القتل بسندات قــيد
القتل بسندات قيد
تعامل البشر منذ بدء الخليقة في البيع والشراء ، عن طريق المقايضة ، والتي مازالت تتم حتى اليوم في أنحاء مختلفة من العالم ، فإذا أراد أحدهم أن يشتري طعاما يبادله بصوف أو حلية من معدن أو عظم ، وان أراد أن يتزوج يتنازل عن عدد من مواشيه مقابل إن يعطوه زوجة ، وكذلك يمكن أن يتم التبادل بقطعة من الأرض أو غيرها .
وعندما ازدادت الأمور صعوبة في نقل تلك المواد المطروحة للمقايضة ، فكر بني البشر باختراع النقود ، وعندما كبرت التجارة واتسعت مساحات دائرة التعامل زادت الأمور صعوبة ، خوفا من قطع الطرق وصعوبة نقل الأموال ، اخترع الإنسان أوامر الصرف بشكل صكوك أو كمبيالات ، حتى تطورت لما هي عليه .
وعندما تبحث عن مواقع تلك الاختراعات تجد أنها تمت عند أناس ، دفعهم إحساسهم بقلة الأمن لتلك الاختراعات ، واكثر الناس الذين يشعرون بقلة الأمن هم من يحسوا انهم ملاحقون أو مستهدفون ، الحكام الظالمون اللصوص وغيرهم ، فهم يحرصوا أن يكونوا في مأمن وان دعتهم الضرورة أن يدافعوا من أجل ذلك الأمن ، فانهم يسقطوا من حسابهم أن تراق منهم قطرة دم واحدة . فعندما يتحصنون ويدركوا أن حصونهم لا تنفع يثيرون الفتن عند من يعتقدون أنهم أعدائهم ، فيغروا ذلك من الناس ليصبح حاكما مقابل إسكاته شعبه الذي يعتقد المهزوز من تلك النماذج أن هذا الشعب فيما لو ترك وشأنه سيشكل ولو بعد قرون خطرا عليهم .
وإذا استدعت الحاجة أن يقوموا بغزو ذلك الشعب ، عندما لا يجدون من حاكمه نفعا لهم ، فان سياستهم لا تخرج عن محورها الأصلي وهي الحرص على ألا تراق منهم قطرة دم واحدة ، فيحاولون تجنيد غيرهم وامداده بالمال والعتاد الذي سيعود إليهم بطرق تتماشى مع طبيعتهم العدوانية الجبانة!
هذا ما حدث مع الأمريكان في كل تاريخهم منذ أن حاولوا أن يشقوا قبائل الهنود الحمر الى أن وصلوا للعراق ، فمن يستعرض سيناريوهاتهم في فيتنام وكوريا وكل عدوان لهم سيجد انهم يفضلون تلك الخطوات كأوليات .
وإذا ما حدث أن تلك السيناريوهات تفشل وما أكثر مرات فشلها ، فانهم يلجئون للعبة التفوق بالسلاح ، بندقية وديناميت ضد الرمح الهندي الأحمر ، قنبلة نووي ضد فدائيي اليابان الطيارين . كروز وتوماهوك ضد العراق .
والآن بعد إن استنزفوا كل ما عندهم من حيل في اختراع تمويت غيرهم وإنهاءه فقد خرجوا علينا باختراع الرابوت حيث لا دم يسال لهم فيه عندما يأمرونه بقتل العراقيين .
إن هذه الأمة الموزاءيكية ، لو أنها تستطيع أن تقتل شعوب الأرض بسند قيد ، دون أن تدفع فلسا أو تنزف قطرة دم لما تأخرت ، فالانحطاط عندهم خلق ، والعجرفة عندهم طبع ، وكراهية الآخرين ديدن .
فهي لا تصلح لقيادة الكون ، لأن أي قائد على مر التاريخ عاش ذكره حتى اليوم لابد أن يتصف بما يلي :
1 ـ الفروسية : والفارس هو الذي لا يقبل أن يقاتل إلا فارسا ، فلا يشهر رمحه لطعن طفلة دون العاشرة كما يفعل بوش بالعراق وشارون ( مثله الأعلى ) في فلسطين .
2 ـ النبل : و هي ملاقاة الخصم بمثل ما يملك من سلاح ، فلم نرى حتى في أفلام الكابوي عندما يتحلق المتفرجون حول متصارعين يكونوا قد نزعوا منهم أسلحتهم لمعرفة من سينتصر في النهاية بتساوي إمكانياتهم البدنية .
3 ـ عدم الغدر : فكنا نرى كيف أن صلاح الدين يعالج خصمه ريتشارد قلب الأسد ، وهو بالإمكان أن يقتله ، في حين انظروا لاغتيال العلماء العراقيين في عقيدة بوش .
4 ـ حسن معاملة الأسير ، فهي ذروة أخلاق الفارس النبيل .
5 ـ الصدق ، لقد كان أجدادنا البدو إذا غضب من أن وأراد أن يقتله ينبهه ، فيقول ( تراني جتالك ) ، أما راقبوا ذرائع بوش وزبانيته فهي كل يوم تتبدل ، وان صدقوا في شيء ، فانهم فقط في إعلانهم الرغبة بقتل الغير وبأقل الخسائر ودون إراقة قطرة دم ، حتى لو كان هذا القتل بسند قيد .
__________________
ابن حوران
|