التاريخ السري للعائلة الحاكمة في إمارة شرق الأردن...
يعتبر كتاب الاستاذة ماري ولسون الصادر عن جامعة كامبردج بعنوان " الملك عبدالله، بريطانيا وإنشاء الأردن " كتابا على درجة كبيرة من الأهمية، ليس لانه يعتمد على وثائق وزارة الخارجية البريطانية السرية التي افرج عنها مؤخرا بعد مرور خمسين عاما، وليس لأن المؤلفة اعتمدت خلال مرحلة
التأليف على لقاءات وحوارات كان منها لقاءات أجرتها مع حسن ولي العهد العائلة الحاكمة المخلوع، وانما لان المعلومات الواردة في هذا الكتاب تنسف كل ما قرأناه في كتب التاريخ الأردنية عن العائلة المالكة وثورة الشريف حسين شريف مكة وحكاية مرض الجنون الذي أصاب الملك طلال والذي أدى إلى عزله لصالح ابنه الهالك حسين، وانتهاء بأسرار ضياع فلسطين وتقاسمها بين اليهود والملك عبدالله.
والكتاب لا يحتمل التكذيب، لأنه يعتمد أولا على وثائق سرية أو كانت سرية، ثم لأن مؤلفته مؤرخة جامعية ليست طرفا في الصراع، وبالتالي لا يمكن القول بأنها وضعت كتابها بقصد الإساءة للعائلة الحاكمة في الأردن، وعلى الأخص أن الأمير حسن كان أحد مصادر كتابها.
والكتاب لا يحتمل التلخيص لأنه كل صفحة من صفحاته الـ 450 جديرة بالقراءة. وقد بادرت دائرة التوزيع في "عرب تايمز" إلى توفير نسخا من هذا الكتاب التاريخي الهام للقراء المسلمين في أمريكا، وعلى الأخص أن الكتاب كان على رأس الكتب التي صادرتها مخابرات العائلة الحاكمة في إمارة الأردن.
ونستعرض فيما يلي أهم وأبرز ما كشف عنه هذا الكتاب الهام:
أولا: الملك عبدالله كان متواطئا مع اليهود وبمباركة إنجليزية على تقاسم فلسطين، حيث قام بسحب جيشه من مدينتي اللد والرملة وتسليمهما إلى اليهود دون قتال، وذلك بعد اتفاق سري تم بينه وبين سيدته غولدامائير.
ثانيا: الزوجة الثانية للملك عبدالله والتي انجب منها ابنه نايف كانت خادمة تركية أحضرها أبوه من اسطمبول، وتزوجها عبدالله أو اجبر على الزواج منها بعد أن اغتصبها، وقد انجب منها بالإضافة إلى ابنه نايف الأميرتان مقبولة ومنيرة. وفي الأردن سلم الملك عبدالله مقاليد البلاد لعشيقته السوداء ناهدة والتي كانت تدير له عقاراته، حيث أشرفت على تأجير أراضيه في منطقة الحمر لليهود. وناهدة هذه والتي يطلق عليها الأردنيون تسمية "العبدة" بسبب لونها كانت ابنة إحدى الجواري اللواتي خدمن في قصر الشريف حسين في الحجاز، وبعد هروب الهاشميين من الحجاز جاءت الام إلى الأردن حيث تم إعطاء ناهدة لابنة عبدالله مقبولة حتى تلعب معها، ثم تحولت العبدة إلى عشيقة لعبدالله.
ثالثا: اتخاذ الملك عبدالله للعشيقة المذكورة ومعاشرته لها سرا معاشرة الأزواج في قصر رغدان وفي معسكره الذي أقامه في منطقة ماركا قرب عمان، كان السبب الرئيسي للخلاف الذي نشب بين الملك وابنه البكر طلال والذي لم يكن راضيا عن تبذل والده وتنكره لابنة عمه ناصر "شريفة مصباح" وهي أم طلال.
رابعا: الملك طلال لم يكن مجنونا كما أشيع عنه، فالمقيم البريطاني في الأردن السير اليك كيركيرابد كتب عدة رسائل سرية إلى حكومته يحذرها من طلال لانه ذكي وواسع الاطلاع ويكره الإنجليز ويتقرب من الضباط الأردنيين من ذوي الميول الوطنية. أما السيد اف ايزكييل الذي تولى مهمة الإشراف على تربية طلال خلال وجودة في بريطانيا وقبل التحاقه بكلية ساندهيرست العسكرية، فقد وصف طلال بأنه "شاب ذو مزاج هادئ وقنوع" و "وشخص ليطف لطفا استثنائيا". أما المصاب بالجنون والتخلف العقلي وفقا لتقارير المقيم الإنجليزي في الأردن فهو الابن الثاني للملك عبدالله الأمير نايف. ونايف هذا ادخل الكلية العربية في القدس تحت إشراف مدير الكلية احمد الخالدي الذي أعلن أن نايف "غير قابل للتعليم" وباتت وزارة المستعمرات مقتنعة بأنه كان "متخلفا".
خامسا: كان الملك عبدالله متبذلا، فاسقا، كثير الشرب، كذابا، وفي وثيقة وزارة الخارجية الإنجليزية المحفوظة تحت بند سري جدا تحت رقم 52355 كتب المقيم الإنجليزي في الأردن يصف عبدالله قائلا: "تشكل عندي انطباع خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية بأن عبدالله ليس في نظر الجميع إلا دمية بيد السياسة البريطانية ونكتة تكاد تكون سمجة، حتى في الحجاز حين خدمت هنا مع ابيه لم يبد الأمير عبدالله متمتعا باحترام أحد ... حين كان يلعب الشطرنج في الوكالة البريطانية كان يمارس الغش. لم اسمع أحدا يذكر اسمه إلا بقدر من الاحتقار في كل من مصر والسعودية بل وحتى في العراق…" .
- يتبع -
|