اثارت خطوة الافراج عن الاصلاحيين السعوديين الاربعة ردود فعل متباينة، سواء داخل المملكة او خارجها، لانها جاءت مفاجئة، واثارت موجة من التفاؤل علي صعيد حدوث عملية التغيير المأمولة.
الملك عبد الله بن عبد العزيز، وبعد انتظار استمر اكثر من عشر سنوات، اراد ان يدشن عهده الجديد باغلاق ملفات محرجة، وشائكة في الوقت نفسه، حيث اصدر مرسوما بالعفو عن الاصلاحيين، واطلق سراح معتقلين ليبيين جري اتهامهم بالتخطيط لاغتياله.
الخطوة جيدة بكل المقاييس، لانها جاءت تصحيحا لخطأ كارثي، واحكام جائرة، وقضاء فاسد لا يستند الي شرع الله، وليس له اي علاقة بالعدل وانصاف المظلومين.
فهؤلاء الاصلاحيون الاربعة، عبد الله الحامد ومتروك الفالح وعلي الدميني وسعيد بن زعير لم يرتكبوا جريمة، ولم يقترفوا اثما حتي يزج بهم في السجون بهذه الطريقة غير الانسانية.
وقد اصاب الدكتور سعيد بن زعير كبد الحقيقة عندما قال لمهنئيه الذين توافدوا للاطمئنان علي صحته، ان العفو يصدر للافراج عن المجرمين، وهو ليس مجرما، ولم يخترق قانونا، ولم يظلم احدا، ولم يعتد علي ممتلكات الآخرين.
هؤلاء مارسوا حقا مشروعا في المطالبة بالاصلاح، ووضع حد للفساد، وتوسيع دائرة المشاركة في السلطة، وانتخاب مجلس شوري بالاقتراع المباشر، واقامة مملكة دستورية، فهل من يطالب بمثل هذه الحقوق الاساسية التي يقرها الشرع اصبح مجرما يستحق السجن والعقاب؟
حسنا فعل الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما استقبل اثنين منهم ومحاميهم، وهما متروك الفالح وعلي الدميني واكرم وفادتهم، وعبر لهم عن كل مشاعر طيبة، لان مثل هذا الاستقبال هو بمثابة اعتذار غير مباشر علي اشهر الاعتقال الثقيلة، واعتراف بالخطأ.
ولكن الافراج هو مجرد خطوة علي طريق الاصلاح الطويل، ولا بد من اتباعها بخطوات اخري اكبر واسرع، لان الاسباب التي وقع هؤلاء من اجلها العرائض ما زالت باقية علي حالها دون اي تغيير. فالفساد مستمر، والسجون مليئة بالمظلومين، وحريات التعبير في حدودها الدنيا، والقضاء يحكم بغير ما شرع الله.
ولا يجادل الكثيرون، ونحن منهم، في كون الملك عبد الله غير فاسد، فلم يعرف عنه انه نافس علي عمولات، او بني قصورا، او نافس مواطنا في رزقه، ولكن هذا في حد ذاته لا يكفي، ويظل بلا معني اذا لم يتبع بخطوات جريئة للاصلاح في جميع المجالات.
ربما يكون من السابق لاوانه اصدار احكام متسرعة، فالرجل لم يصبح ملكا الا قبل اسبوعين فقط، ولكن يظل لزاما علينا ان ننبه الي مواطن الخلل، ومصادر الفساد، والخطوات التي ينتظرها ابناء المملكة، والامتان العربية والاسلامية من خادم الحرمين الجديد، لان المملكة ليست دولة ثانوية هامشية، وانما احدي اهم الدول العربية والاسلامية، وصلاحها من صلاح هذه الامة، وفسادها الحالي من اسباب انحطاطها.