حقائق .................الحلقه الاولي
( الحشـــوية
، و المشبهة ، و المجسمة ، و الوهابية ) ، فمن يا ترى المقصود بهؤلاء في
كثير من الاطروحات المعاصرة التي لا زالــت تخوض معترك صراع الألقاب هذا
؟ ، والإجابة على هذا السؤال يجب أن تسبقه إجابة على أسئلة أخرى بين يديـه
ومن خلفه لا يتضح المقصود إلا بها ، وهي بدون أي مقدمات : من الذي يضخ
هذه المصطلحات في المجتمع ؟ ومـاذا يهدف من وراء ذلك ؟ وما هي حقيقة هذا
الصراع ؟ ، فإذا عرف القارئ الكريم من الذي يلقي هذه الألقاب فإنه سوف يضع
قدمه – بلا شك – على أول الطريق في سبيل معرفة حقيقة هذا الصراع وأهدافه
{ولتعرفنهم في لحن القــول . . . } ] [سورة محمد آية 3
لقد تأملت في أسماء قائمة من الكتب والمنشورات والمجلات التي تعمل على
طرح هذه الألقاب في الساحــة الإسلامية ، ونظرت في السير الذاتية لمؤلفيها
والقائمين عليها ، ممن تحلى منهم بالشجاعة العلمية فذكر اسمه الحقيقي على
كتابه أو نشرته ولم يلبس برقع الغدر ، وإذا بهم مجموعة من غلاة أهل البدع
، وإنما قلت ( غـلاة ) وأنـا أقصد ما أقول ، لأني لا زلت أعتقد وأومن أن
في المنتسبين إلى هذه الفرق عقلاء وعلماء يطلبون الحق ، وأقـول : إنهم أخطؤوه
، و لكن من طلب الحق فأخطأه ليس كمن طلب الباطل فأصابه ، وفجر في خصومته
، وغــلا في بدعته ، ومشى بالفساد في الأرض ، والله – جل ذكره - يقول
: ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) [سورة القصص آية 83
، وقد كان إمام أهل السنة أحمد بن حنبل –
رضي الله عنه – يدعو في سجوده ويقول : ( اللهم من كان من هذه الأمــة على
[ ] غير الحق وهو يظن أنه على الحق ، فرده إلى الحق ليكون من أهله )
ولك أيها القارئ الكريم أن تتحقق من ذلك بنفسك أي من السير الذاتية لهؤلاء
الغلاة ، ولولا خشية الإطالة والإملال لبينت لك حال كل واحد منهم ، وذلك
.من خلال أقوالهم ، وتقريراتهم ، وسلوكهم العقدي ومنهجهم الكتابي . .
هذه الشرذمة من الغلاة الذين أشرنا إليهم – أخي العزيز – تجمعهم أصول
مشتركة ، وغايات موحـــدة ! ! . . ! ويكفي هذا لأن يجمعهم خندق واحد في حربهم
ضد من يسمونهم بالحشوية ، والمجسمة والمشبهة ، والوهابـية الذين سنعرفك بمن
يقصدون بهذه الألقاب بعد حين ، ومع أن هؤلاء الغلاة يوجد بين أعضاء اتحادهم
من الشروخ العقائدية ، والتناقضات المنهجية ، ما يكفل معه انهيار ألفتهم
، ولكنهم يتجاوزونها ليكون الهم هما واحدا كمــا اجتمع هم النصارى واليهود
والشيوعيين والبوذيين وأهل الملل التائهة عن الله تعالى على حرب الإسلام
وأهله ، على شدة تباين ما بين هذه الطوائف من المعتقدات الردية وتناقضها
، وهاهنا يجتمع فـئام من أهل البدع ، ويتجاوزون ما بينهم من مفارقات عقائدية
، وتناقضات منهجية ، تحقـــيقا للمصلحة المشتركة بينهم وهي القضاء على من
يسمونهم بالحشوية والمشبهة والمجسمة والوهابية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل
.. .
وأعداء الإسلام من يهود ونصارى ، ومن شايعهم من العلمانيين ، يغذون هذا
الصراع ، ويحمدون لهــؤلاء المبتدعة حربهم السافرة ضد من يسمونهم بالحشوية
. . ، كما قال الله تعالى : ( وإخوانهم يمدونهم في الغــي ثم لا يقصرون ) [سورة الأعراف آية 202
، وعلاقة هؤلاء بؤلئك وأهدافهم لا تخفى على ذي
.لب فلا نطيل الحديث فيها الآن
وأهل الشهوات – أيضا - ، والمنافقون ، ومرضى القلوب ، يصطادون في الماء
العكر ، قال الله – تعالى - : ( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ) ] سورة النساء آية 27
الإجــــــابة على السـؤال . . . ؟؟
الحشوية [ من خلال دراستك – أخي القارئ الكريم – لتأريخ هذا المصطلح
سوف تعرف من المقصود به عند إطلاقه ] ، المشبهة ، المجســـمة ، الوهابية
، سيما إذا اجتمعت هذه الألقــاب في قالب واحـــد ، وسوف تدرك – يقينا –
تبعا لذلك أن الحرب إذا اتجهت عليه : من المعني بها ؟ ! ! ، حيث أن هذا
المصـطلح ليس مصطلحا جديدا اخترعه هؤلاء المعاصرون من كتاب المقالات كما
.يظنه بعض البسطاء ، وإنما هو مصطلح قديم
وحتى تكون على بينة من الأمر ، وتتضح لك: جلية الحال ، وتعرف المقصود
بهذه الألقـــاب والمسميات ، وتعرف قدمها ، فإني أتركك مع شيخ الإسلام ،
الإمام ، أبي عثمان اسماعيل بن عبدالرحمــن الصابوني الشافعي 373-( 449 )
من علماء القرن الرابع والخامس الهجري – رحمه الله – الذي قال عنه الإمام
](3/291 [ ! عبـدالوهاب السبكي – رحمه الله – في كتاب طبقات الشافعية الكبرى
: ( كان مجمعا على دينه ، وسيادته ، وعلمه ، لا يختلف عليه أحد حيث قال شيخ الإسلام الصابوني في رسالته التي ألفها
( وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية ، وأظهر علاماتهم : شدة معاداتهم
لحملة أخبار النبي – صلى الله عليه وسلم - ، واحتقارهم لهم ، وتسميتهم إياهم
حشــوية ، وجهلة ، وظاهرية ، ومشبهة ، اعتقادا منهم في أخبار رسول الله
– صلى الله عليه وسلم – أنها بمعزل عن العلم ، وأن العلم ما يلقيه الشيـطان
إليهم ، من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة ، ، وهواجس قلوبهم
الخالية من الخير ، العاطلة ، وحججهم – بل شبههم – الداحضة الباطلة :
(أولئك الذين لعنهم الله ، فأصمهم وأعمى أبصارهم) سورة محمد الآية 33
سورة الحج الآية 18 [ ( ومن يهن الله فما له من مكرم )
ثم ذكر – رحمه الله تعالى – بإسناده بعض الآثار في شرف أهل الحديث ،
وفيها الإشارة إلى ما يروجه المبتدعة عنهم من قالة السوء ، ثم قال – رحمه الله
– في هذا السياق
( سمعت الأستاذ أبا منصور محمد بن عبدالله حمشاد ، العالم الزاهد يقول
: سمعت أبا القاسم جعفر بن أحمد المقري الرازي ، يقول : قرىء على أبى عبدالرحمن
بن أبي حاتم الرازي ، وأنا أسمع : سمعت أبي يقول – عنى به الإمام في بلده
: أباه أبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، يقول
علامة أهل البدع : الوقيعة في أهل الأثر
وعلامة الزنادقـــة : تسميتهم أهل الأثر حشوية ، يريدون بذلك إبطال الآثار
.
.وعلامة القدريـــة : تسميتهم أهل السنة مجبرة
.وعلامة الجهميـــة : تسميتهم أهل السنة مشبهة
.وعلامة الرافضـــة : تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة
قلــت : وكل ذلك عصبية ، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ، وهو أصحاب الحديث
. قلــت - أي شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني - : أنا رأيت
أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة سلكوا معهم مسالك المشركين
: مع رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فإنهم اقتســموا القول فيه
فسماه بعضهم ساحرا ، وبعضهم كاهنا ، وبعضهم شاعرا ، وبعضهم مجنونا ، وبعضهم
مفتونا ، وبعضـهم مفتريا مختلقا كذابا ، وكان النبي – صلى الله عليه وآله
وسلم – من تلك المعائب بعيدا بريئا ، ولم يكن إلا رسولا مصطفى نبيا ، قال
الله - عز وجل - : ( أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا )[سورة الإســـراء الآية 48
كذلك المبتدعة - خذلهم الله – اقتسموا القول في حمـلة أخباره ، ونقلة
آثاره ، ورواة أحاديثه ، المقتـدين بسنته ، فسما هم بعضهم حشوية ، وبعضهم
نابتة ، وبعضهم ناصبة ، وبعضهم جبرية ؛ وأصحاب الحــديث عصامة من هذه المعائب
برية ، نقية زكية تقية ، وليسوا إلا أهل السنة المضية ، والسيرة المرضية
، والسبل السوية ، والحجج البالغة القوية ، قد وفقهم الله – جل جلاله – لاتباع
كتابه ، ووحيه وخطابه ، والإقتداء برسوله في أخباره ، التي أمر فيها أمته
بالمعروف من القول والعمل ، وزجرهم عن المنكر فيها ، وأعانهم على التمسك
بـــسيرته ، والاهتداء بملازمة سنته ، وشرح صدورهم لمحبته ، ومحبة أئمة شريعته
صلى الله عليه _ ، وعلماء أمته ، ومن أحب قوما فهو منـهم بحكم قول رسول الله
. [ ] وسلم - : المرء مع من أحب
وإحدى علامات أهل السنـــــة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها ، وأنصارها
وأوليائها ، وبغضهم لأئمة البدع ، الذين يدعون إلى النار ، ويدلون أصحابهم
! إلى دار البوار ، وقد زين الله - سبحانه – قلوب أهل الــسنة ونورها بحب
.علماء السنة ، فضلا منه – جل جلاله –
والله من وراء القصد
وللحديث بقيه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|