تتمة العاقبة وخيمة والصمت جريمة
السبب التاسع: استعداد علماء أهل السنة وزعمائها للتفاوض مع القوات الأمريكية والحكومة المؤقتة، لعقد هدنة بشروط يتفق عليها الجميع، وقد نفذ أهل السنة ما اتفقوا عليه في بعض تلك المفاوضات، ولكن الطرف الآخر لم يرق له الاستمرار على تلك الهدنة، ما لم يستسلم لهم المجاهدون استسلاما كاملا، يخضعون فيه للمحتل ويسمعون ويطيعون لحكومة نصبها المحتل نفسه...وكلما كادوا يتفقون على هدنة بادرتهم القوات الأمريكية بالقصف والتدمير...
السبب العاشر: اعتقال القوات الأمريكية لأئمة مساجد أهل السنة وزعمائهم، ومنهم الزعماء الذين تولوا المفاوضة عن أهل الفلوجة وغيرها، لإجبارهم على الرضا بالاحتلال والإهانات التي يقومون بها ضد المقاومين لعدوانهم...
السبب الحادي عشر: انتشار الفضائيات الشيعية في العراق بسرعة مذهلة، والذي يتتبعها وبخاصة الفضائية المسماة بـ(الفيحاء) يظهر له الإمكانات المادية الهائلة التي تمولها، والكفاءات التي تديرها، والبرامج التي تنشرها، والأصوات التي ترتفع فيها، تجأر بشكوى الشيعة من الظلم والاضطهاد الذي نالهم من النظام السابق، وتحرض على المقاومين للاحتلال (أهل السنة) وتصفهم بأنهم كانوا يسمعون ويطيعون لرئيس النظام السابق، على أساس وجوب طاعة ولي الأمر، ثم هم اليوم يقاومون ولاة الأمر (الحكام الذين نصبهم الاحتلال)
وكأنَّ النظام السابق لم يضطهد إلا الشيعة وحدهم، ناسين ما حصل لعلماء أهل السنة من قتل وتشريد وسجن واعتقال...
السبب الثاني عشر: ما ظهر في أحداث صعدة اليمنية التي تزعمها الحوثي الإثني عشري الإمامي الجارودي، الذي يعتقد هو وأتباعه كفر كافة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما عدا قليلا منهم يعدون على الأصابع، ويرى أن كل الكوارث التي حصلت على الأمة الإسلامية، منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الآن، سببها اغتصاب أبي بكر وعمر وعثمان للخلافة التي لم يكن يستحقها غير علي رضي الله عنهم أجمعين.
واتضح أنه كان يسعى لإسقاط الجمهورية اليمنية، وإقامة الإمامة الإثني عشرية مقامها، على ضوء الثورة الإيرانية، وكان ذلك بدعم شيعي رسمي خارجي وشعبي وحزبي داخلي وخارجي، مادي ومعنوي في كل من إيران وبعض البلدان العربية...
ولقد تجلى ذلك الدعم في الإمكانات المادية الهائلة، التي مكنته من الوقوف أمام الجيش اليمني ما يقارب ثلاثة أشهر، وقد انتشر مذهبه وتنظيمه في كثير من المحافظات اليمنية، وأنشأ فيها المدارس والمعاهد والمراكز وعبأ الشباب الذي سماه الشباب المؤمن تعبئة روحية وقتالية جعلهم يستميتون دونه ودون أفكاره...
ما واجب أهل السنة في العالم تجاه إخوانهم في العراق؟
إذا كانت تلك هي حال إخواننا السنة في العراق، وإذا كان ظلمهم واضحا من قبل تلك الفئات كلها، وإذا كان مستقبلهم في خطر شديد، فما الذي يجب على إخوانهم السنة في العالم؟
إن نصر المظلوم واجب في جميع الشرائع والقوانين الدولية، ويختلف النصر باختلاف القدرة، فالقادر على نصر المظلوم بيده يجب عليه النصر باليد، والقادر على النصر باللسان والقلم يجب عليه النصر باللسان والقلم، والقادر على النصر بالطرق السياسية والدبلوماسية، وجب عليه النصر بذلك.
ونحن نعلم في هذه الظروف العصيبة التي أحاطت بهذه الأمة أن النصر باليد يمكن أن يقوم به القادرون عليه من أهل العراق، كما أنهم يستطيعون النصر باللسان وبالمال والإيواء والعلاج....
أما المسلمون خارج العراق، فقدرة شعوبهم وعلمائهم وكتابهم ومفكريهم، تنحصر في إنكار ما يقوم به المحتلون وأعوانهم من قتل وتدمير وسجن واعتقال باللسان، كما أنهم قادرون على نصرهم بالمال الذي يوفر لهم الطعام والشراب والدواء وكل ما يمكنهم بالدفاع عن أنفسهم...
وقدرة حكامهم في اتخاذ الوسائل السياسية والدبلوماسية، مع الحكومة العراقية والمحتلين الأمريكان والبريطانيين ودفع المؤسسات الخيرية في مد يد العون لهم بكل ما تقدر عليه...
وقدرة جمعيات حقوق الإنسان في إظهار المآسي التي ينزلها المحتلون بالمسلمين، وإنكار ذلك في وسائل الإعلام وفي المنابر العالمية...
وقدرة أجهزة الإعلام في متابعة ما يجري من الظلم وتصويره أولا بأول، واستضافة المحللين السياسيين والمفكرين والعلماء وكل من يمكن أن يسهم في إظهار ظلم الظالمين وعدوانهم، ونشر ذلك باللغات العالمية في الشرق والغرب، ليطلع العالم على ما يقوم به دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية... فإن الشعوب الغربية إذا بلغها ذلك كله بالتفصيل صوتا بلغتهم وصورة مؤثرة، ستكون لهم مواقف من حكوماتهم...
وإذا تخاذل أهل السنة عن نصر إخوانهم في العراق، فيخشى أن يأتي اليوم الذي ينالهم ما نالهم، فيندمون ولات ساعة مندم.
((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)) [الأنفال]
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)]
وفي حديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال انصر أخاك ظالما أو مظلوما) قلت: يا رسول الله هذا نصرته مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟ قال صلى الله عليه وسلم: (تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه) البخاري وغيره
|