ما من مولود إلا ويولد على الفطرة - ماذا قال النووي؟
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 16 ص: 208
وقال ابن المبارك يولد على ما يصير إليه من سعادة او شقاوة فمن علم الله تعالى أن يصير مسلما ولد على فطرة الاسلام ومن علم انه يصير كافرا ولد على الكفر وقيل معناه كل مولود يولد على معرفة الله تعالى والاقرار به فليس احد يولد الا وهو يقر بأن له صانعا وأن سماه بغير إسمه آو عبد معه غيره والاصح أن معناه أن كل مولود يولد متهيئا للاسلام فمن كان أبواه او احدهما مسلما استمر على الاسلام في أحكام الآخرة والدنيا وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في احكام الدنيا وهذا معنى يهودانه وينصرانه ويمجسانه أي يحكم له بحكمهما في الدنيا فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما فان كانت سبقت له سعادة أسلم وإلا مات على كفره وإن مات قبل بلوغه فهل هو من اهل الجنة أم النار ام يتوقف فيه ففيه المذاهب الثلاثة السابقة قريبا الصحيح انه من اهل الجنة
اهـ
وهذا هو المشاهد أنك حين تعرض الإسلام على نصراني تجده لا ينفر من مبادئ الإسلام بل يراها مناسبة للفطرة الأصلية بينما تجد أكثرهم يستنكرون التثليث المشؤوم الذي ابتليت به المسيحيه
أي بمعنى آخر فالفطرة المقصود بها وجود الخالق ووحدانيته
أما أن تكون دليلا على صفات الله عز وجل فهذا لا مجال فيه إلا للنقل الصحيح عن الخالق سبحانه وتعالى
بل لو تركت أناسا في جزر مهجورة أو ذهبت إليهم في أواسط الأدغال
وطلبت منهم وصف الخالق لعجزوا عن ذلك أو لأعطوك تصورات فاسدة كالتي أملاها أولئك الأطفال من ألوان وتخريصات ما أنزل الله بها من سلطان علما أنهم لم يتعلموا شيئا منها لا في كنيسة ولا في غيرها
وقاصمة ظهور أولئك المتمسلفين رواية
صحيح مسلم ج: 4 ص: 2048
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد في حديث بن نمير ما من مولود يولد إلا وهو على الملة وفي رواية أبي بكر عن أبي معاوية إلا على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه وفي رواية أبي كريب عن أبي معاوية ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة حتى يعبر عنه لسانه
ورواها البيهقي في سننه الكبرى ج: 6 ص: 203
وانظرها في فتح الباري ج: 3 ص: 248
ومسند أحمد ج: 2 ص: 253
ولها طرق اخرى عن غير سيدنا أبي هريرة كمافي مسند أحمد ج: 3 ص: 353
ثنا هاشم حدثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطر حتى يعرب عنه لسانه فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا
وكما في مسند أبي يعلى ج: 2 ص: 240
حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا أبو حمزة العطار إسحاق بن الربيع حدثنا الحسن عن الأسود بن سريع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه فأبواه يهودانه وينصرانه
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت الفطرة المرادة بما قبل النطق ومفهومه عدم الاعتماد أو الاستدلال بما بعد النطق لاحتمال أن يكون في أحد الطريقين
فالفطرة داخل النفس البشرية تؤثر على ما تتلقاه هذه النفس وما يعرض عليها فأما بعد النطق فلا دلالة فيها البتة
ولعلكم فهمتم مرادي إن تأملتم هذه الرواية بشيء من التأمل
وارجعوا لكلام النووي ترون دقة انتقائه للألفاظ
|