الجزء الأول
منقول عن كتاب ( حراسة الفضيلة ) لـ د / ( بكر بن عبد الله أبو زيد ) بتصرف
تاريخ نظريتى ( حرية المرأة ) و ( مساواة المرأة بالرجل ) وآثارهما التدميرية فى العالم الإسلامى
ليعلم أن النداء بتحرير المرأة تحت هاتين النظريتين إنما ولد على أرض أوروبا النصرانية فى فرنسا التى كانت ترى أن ( المرأة ) مصدر المعاصى ومكمن السيئات والفجور فهى جنس نجس يجتنب ويحبط الأعمال حتى ولو كان أما أو أختا
هكذا نشر رهبان النصارى هذا الموقف المعادى المتوتر من المرأة بينما كانوا ( الرهبان ) مكمن القذارة فى الجسد والروح ومجمع الجرائم الأخلاقية ورجال الإختطاف للأطفال لتربيتهم فى الكنائس وإخراجهم رهبانا حاقدين حتى تكاثر عدد الرهبان وكونوا جمعا مهولا أمام الحكومات والرعايا
ومن هذه المواقف الكهنوتية الغالية الجافية صار الناس فى توتر وكبت شديدين حتى تولدت من ردود الفعل لديهم هاتان النظريتان وشعارهما رفض كل شئ له صلة بالكنيسة وبرجال الدين الكنسى وتضاعفت ردود الفعل ونادوا بأن الدين والعلم لا يتفقان وأن العقل والدين نقيضان وبالغوا فى النداآت للحرية المتطرفة الرامية إلى الإباحية والتحلل من أى قيد أو ضابط فطرى أو دينى يمس الحرية حتى طغت هذه المناداة إلى المناداة بإلغاء جميع الفوارق بين الرجل والمرأة وتحطيمها دينية كانت أم اجتماعية فكل رجل وكل امرأة حر يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء لا سلطان عليه لدين ولا أدب ولا خلق ولا سلطة حتى وصلت أوروبا ومن ورائها الأمريكتان وغيرهما من بلاد الكفر إلى هذه الإباحية والتهتك والإخلال بناموس الحياة وصاروا مصدر الوباء الأخلاقى للعالم
إن المطالبات المنحرفة لتحرير المرأة بهذا المفهوم الإلحادى تحت هاتين النظريتين المولدتين فى الغرب الكافر هى العدوى التى نقلها المستغربون إلى العالم الإسلامى فماذا عن تاريخ هذه البداية المشؤومة التى قلبت جل العالم الإسلامى من جماعة مسلمة يحجبون نسائهم ويحمونهن ويقومون على شؤونهن ويقمن هن بما افترضه الله عليهن إلى هذه الحال البائسة من التبرج والإنحلال والإباحية ؟
تقدم غير مرة أن نساء المؤمنين كن محجبات غير سافرات الوجوه ولا حاسرات الأبدان ولا كاشفات عن زينة منذ عصر النبى صلى الله عليه وسلم إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجرى ( حوالى 1350هـ ) وأنه على مشارف انحلال الدولة الإسلامية فى آخر النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجرى وتوزعها إلى دول دب الإستعمار الغربى الكافر إلى بلاد المسلمين وأخذوا يرمون فى وجوههم بالشبه والعمل على تحويل الرعايا من صبغة الإسلام إلى صبغة الكفر والإنحلال ( أقول / نفس السيناريو يتكرر اليوم فى العراق من إباحيي السيد بوش الذى قدم نفسه كما قدموا أنفسهم وقتها على أنهم مبعوثوا العناية الإلهية ألا فسحقا لهم سحقا سحقا لهم ) وكانت أول شرارة قدحت لضرب الأمة الإسلامية هى فى سفور نسائهم عن وجوههن وذلك على أرض الكنانة فى مصر ثم حين بعث والى مصر محمد على باشا البعوث إلى فرنسا للتعلم وكان فيهم واعظ البعوث رفاعة رافع الطهطاوى المتوفى سنة 1290 وبعد عودته إلى مصر بذر البذور الأولى للدعوة إلى تحرير المرأة ( أقول / أعتقد والله تعالى أعلم أنه لم يكفره بها وإنما أخذ عليه انبهاره بما رآه فى باريس من تقدم جمال وتغاضى عما فيها من تهتك وانحلال بدليل أنه استعمل معه لفظ المتوفى وليس الهالك كما سيأتى ) ثم تتابع على هذا العمل عدد من المستغربين ومن الكفرة النصارى منهم
الصليبى النصرانى مرقس فهمى الهالك سنة 1374 فى كتابه المرأة فى الشرق الذى هدف فيه إلى نزع الحجاب وإباحة الإختلاط ( أقول / سبحان الذى قال (( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم )) )
وأحمد لطفى السيد الهالك سنة 1382 وهو أول من أدخل الفتيات المصريات فى الجامعات مختلطات بالطلاب سافرات الوجوه لأول مرة فى تاريخ مصر يناصره فى هذا عميد التغريب طه حسين الهالك سنة 1393
وقد تولى كبر هذه الفتنة داعية السفور قاسم أمين الهالك سنة 1326 الذى ألف كتابه ( تحرير المرأة ) وقد صدرت ضده معارضات العلماء وحكم بعضهم بردته بمصر والشام والعراق ثم حصلت له أحوال ألف على إثرها كتاب ( المرأة الجديدة )أى تحويل المسلمة إلى أوروبية
وساعد على هذا التوجه من البلاط الملكة نازلى عبد الرحيم صبرى وهذه قد تنصرت وارتدت عن الإسلام كما فى كتاب الملكة نازلى ( ص8 ، 226- 227 ) للمحلاوى
ثم منفذ فكر قاسم أمين داعية السفور سعد زغلول الهالك سنة 1346 وشقيقه أحمد فتحى زغلول الهالك سنة 1332
ثم ظهرت الحركة النسائية بالقاهرة بتحرير المرأة عام 1337 برئاسة هدى شعراوى الهالكة سنة 1367 وكان أول اجتماع لهن فى الكنيسة المرقسية بمصر ( أقول / سبحان الله أما آن لنا أن نفهم إنهن لم يجتمعن فى مسجد سبحان الله ) سنة 1338 وكانت هدى شعراوى أول مصرية مسلمة رفعت الحجاب – نعوذ بالله من الشقاء – فى قصة تتقطع منها النفس حسرة وأسى ذلك أن سعد زغلول لما عاد من بريطانيا مصنعا بجميع مقومات الإفساد فى الإسلام صنع لاستقباله سرادقان سرادق للرجال وسرادق للنساء فلما نزل من الطائرة عمد إلى سرادق النساء المحجبات واستقبلته هدى شعراوى بحجابها – لينزعه – فمد يده – يا ويلهما – فنزع الحجاب عن وجهها فصفق الجميع ونزعن الحجاب
واليوم الحزين الثانى أن صفية بنت مصطفى فهمى زوجة سعد زغلول التى سماها بعد زواجه بها صفية هانم سعد زغلول على طريقة الأوروبيين فى نسبة زوجاتهم إليهم كانت فى وسط مظاهرة نسائية فى القاهرة أمام قصر النيل فخلعت الحجاب مع من خلعنه ودسنه تحت الأقدام ثم أشعلن به النار ولذا سمى هذا الميدان باسم ( ميدان التحرير )
وهكذا تتابع أشقياء الكنانة إحسان عبد القدوس ومصطفى أمين ونجيب محفوظ وطه حسين ومن النصارى شبلى شميل وفرح أنطون – نعوذ بالله من الشقاء وأهله – يؤازرهم فى هذه المكيدة للإسلام والمسلمين الصحافة إذ كانت هى أولى وسائل نشر هذه الفتنة حتى أصدرت مجلة باسم مجلة السفور نحو سنة 1318 وهرول الكتاب الماجنون بمقالاتهم القائمة على المطالبة بما يسند السفور والفساد ويهجم على الفضائل والأخلاق من خلال وسائل الإفساد الآتية :
نشر صور النساء الفاضحة والدمج بين المرأة والرجل فى الحوار والمناقشة والتركيز على المقولة المحدثة الوافدة ( المرأة شريكة الرجل ) أى الدعوة إلى المساواة بينهما وتسفيه قيام الرجل على المرأة وإغراؤها بنشر الجديد فى الأزياء الخليعة ومحلات الكوافير وبرك السباحة النسائية والمختلطة والأندية الترفيهية والمقاهى ونشر الحوادث المخلة بالعرض وتمجيد الممثلات والمغنيات ورائدات الفن والفنون الجميلة ....
يساند هذا الهجوم المنظم أمران : إسنادهم من الداخل وضعف مقاومة المصلحين لهم بالقلم واللسان والسكوت عن فحشهم ونشر الفاحشة وإسكات الطرف الآخر وعدم نشر مقالاتهم أو تعويقها وإلصاق تهم التطرف والرجعية بهم وإسناد الولايات إلى غير أهلها من المسلمين الأمناء الأقوياء
لنا عودة إن شاء الله تعالى مع الجزء الثانى من السلسلة