافظ الجمالي، دار عطية للنشر والترجمة ـ بيروت، ط /1/1996م، ص 199، 200.

أمل تبعث الأمل

قصة البداية:

بعد حرب العام 1948م لجأ إلى لبنان أكثر من 150 ألف فلسطيني، وفي منتصف السبعينيات الميلادية من القرن العشرين وصل هذا العدد إلى أكثر من 400 ألف، وفي أعقاب الصدام العنيف في «أيلول الأسود» من عامي 1970، 1971م بين المنظمات الفلسطينية، والسلطات الأردنية، لجأ كثير من هذه المنظمات إلى لبنان، وبطبيعة الحال فإن هذه المنظمات كانت أفضل تسليحاً وتنظيماً من أي قوة أخرى في الجنوب. في ذلك الوقت كان المجتمع الشيعي في حالة صحوة كما مر، واجتمع للشيعة عدة عوامل تزيد من عدم رغبتهم في هذا الوجود الفلسطيني(1)، ومنها:

1 ـ عامل التاريخ: وهو ذلك العداء القديم لأهل السُّنَّة؛ فهاهم الآن في معقل من معاقلهم «جبل عامل» وبقوة مسلحة تستطيع تهديدهم بشكل مباشر؛ ولهذا كان الشيعة أول من سارع لمساندة الجيش اللبناني «الموارنة» في الاشتباكات التي جرت مع المنظمات الفلسطينية، بل ومساعدة اليهود في ذلك أيضاً؛ فالموارنـة لا يريدون تكثير «السُّنَّة» لأجل إنشاء دولتهم النصرانية، واليهود لا يريدون الفلسطينيين في لبنان لئلا يتهدد أمنهم من الشمال، والشيعة لا يريدونهم كذلك؛ لأنهم يمثلون عائقاً أمام تحقيق وجودهم وكيانهم الذي يسعون من أجله.

2 ـ عامل الجغرافيا: وهو الرغبة في عدم إثارة الدولة اليهودية «الجارة» وهذه الإثارة تنتج عن مهاجمة المنظمات الفلسطينية لأي أهداف إسرائيلية سواء من داخل لبنان أم خارجها، وذلك أن دولة اليهود دأبت على تأديب سكان الجنوب كلما حدث ذلك لتزيد من النقمة الشيعية على الفلسطينيين(2).

3 ـ عامل الأيديولوجيا الثورية: حيث إن الشيعة في حال جديدة رغبة في التطلع لوضع سياسي واجتماعي يدفعهم نحو الدولة الحلم في لبنان، والتمكين للطائفة في الواقع اللبناني، وحيث إن الجنوب هو معقلهم التاريخي، فلا مناص إذاً من التخلص من هذا العائق الكبير الذي يقف أمام هذا الحلم. ولهذا فقد كان من الضروري التعامل مع هذه القضية الشائكة بحذر وجدية في الوقت ذاته. فالحذر: كان لاعتبار تلك النداءات التي أطلقها الصدر من أنهم يحملون هَمَّ القضية الفلسطينية وأنها قلب دعوتهم كما جاء في ميثاق حركته: «فلسطين، الأرض المقدسة التي تعرضت ـ ولم تزل ـ لكل أنواع الظلم، هي في قلب حركتنا وعقلها، وإن السعي إلى تحريرها أول واجباتنا، وإن الوقوف إلى جانب شعبها وصون مقاومته والتلاحم معها شرف الحركة وإيمانها، خصوصاً أن الصهيونية تشكل الخطر الفعلي والمستقبلي على لبنان، وعلى القيم التي نؤمن بها وعلى الإنسانية جمعاء، وأنها ترى في لبنان ـ بتعايش الطوائف فيه ـ تحدياً دائماً لها ومنافساً قوياً لكيانها»(3). كما كان من دواعي الحذر أن الصدام السريع مع المنظمات الفلسطينية سوف يكون لصالحها لا محالة.

وأما الجدية: فكانت في إيجاد حركة مسلحة تستطيع تحقيق الأمن الذي تحتاجه الطائفة الشيعية، والتخلص من هذا الهمِّ الجاثم على صدورهم، وكان أن أُعلن عن إنشاء «اتحاد محرومي لبنان»(4) أو «أفواج المقاومة اللبنانية» والتي عرفت فيما بعد باسم «أمل» ومن العجيب أن هذا الاسم الأخير «أمل» كان من اقتراح ياسر عرفات على موسى الصدر(5)، وكانت هذه الحركة هي «الجناح المسلح» لحركة المحرومين التي تم التدثر بها ابتداءاً.

تابع انشاء الله
__________________
khatm
  #4  
قديم 07-05-2002, 04:56 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي

«ومضى الصدر إلى أبعد من مجرَّد الدفاع الداخلي عن حقوق طائفته، فنراه يقيم علاقات وثيقة مع المقاومة الفلسطينية، وهكذا نجده يخرج عن تحفظه في موضوع العلاقات بين الدولة اللبنانية والمنظمات المسلحة التي كانت تعمل ضدّ (إسرائيل) بدءاً من جنوب لبنان، وكان تحالفه معها يتيح لرجل الدين الإيراني، أن يستفيد من دعم عسكري لكي يقف بقوة أمام الرؤساء التقليديين لجبل عامل، وأن يجد بعد عام 1975م دعماً شخصياً (كتقديم أسلحة، وتدريب) عندما أسست الميليشيا العسكرية لحركة أمل»(6). وكما تدربت ميليشيا أمل على يد «فتح» فقد كانت المنظمة تقدم خدماتها بهذه الصورة إلى ما هو أكبر وأوسع من دائرة أمل. فقد وسعت هذه الخدمة لتشمل النشاط الشيعي على مختلف الأصعدة، وكأنهم يقولون لهم: هكذا تذبحوننا!! «فحين عهد الشاه إلى جعفر شريف إمامي بتشكيل حكومة في صيف 1978م، عاد مئات من دعاة الكفاح المسلح الذين أُعِدُّوا بلبنان إلى إيران، وكان منهم ممثل الخميني لدى جبهة التحرير الفلسطينية آية الله علي جنتي الذي عمل في منظمة «فتح»، وابن آية الله محمد منتظري، المدعو «زينغو» لحمله على الدوام مسدساً في وسطه، وعشرات من حركة «أمل» التي كان منها بعض حرس الخميني الشخصي. وكان من الذين تدربوا في المعسكرات الفلسطينية، وفي معسكرات حركة «أمل» بلبنان، مصطفى وأحمد، ولدا الخميني نفسه، وأتمّ ما لا يقل عن سبعمائة عضو من حزب الدعوة ـ حتى عام 1976م ـ تدريبهم على أيدي فلسطينيين من «فتح» ، بينما زار ياسر عرفات في هذه الأثناء الخميني بالنجف مرتين»(7). وكان من أبرز من تدرب على يد «فتح» أول وزير دفاع للثورة الإيرانية مصطفى شمران الذي كان له دور هام في حركة أمل(8) ، كما تدرب كذلك مقاتلو منظمة «مجاهدي الثورة الإسلامية» الذين ناضلوا ضد الشاه لسنوات عديدة(9)، وأول وزير للحرس الثوري الإيراني محسن رفيق دوست(10).

وعندما وجد الصدر من جماعته القوة التي تستطيع أن تواجه المنظمة ـ التي دربته ـ قلب لها ظهر المجن؛ فبعد أن اشتعلت الحرب المدنية اللبنانية بدأ الصدر يغير موقفه بشكل واضح من المنظمات الفلسطينية، وقد نقل عنه كلمات قاسية جداً ضدها، قالها ـ قبل أن يختفي ـ لأحد رجال السياسة الموارنة القريب من الطلائع المارونية: «إن المقاومة الفلسطينية ليست بثورة، إنها لا تقبل البرهان على قضيتها بالشهادة. إن هذه مكنة عسكرية ترهب العالم العربي؛ فمع السلاح يحصل عرفات على المال، وبواسطة المال يمكنه أن يغذي الصحافة، وبفضل الصحافة يستطيع أن يجد آذاناً صاغية في الرأي العالمي. إن المنظمة (فتح) عامل اضطراب في الجنوب، وقد نجح الشيعيون بالتغلب على عقدة نقصهم تجاه المنظمة الفلسطينية»(11).

في الوقت ذاته كان الصدر لا يريد أن يفقد علاقته مع حلفائه من الموارنة في السلطة الحاكمة، فأعلن أن «أمل» عون ومدد للجيش اللبناني في الجنوب في التصدي للهجمات الإسرائيلية!! وبهذا الفعل حصل الصدر على عدة مكاسب:
1. اكتساب شرعية لميليشياته من الدولة اللبنانية، وعدم خسارة العلاقة معها.

2 ـ إضعاف سلطة الفلسطينيين في الجنوب بوجود قوة أخرى «لبنانية» مشتركة، وكان التعاون بينهم في هذا الجانب واضحاً(12).

3 ـ كان هناك كذلك مكسب هام ـ وإن كان إعلامياً ـ وهو الادعاء بأنه ما زال يدافع عن القضية الفلسطينية، وها هي قواته تقاتل في الجنوب ضد العدو الصهيوني، وهو ما اعتبره الصدر انتزاعاً لانفراد المنظمات الفلسطينية بالمواجهة؛ وعليه فقد تم التفريق بين القضية الفلسطينية وبين مواجهة الفلسطينيين.

---------------
(1)تجلت هذه الرغبة في البرنامج الأمني لحركة أمل بشكل واضح من خلال منهجها وطريقة عملها، راجع: أمل والشيعة نضال من أجل كيان لبنان، ص 118 ـ 121.
(2)عند الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982م استقبل سكان الجنوب من الشيعة القوات اليهودية بالورد والأرز لفرحتهم بأنهم سوف يخلصونهم من الفلسطينيين.
(3)من نص ميثاق حركة أمل، انظر: أمل والشيعة، نضال من أجل كيان لبنان، ص 231، وعبد الله الغريب، أمل والمخيمات الفلسطينية، ص 157.
(4)انظر هذه التسمية عند باتريك سيل في كتابه: الأسد، الصراع على الشرق الأوسط، دار الساقي، ط 2/1989م.
(5)انظر حوار نبيه بري مع مجلة الوسط، العدد: 274/28/4/1997م.
(6)يان ريشار، الإسلام الشيعي، 200.
(7)وضاح شرارة، دولة حزب الله، ص 109.
(8)انظر: الحرس الثوري الإيراني، نشأته وتكوينه، ودوره، كينيث كاتزمان، ص 46.
(9،10) المصدر السابق، 52 ، 53.
(11)فؤاد عجمي، الإمام المستتر، ص 178.
(12)راجع في ذلك: أمل والمخيمات الفلسطينية لعبد الله الغريب، وراجع: حرب الألف عام في لبنان، جوناثان راندال، ترجمة فندي الشعار، دار المروج، 1984، ص 33.

تابع الجزء الرابع غدا انشاء الله
khatm
__________________
khatm
  #5  
قديم 08-05-2002, 04:42 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي الجزء الرابع ( حقيقة كفر وجرم حزب الله في لبنان فضحه الله)

الخروج إلى بيروت
==========

بعد هذا الاستقواء الذي تم للحركة طالب الصدر أتباعه في خطاب جماهيري باحتلال القصور في بيروت، واعتبر الشيعة ذلك نداءاً مقدساً، واحتلوا من بيروت مناطق «أهل السنة» وقصورهم. يقول عبد الله الغريب: «ويغلب على ظني أن استيطان الشيعة في بيروت في الستينيات الميلادية ـ من القرن العشرين ـ وقبلها كان عفوياً، أما بعد الستينيات فكانت أهدافهم واضحة، وكان موسى الصدر مهندس هذه الخطة ومن ورائه النهج النصراني، ومن الأدلة على ذلك أن العمال والموظفين القادمين من الجنوب والبقاع والشمال كانوا يبنون منازلهم في جنوب بيروت على أملاك الغير، وكان ذلك يحدث تحت سمع السلطة وبصرها، بل وكان أصحاب الأراضي من أهل السنة يطالبون الأجهزة المسؤولة بوضع حدٍّ لهذا العبث، ورغم ذلك فالسلطة تترك قُطَّاع الطرق يفعلون ما يشاؤون. ولو كان هذا الذي يحدث في بيروت الشرقية أو في أي منطقة من مناطق النصارى لما صمت قادة الموارنة لحظة واحدة. وتضاعفت هجرة الشيعة خلال الحرب اللبنانية أضعافاً مضاعفة، واحتلوا المنازل والشقق والقصور كما أمرهم إمامهم، والسلطة تحرضهم وتشجعهم على مثل هذه الأفعال الشنيعة. وهكذا قامت أحياء في الضاحية الجنوبية وكأنها أحياء مقتطعة من بعلبك، وأحياء أخرى وكأنها مقتطعة من صور أو النبطية، وفي هذا الحي يقطن نبيه بري، وفي ذاك الحي حسين الحسيني رئيس المجـس النيابي وأمـين عـام منظمة أمل ـ سابقاً ـ ، وفي الحي الثالث عبد الأمير قبلان المفتي الجعفري الممتاز.

ويضاف إلى ما سبق ذكره أن المغتربين الشيعة الذيـن يعملون في الخليج أو إفريقيا أو الأمريكتين راحوا يشترون الأراضي في بيروت، ويقيمون المؤسسات والمشاريع الاقتصادية في العاصمة، وأصبحوا من أصحاب الفاعليات الاقتصادية فيها. وعندما سأل الصحفيون نبيه بري عن الأسباب التي دفعته إلى احتلال بيروت الغربية أجاب: بيروت الغربية عاصمة لبنان وملك لجميع المواطنين وليست حكراً على أهل السنة»(1).

«ونزل النازحون الشيعة في الأحياء التقليدية للسنة، واشترى ميسورون من الشيعة أقساماً من هذه النواحي، فآلت السنوات العشر من 1976م إلى 1986م وحتى أوائل التسعينيات الميلادية، إلى تغيير سكاني كبير نزع الصفة السنية عن بعض أحياء بيروت القديمة، وغلب عليها السكان الشيعة»(2). «كما شاع في وسط المهجَّرين الخروج عن القوانين العامة وعن الأعراف، مثال ذلك: أن 88% من الـ 4400 مبنى التي أحصاها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالرمل العالي والأوزاعي وشاتيلا والجناح، وهي من نواحي الحركة الإسلامية «الخمينية»، شيّدت في الأملاك العامّة أو في أملاك الغير (اغتصبت عنوة)، وهذه الحال استمرت على الوجه نفسه إلى العام 1996م، ولن تتغيّر إلا إذا أنجز ما يسمّى مشروع «اليسار» وبناء هذا الجزء من ضواحي بيروت بناءاً جديداً في نصف العقد الآتي، ومع استهلال الألف الثالثة، فإن ما يقرب من 20% من المقيمين ببيروت الغربية كانوا فيها منذ العام 1986م واستمر معظهم على حاله إلى 1995 ـ 1996م يقيمون في منازل تسلّطـوا عليها واحتلّـوهـا احتلالاً 14%، أو ينزلون مؤقتاً ببيوت يملكها أقارب أو أصحاب 5.8%»(3).

وتشير القرائن إلى أن هذا الاحتلال الإسكاني كان ثمرة إعداد وتصميم، ولم يكن خبط عشواء(4).

وهكذا تظهر صورة من صور العلاقة بين الشيعة وأهل السنة فـي لبنان ولا نحسب أنها صورة مشرقة كالتي يتغنى بها الشيعة ويدغدغون بها مشاعر الناس البسطاء عبر ملاليهم وسياسييهم؛ فهذا الذي حدث في بيروت لا ينم عن نوايا حسنة لطلب حُسن العشرة.

---------------
(1)عبد الله الغريب، أمل والمخيمات الفلسطينية، ص 155، وانظر فصليْ: دول الجماعات، وبناء المعقل الإسلامي في كتاب: دولة حزب الله لشرارة.
(2)دولة حزب الله، ص 234.
(3)دولة حزب الله / 211.
(4)المصدر السابق، ص 113.

غياب الصدر
=======

وصل الصدر إلى ليبيا مع اثنين من رفاقه هما الشيخ محمد يعقوب، وشفيع عباس بدر الدين في 25 أغسطس عام 1978م في زيارة غير محددة المدة والغرض. وقد صرح أحد رفاق الصدر القريبين منه بأن الزيارة كانت استجابة لدعوة من الزعيم الليبي معمر القذافي، وقَبِل الصدر هذه الدعوة على أساس أنها سعي نحو تحقيق السلام في لبنان. وكثرت الروايات حول أسباب اختفاء الصدر، ولعل من أبرز الأسباب ما تمحور حول مسألتين:

الأولى: طموح الصدر؛ فقد سُئل علي الجمَّال، وهو أحد المقربين لموسى الصدر، ومن كبار ممولي حركته بالمال والسلاح، سُئل عن طموح الصدر فقال: أما طموحه فكان الوصول إلى الأمانة العامة للطائفة الشيعية في العالم(1).

الثانية: وهي نتيجة للأولى وسبب مباشر لها؛ حيث إن هذا الطموح لم يكن خافياً على الخميني مما اعتبره منافساً قوياً وخطيراً له؛ كما أشار بذلك الخبراء والقريبون من مصادر المعلومات الجيدة(2).

على الرغم من أن الغموض الذي يحيط باختفاء الصدر لا يزال قائماً فإن هذا الاختفاء شكل أهمية رمزية لحركة أمل؛ فقد ارتفع الصدر إلى مرتبة الشهيد القومي عند العديد من الشيعة اللبنانيين، وتصدرت صوره افتتاحيات صحف أمل، كما أعيد طبع خطبه وتعليقاته مصاحبة بصوره، وأطلق أعضاء الحركة على أنفسهم ـ من حين لآخر ـ «الصدريين» وارتدى معظم الشباب الصغير في الحركات قلادات وأزراراً وقمصاناً عليها صورة الصدر، وكان من الطبيعي أن يصل الصدر إلى هذه الدرجة، خاصة في مجتمع ليس له من الرموز المعاصرين إلا العدد القليل. لقد حقق اختفاء الصدر فوائد عدة لحركة أمل؛ فقد وجد العديد من الشيعة في «الإمام المختفي» رمزاً ملزماً للتعبير عن عدم الرضا الذي يشعرون به، وقد أكمل اختفاءُ الصدر هذا المزاجَ السياسيَّ للشيعة وغزَّاه، وكان وسيلة ملائمة للتعبير عبر الحركة التي خلفها وراءه. كما أن هناك بعضاً من قادتهم من يسلِّم بأن اختفاءه كانت له قيمة كبيرة في التعبئة السياسية لجماهير الشيعة لم يكن يحققها وجوده ذاته، كما أدى أيضاً إلى قلة حدة الانتقادات التي توجه للحركة بسبب تبجيلها لذكراه واعتباره رمزاً لها(3). وهكذا فقد حقق اختفاء الصدر هدفين في وقت واحد: التخلص من طموحه، وإعطاء دفعة معنوية لحركة أمل إلى حين.

--------------
(1)حوار مع مجلة الشراع اللبنانية، العدد: 898، 6/9/1999م، بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لاختفاء الصدر.
(2) انظر: الصدر ودوره في حركة أمل، ضمن حلقات: الإسلام والكونجرس الأمريكي، مجلة المجتمع، العدد: 957، ص 47.
(3)راجع أمل والشيعة، ص 97 ـ 103، والمصدر السابق، 47

تابع انشاء الله
__________________
khatm
  #6  
قديم 08-05-2002, 04:46 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي

كمون «حزب الله»
=========

كان محمد حسين فضل الله في ذلك الوقت يمارس دوره بهدوء بعيداً عن ضوضاء الصدر وحركته، وكانت عناية فضل الله ـ كما ذُكر قبل ـ متوجهة إلى التربية المنهجية لإعادة العِلم الإمامي الديني وتوطينه وتطويره، ولم تكن تلك المهمة لتمتد أكثر من ذلك؛ فقد بدأ الزرع يُخرج بعض الثمار، فبدأ «أبناء فضل الله» بالانتشار في نسيج المجتمع اللبناني، ومد أذرعهم في جنباته، وبالرغم من هذه الخطوة إلا أنهم لم يستطيعوا الإعلان عن هويتهم؛ إذ ما زال فيهم من الضعف ما يمنعهم من ذلك، فكان لا بد من الاحتماء بـ «أمل».

«فكانت الحركة الصدرية واقية لأنصار الدعوة والإسلاميين الخمينيين في حال ضعفهم، وحتى إعلانهم الاستقلال السياسي والعسكري، إلا أنهم في هذه الأثناء كانوا يعملون عملاً حثيثاً على بناء النواة التي في مستطاعهم إنشاء معقلهم حولها. فاتخذ محمد حسين فضل الله من مسجد الإمام الرضا ببئر العبد جامعاً ومدرسة ومنبراً ومجلساً ومكتباً، وأقام قريباً منه، ولم ينتقل وحده إلى بئر العبد، بل انتقلت معه جمعية أسرة التآخي التي رعت بناء الحسينية بالنبعة، فتملكت مكتباً قرب المسجد، ورعت مستوصفاً في الناحية نفسها. وانحاز أولئك إلى مواضع سكن جديدة، إلى المسجد وتحصّنوا فيه وبه، وامتنعوا به من الأيدي التي قد تمتدّ إليهم من خصومهم وأعدائهم. فحل المسجد أو أماكن العبادة عامة محلّ النواة العائلية الصلبة التي اتقى بها غيرهم طغيان الحركات السياسية والعسكرية، أو هذا ما سعوا إليه ولم يبلغوه بهذا القدر أو ذاك إلا بعد سنوات من العمل الدؤوب، فامتنعوا في حالة الضعف بالحركة الشيعية الجماهيرية التي انشأها ورعاها موسى الصدر، وسهروا وهم في صفوف هذه الحركة على الدعوة إلى أفكارهم وخطهم، كما سهروا على أخذ مواقع ومعاقل في أبنية الحركة الصدرية. فكان منهم حسين الموسوي الناطق باسم حركة «أمل» وعضو مكتبها السياسي حتى صيف 1982م؛ وكان منهم السيد إبراهيم الأمين رئيس مكتب حركة «أمل» بطهران حتى التاريخ نفسه»(1). وبالرغم من هذا الاحتماء بـ «أمل» إلا أنه لم يكن في حسبان الحركة الشيعية في لبنان أن تكون «أمل» هي صورتها الدائمة والمستقبلية ولا قائدة مسيرتها؛ إذ الصورة المطلوبة هي ذلك المثال «الإيراني» لا المثال «العلماني» الذي تدين به أمل، ولسوف يأتي اليوم الذي يخرج فيه الطائر ويكسر «قشرة البيضة» التي احتضنته لا محالة.

وفي ذلك الوقت لم تكن ـ كذلك ـ قد تبلورت الأفكار والمناهج والتصورات السياسية لـ «حزب الله» بل لم تكن تسمت هذه المجموعة بهذا الاسم، إلا أنها كانت تعيش أهم مستلزمات العمل الثوري، وهو ما أسمته الحركة بـ «الحالة الجهادية» أو «الحالة الثورية» أو «الذهنية الثورية» وكان الوصول إلى هذه الحال أساس التعليم الإمامي في الحوزات والحسينيات، فكان «لا بد للعلم من جهاد يكمله ويتكامل معه» وكان من لوازم التخرج من الحوزات العلمية أن تنتقل به إلى «ساحات الجهاد» وأصبحت هذه «الحال الجهادية» هي الحال التي يتمنى كل فرد منهم الوصول إليها؛ إذ هي تصل بصاحبها لـ «الشخصية المتكاملة» ولقد كان السعي لها لتتحقق أمنية الأماني: التمتع برؤية «الإمام الحسين»!! فهذا «(أبو هادي) كان على هذه الحال، وهو فتى في الثالثة عشرة، سمع أحد العلماء يتكلم عن استقبال الحور العين للشهيد حين يسقط على الأرض مضرجاً بدمه، فصرخ في العالم، وقال: «دع الحور العين لك أنت وحدك! أما أنا فحدثني كيف وأين أرى الإمام الحسين»!! ويعلق وضاح شرارة على ذلك فيقول: وهذه ـ أي رؤيا الحسين ـ هو ما يردد الرغبة فيه كل شهداء المقاومة الإسلامية بلبنان، وما يعربون عن الأمل في الحصول عليه، ويقاتلون في سبيله، ويرون فيه ثمناً لبذلهم دمهم وحياتهم. وتعمد التعبئة النفسية هذه إلى خلق المشهد والاحتفال اللذين يمهدان لهذه الرؤيا، ويبعثان على إرادتها إرادة لا ترد، ولا ينفع في دفعها أو ضبطها حساب أو رابطة من الروابط الإنسانية»(2). وعندما بدأ «حزب الله» في العمل العسكري أبقى منفذي العمليات الكبيرة التي قام بها ـ مثل تفجير موقع القوات الأمريكية والفرنسية والحاكم العسكري الإسرائيلي في صور ـ بقوا قيد الإغفال والإخفاء، وكان هذا الإغفال عاملاً مهماً في تماسك الحركة في بداياتها المتفجرة، وعدم لفت الأنظار إليها، وهي لم تستوِ بعدُ.

------------
(1)دولة حزب الله، 197 ـ 199.
(2)السابق، 282.

الخروج من الشرنقة

أولت الحركة الإسلامية الخمينية في لبنان أمر المساجد والمدارس الدينية الاهتمام الكبير؛ إذ هي في تلك المرحلة محاضنها وبيوتها التي تحميها من حمأة الانصهار في جحيم المجتمع بحربه المستعرة والحركة ما زالت في مهدها «الثوري»، وإذ هي مدارس العلم وحوزاته كذلك. وتكلم مهدي شمس الدين عن دور المسجد الهام بالنسبة إليهم في هذه المرحلة وبتلك الاعتبارات، فقال: «إن المسجد في تاريخ الإسلام كان كل شيء. وعزا تخلف المسلمين إلى تحوُّل المسجد إلى مصلى خالص، واختصاصه بالصلاة دون غيرها، فنشأ عن الاختصاص هذا، وعن زوال المسجد عن الدور الجامع: الديني والتعليمي، والعسكري، والسياسي، والاجتماعي الذي كان ينهض به أن استعاض المسلمون عنه «بفكرة الحزب والتنظيم والنادي والجمعية والرابطة الخيرية» فازدهرت هذه كلها على أنقاض دور المسجد، وازدهرت معها المشاريع «الخاصة» مثل المؤسسات التي «تخرِّج مهندسين وأطباء وصيادلة كثيرين»، وانصرف الناس عن «المشروع العام الذي يتصل بمستقبل الأمة»، وضاعت «قضية الأمة» بضياع المدارس الدينية و «غيابها» لذا، فافتتاح المدارس الدينية يقوم مقام «الأساس»: المسجد والمدرسة الدينية يقومان على كتاب الله وسنة الرسول»(1).

ولهذا فقد اتخذت الحركة طريقها الأول عند الخروج من الشرنقة لعمل حزام من المساجد والمصليات تتحصن بها، ولتؤدي من خلالها دورها المنوط بها من تحويل المجتمع إلى وجهة أخرى، وكان لهذا الحزام دور هام في انتشار الحركة وتوسعها على ما نرى.

تابع انشاء الله
__________________
khatm
  #7  
قديم 08-05-2002, 04:47 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي

كما أن هذا الحزام ساعد أبناء الحركة على مد أيديهم لإخوانهم من الشيعة بإحلالهم محل منازل غيرهم. وهنا سنرى كيف استفادت الحركة الشيعية من هذا الحزام، وكيف تم استغلاله بصورة تصب في الأهداف العامة للحركة، واستعراض هذا الجزء من التجربة فيه بلا شك إفادة وإشارة. أما المصليّات فكانت أربعة: «المصلى الأول: (الإمام الباقر) ناحية الروشة، غـير بعيد من الصخرة ـ المعروفة ـ ، أقيم مكان مقصف وعلبة ليل رخيصة كانت تحفهما فنادق ومطاعم ومقاهٍ، بعد أن اتخذها الفلسطينيون المسلحون موئلاً ومعقلاً وملجأ، ولم يكد الفلسطينيون يخلونها حتى حل في أبنيتها التي لم تكتمل بعض أهالي الجنوب، وتبعهم أهالي كيفون، والقماطية، والبلدتان سكانهما من الشيعة وتقعان بدائرة «عاليه» الانتخابية التي يقتسمها الدروز والموارنة والأرثوذكس، ووقعت عشرات الأبنية ومنها ثلاثة فنادق سابقة في قبضة المسلحين، فأسكن المسلحون الشيعة المهاجرين والمهجّرين من الضاحية، وأنشؤوا مصلى الإمام الباقر في وسط المهجرين الشيعة، ونصبوا مذياعاً للصلوات والأدعية، وأقاموا من أنفسهم «شرطة أخلاق»، فمدوا طرفهم إلى المطعم القريب، وحرّموا تناول المشروبات الكحولية في شهر رمضان، وفي الأيام العشرة الأولى من محرم، وزينوا المصلى بالأعلام والصور، واتخذوه قاعدة للدعوة بالصورة والصوت.

أما المصلى الثاني (الإمام الصادق) فكان في بناء من أبنية الحمراء يقع خلف سينما ستراند، في شارع احتُلت بعضُ أبنيته الجديدة التي لم يتم إنشاؤها، وبعضُ أبنيتها القديمة التي كانت شققها مكاتب تجارية أو مكاتب مهن حرة، وأُنزل فيها الأهالي الشيعة الذين نزحوا من حي فرحان ومن حي ماضي، وأُخليت إحدى الشقق في بناء يقع بالطرف الغربي من بناء صالة ستراند، وأُخرج مكبر صوت إلى الشوارع التجارية الكبيرة وإلى الأبنية التي يقيم في معظم شققها من بقي من مسيحيي رأس بيروت، ومن الأرمن والسُّنَّة. وحاول أنصار الحركة الإسلامية الخمينية إتباع إنشاء المصلى بإنشاء لجان له، فصدر بيان باسم لجنة اجتماعية في المصلى يدعو إلى علاج الغلاء، وإلى ضبط العملات الأجنبية، ثم اقتصر نشاط القائمين عليه على لصق صور علماء الشيعة وقادتهم في المناسبات.

وأقيم المصلى الثالث (الإمام الحسين) في ناحية القنطاري غير بعيد من برج المر.

وأقيم المصلى الرابع (المصطفى) بعين المريسة، في وسط ناحية يتنازعها السنة الذين سبقوا إليها، والدورز، والشيعة الذين وجدوا بها ملاذاً شعبياً رخيصاً في العقد الخامس، ثم طرأ على الناحية تغير عميق من جراء انتشار الفنادق الفخمة والشقق المفروشة والمقاهي والمقاصف وعلب الليل. وهذه الفنادق والشقق أخلتها الأعمال الحربية ودمرتها وأسكنت في بقاياها وبين أنقاضها الذين قسروا على النزوح من برج حمود والنبعة... الخ. وإذا كان للمساجد مشايخ يأمون مصليها، فالمصليات لم يكن لها مثل هؤلاء إلا لماماً، إلا أن بعضها كان يعلن في الصحف عن زيارة أحد العلماء للمصلى، وعن الحديث الذي تحدث به في أثناء زيارته. ومع خلـوّ المصلى من عالم دين مقيم فإن ذلك لا يعني أن المصلى لا يذيع الأدعية الشيعية، وبعضها باللغة الفارسية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولا يدعو إلى خير العمل، ولا يخلو جدار من الجدران التي تحف المصلى وبناءه من صور الشهداء، والملصقات الخمينية المختلفة. ويرفع المصلى في ذكرى الأيام الكبيرة: عاشوراء، مولد المهدي، يوم الغدير، 17 رمضان، ويوم القدس اللافتات والأعلام فوق الطرق القريبة، وتذاع الأدعية المناسبة، ويدعو المذياع إلى الاجتماع أو إلى التوجه إلى مكان احتفال هام. ولا تقتصر شبكة الحركة الإسلامية الخمينية على المساجد والنوادي الحسينية والمصليات البيروتية هذه، فانضمت إليها حسينيات وادي أبو جميل ومدينة الكرامـة (حي السُّلَّم) ، وبرج البراجنة، ومسجد الطيونـة؛ إلا أن هذه الأماكن لا يرد ذكرها ولا يشار إلى استعمال الحركة الإسلامية الخمينية لها إلا في معرض خطبة أو تأبين، وقلما يتجاوز الخبر هذا المعرض إلى غيره. أما خارج بيروت، فيدور نشاط الخمينيين على عدد من المساجد والحسينيات التي يتولى الصلاة فيها أو يرعى شؤونها دعاة الحركة من علماء الدين، وغالباً ما يتفق الاحتفال في البلدة مع سقوط أحد أفراد الحركة من أهل البلدة فتكون إحياء ذكراه جسراً إلى أقربائه وإلى أهالي بلدته. وتتصدر بلدات الجنوب اللبناني بمساجدها وحسينياتها نشاط الدعاة الخمينيين؛ ففي صور؛ حيث مدرسة من المدارس الدينية الإيرانية «حسينية» تستقبل على الدوام تظاهرات الإسلاميين، وكذلك نادي الإمام الصادق الذي يقوم مقام حسينية ثانية. وتعد صور من بين الأرياف اللبنانية الفقيرة التي تأخرت هجرة أهلها إلى بيروت، لكن هجرتهم كانت مبكرة جداً إلى فلسطين وإلى المهاجر الإفريقية والأمريكية، وإلى ذلك؛ فقد أدت هجرة أهل الريف الصوري إلى صور إلى طبع المدينة البحرية بطابع سكاني وطائفي جديد؛ فبعد أن كانت الغلبة للسنة والمسيحيين على المدينة، انتقلت الغلبة إلى الشيعة المهاجرين من الأرياف العاملية القريبة على نحو حاد، من غير أن تملي المدينة الصغيرة على المهاجرين إليها التطبع بطباع مدنية أو التأدب بآداب جديدة. أما في البقاع فتتصدر بعلبك نشاط الشيعة قبل مقدم الحرس الثوري في صيف 1982م وبعده. وكان يخطب السيد عباس الموسوي من بلدة النبي شيت في جامع الإمام علي في المدينة ويؤم في صلاة الجمعة مصليها. وخطب المصلين وأمّهم كذلك الشيخ صبحي الطفيلي. وفي جوار بعلبك في عين بورضاي أنشأ الإيرانيون حوزة الإمام المهدي وأوكلوا إدارتها إلى الشيخ محمد يزبك. وإلى أعباء إدارة الحوزة والتعليم بها ينهض محمد يزبك بإمامة مسجد بوادي غرب بعلبك، وبين اليمُّونة وإلى شمال اللبوة، وغير بعيد من عرسال، تقوم بلدة النبي عثمان، وإمام جمعتها الشيخ محمد حسن.

وإلى الجنوب من زحلة تقوم مشغرة في وسط ناحية مختلطة ومتنازعة إلى أن تم الاستيلاء على البلدة وحمل الشطر المسيحي الكاثوليكي من أهلها على تركها. هذه الخريطة لأبرز المساجد والحسينيات والمصليات التي يتخذ منها الإسلاميون الخمينيون «خلايا» دعوة وتعبئة»(2).

--------------
(1)جريدة النهار اللنبانية، 27/4/1987م.
(2)دولة حزب الله، 235 ـ 239 بتصرف.

الانقلاب على «أمل»!!

يقول ميثاق حركة أمل: «إن حركة أمل ليست حركة دينية، وميثاق الحركة الذي تمت صياغته في عام 1975م، من قِبَل 180 مثقفاً لبنانياً معظمهم من المسيحيين!! يدعو إلى إلغاء النظام الطائفي في البلاد وإلى المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز.

ومؤسس الحركة الإمام موسى الصدر لم يكفَّ عن تكرار أنه تم تأسيس حركته للدفاع عن الطبقات المحرومة(1). وعندما نجحت الثورة الإيرانية كانت نقطة تحول كبيرة في الحركة الشيعية في لبنان؛ فقد تحقق جزء كبير من حلم الدولة الثلاثية، وأصبحت هناك دولة دينية شيعية آلت على نفسها منذ اليوم الأول لها تصدير ثورتها، وكان من شعاراتها المعلنة: نصرة المستضعفين في كل مكان. وكان على هذه الدولة الجديدة أن ترد الجميل لأهلها في لبنان؛ فقد احتضنوهم بالمأوى والتدريب، وكان رد الجميل سريعاً، فأمدوهم ـ بعد الدفعة المعنوية الكبيرة بنجاح الثورة ـ بالمال والسلاح والرجال والتخطيط. وهكذا ـ وبسرعة أيضاً ـ تم الإسفار عن الوجه المطلوب إظهاره في لبنان، وهو ذلك الوجه الكامن المختبئ إلى حين، وجاء موعد خروجه من كمونه، ولكن ما زالت «أمل» هي الصورة الواضحة في لبنان كممثل رسمي لشيعته، ولكن «أمل» بهذه الوجهة «العلمانية» أصبحت مرحلة مضت يجب تجاوزها؛ لأنها ستمثل عائقاً في طريق إكمال السعي للأهداف الجديدة، وبما أن الهدف من إيجاد «أمل» كان إخراج الفلسطينيين وحماية الشيعة منهم، فها هو الاحتلال الإسرائيلي لبيروت قد أخرج الفصائل المسلحة منها، كما أنه قد تمت تصفية عدد كبير منهم في مذابح مروِّعة قام بها اليهود والموارنة والشيعة.

وهكذا لم يعد لأمل دور تستطيع الدفاع عنه أو تنازع حوله، وعلى هذا فقد تم اتخاذ إجراءات عدة لزحزحة أمل من قلب الصورة إلى هامشها، وكان من ذلك:

1 ـ الضلوع في إخفاء الصدر أو قتله ـ كما مر ـ لإضعاف الحركة في أحد مراحلها.

2 ـ بروز خلافات «علنية» بين نبيه بري، ومهدي شمس الدين الذي كان نائباً لرئاسة المجلس الشيعي الأعلى؛ حيث كان الصدر ـ الغائب ـ لا يزال الرئيس، وسبب ذلك: عدم القبول بتصرفات بري ومنهجه «العلماني» !! وقد نقل راديو «صوت لبنان الكتائبي» أن المكتب الخاص لنائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى أعلن أنه لم تعد للقيادة الحالية لحركة أمل أي علاقة مع سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وقد أُبلغت القيادة الحالية لحركة أمل بهذا القرار في حينه(2).

3 ـ تصفية بعض الرموز المهمة في حركة أمل، أمثال: مصطفى شمران الذي كان له دور بارز في الحركة، وكان المسؤول التنظيمي فيها، كما تسلم إدارة المدرسة المهنية في جبل عامل التي أشرفت على تخريج كوادر أمل العسكرية بعدما حضر إلى لبنان يحمل خطاب تزكية من الخميني(3).

وبعد أن قامت الثورة استدعي لشغل منصب وزير الدفاع في إيران، وتم قتله أثناء زيارة للجبهة في الحرب مع العراق في ظروف غامضة(4).

4 ـ كان الخط الذي اتبعته «أمل» منذ بداياتها مع الصدر هو مد حبال الصلة مع الحكومة اللبنانية، وتمسكها «الظاهري» بشرعية الدولة، والسعي من خلال هذا الطريق لاستنقاذ حقوق الشيعة. وكان الاستمرار على هذه الطريقة هو مما يتعارض والهدف الجديد للحركة الشيعية في لبنان.

وجاء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، ودعا الرئيس اللبناني ـ وقتها ـ إلياس سركيس إلى اجتماع «هيئة الإنقاذ الوطني» وكان نبيه بري عضواً فيها، وقبلت القيادة الدينية حضور بري(5) باعتبار أن هذه الهيئة ستتحول إلى حكومة وطنية، وهو أحد أهداف بري وحركته في أن يكون لهم وجود حكومي قوي. وهنا أعلن أحد أبناء الحركة الخمينية الكامنة والمتدثرة بـ «أمل» انشقاقه عن «أمل» ورفضه لهذه المشاركة وأعلن «أمل الإسلامية» وكان هذا الرجل هو: حسين الموسوي، نائب رئيس حركة «أمل» وبهذا الانشقاق تم تفريغ «أمل» من كوادرها الخمينيين الذين انضموا إلى «أمل الإسلامية» وكان ذلك الإعلان الرسمي الذي تحول فيما بعد إلى «حزب الله» .

------------------------
(1) راجع نص الميثاق في: أمل والشيعة لـ «نورثون»، ص 229 ـ 264، وأمل والمخيمات الفلسطينية، ص 155.
(2)انـظر: أ.ر. نورثون، أمل والشيعة: نضال من أجل كيان لبنان، ص 155، وانظر: حركة أمل، مرحلة ما بعد الصدر، مجلة المجتمع، العدد: 958، ص 51، وانظر: أمل والمخيمات، ص 178.
(3)انظر: الإسلام الشيعي، ص 211، وانظر حوار نبيه بري مع مجلة الوسط، العدد: 278/26/5/1997م، وراجع بعض «بطولاته» في الحرس الثوري، ص 46 ـ 47.
(4)انظر: حركة أمل، مرحلة ما بعد الصدر، المجتمع، العدد/958، ص 50.
(5)انظر ذلك في حوار بري مع الوسط، العدد: 274، ص 18، والعدد، 277، ص 33.


تابع انشاء الله في موقع جديد يوم غد
__________________
khatm
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م