كان البرد شديدا في تلك الليلة..وقد آوى اللناس الى بيوتهم إلا
العائدين من سهرة او سمر..وكانت بائعة الكبريت الصغيرة قد
جلست على الرصيف..حاسرة الراس..حافية القدمين..لا يستر جسمها
إلا ثوب ممزق..لقد امضت نهارها تجوب الشوارع المزدحمة..فلم
يلتفت اليها المارون إلا الاطفال..فكانوا يرموقونها بنظرات
وادعة مشفقة..ولكن قروشهم لا تستقر الا في كف بائع الحلوى...
اشتد عليها البرد..فاشعلت عودا..فانطفأ..فاشعلت آخر..ثم
آخر..حتى اشعلت جميع العيدان..إلا عودا واحدا..تناولته
وتأملته..وكأنها تودع فيه عزيزا..أو تحس فيه معنى النهاية..
ولما طلع الفجر..رأى العابرون طفلة ميتة وبضع علب مبعثرة على
الرصيف........!!!!
شيومة