الإعلام .. وصناعة التسطيح
التفاهة.. السفاهة.. الانحطاط
يقاس حجم نجاح الإعلام وقيمته الحقيقية ، بما يقدمه من برامج ، ويقاس حجم ثقافة الشباب بما يهتمون به من مواضيع ؛ فإذا كانت البرامج المقدمة تناقش القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية من منظور صحيح كان الحكم عليها بالهادفية والنجاح … والعكس بالعكس..
وحينما نجد الواقع المعاش نرى قصص وأسرار العلاقات المشبوهة بين الممثلين والممثلات أو رجال الأعمال وأهل الفن والطرب أو بعض الطاشين رياضياً من المحسوبين عليها تتصدر عناوين الصحف والمجلات .. ثم نلحظ التجريح و الاتهامات المكالة دونما تبيُّن وجة الحقيقة .. وسيولاً من التصريحات المثيرة والتي لا تهدف إلا لإشباع غرور المغرورين من تصريحات سفيهة تدل على خواء العقل من أي شيء سليم مثل " أنا الأحسن بين المغنيين" ، فلان لا يستطيع أن يؤدي مثلي" ، "الجماهير هو كل وجودي "……من الكلام الفارغ ناهيك عن التصريحا ت الجذابة كأن يذكر أحد عنواناً يفيد"عزم قوات الهجوم العربية على القتال" فإذا ما قرأت تجد الحقيقة تتعلق بمباراة كرة قدم أوشيء من ذلك القبيل..
هذه التفاهة في الإعلام ، وهذا السفه والسخف الذين لا أول لهما ولا آخر يندرجان تحت حرية الفكر والرأي أو الديمقراطية والكلمة ، فحرية الكلمة تعنى أن تتحدث بحرية ، بقحةٍ (وقاحة) أن تتعهر أن تملأ الأوراق بأخبار الأسرار الخفية لعمليا ت غرف النوم.. وصور العاهرات والبغايا وملابسهن الداخلية والخارجية……..تلك هي الحرية!!
والكثير من الشباب المسكين ما إن يصدق فينتهز الفرصة لقراءة الفضائح والأخبار الساخنة عن الكثير من هؤلاء حامداً الله على هذه الحرية!!
وهذه الحرية هي الحرية الكاذبة المنحطة السافلة التي تجعل من الإعلام وسيلة للهجاء والسب دون توصيل المشاهد الفكرة الصحيحة أو المطلوبة وكأننا عدنا لعهد جرير والفرزدق ولا نجد لها من مصداقية ، فالخبر الذي يقال بعد عشر دقائق يتم تكذيبه من ذا ت القائم بكتابته.. هذه هي الحرية .. الاتهام في الأعراض والسب العلني الجهاري والتصريحات غير المسؤلة والإثارة ……..والشباب كانوا لا يرون الحرية في القنوات والبرامج ، ولكن لما أوهموا بها- على أنها هذا العبث ولم يكونوا يرونها من قبل لأن النظام الحاكم قبل كان أكثر مركزية- ابتلعوها وصدقوها أنها الحرية أو أنها "تحث بدون رقيب" على أن هذا الإعلام المليء بأخبار الفنانات وأسرارهن الحياتية وشؤون أعمالهن والعلاقات العاطفية بينهن وبين شقائقهن من الرجال لا يتيح لثانية من دهر أو قطرة في بحر إذاعة صوت الاختلاف أو المعارضة.. لكن لأن اهتمامات الكثيرين أصبحت منصبة على اللهو والهزل والأخبار العفنة والآراء النتنة المتعلقة بهذه الفئة ، لذلك آثرت السير في هذا الجانب تجنبت الكلام الممل (سياسة .. قانون كلام فارغ) ثم يشكو ذات(نفس)الإعلام الدني المنحط السافل الوقح من تدني مستوى المشاركة السياسية للأفراد لا سيما الشباب !! نفخ النار ثم اشتكى لما أحرقته. أية مشاركة سياسية تلك التي يريدها ويتحدث عنها وقد خرب البلاد والعباد؟ ثم يناقش مشاكل انحراف الشباب والبطالة والإدمان وانتشار الزواج الغير الشرعي (الزنا المسمى بغير أسمائه كزواج المسيار والزواج العرفي) وكأن الشباب قد أتى من المريخ أو أتى من رحم إعلام ٍ طاهر يفعل الصواب ويترك الخطأ لذا فوجيء الإعلام.
أدلو ا بآرائكم ، لكني أعرف أنه يستحيل تحسن وعي الشباب ومشاركته الفاعلة في المجتمع ما دمنا في منظومة الإعلام الحالي (إعلام العلاقات المشبوهة والأسرار الخفية .. وغرف النوم)
تتفقون أم تختلفون ؟ مرحباً بكم في كلتا الحالتين.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي الخاص المتواضع، وسبحان من تفرّد بالكمال
|