نجمة الصبح تتلألأ قبل بزوغ الفجر .
هم نجوم وليس نجمة واحدة تلألأت في سماء عالمنا ، لعلها تكون منبأة لقدوم فجر جديد ينير لهذه الأمة طريقها ، ويزيح عنها ضلام دام ثلاث وثمانون عاما منذ سقوط الخلافة العثمانية ،وبدأ تللألأ هذه النجوم عندما تنازل شكري القوتلي عن الرئاسة في سوريا و لقّبوه المواطن الأول،وكذلك عندما تنازل الرئيس اليمني على سالم البيض ، وحينما سلم سوار الذهب الحكم في السودان إلى الأحزاب نعتوه بمعاوية بن يزيد، ولست أدري أي لقب سيحصل عليه العقيد علي ولد محمد فال، وهو يغادر ـ هذه الأيام ـ كرسي السلطة.
شكري القوتلي تنازل عن رئاسة سوريا لعبد الناصر من أجل عيون الوحدة العربية، وعلى سالم البيض سلم الحكم لعلي عبدالله صالح حفظا للدماء اليمنية ،وسوار الذهب سلم الحكم إلى الأحزاب في السودان من أجل عيون الدستور، وينقل ولد محمد فال الحكم إلى المدنيين في موريتانيا اليوم من أجل عيون الديمقراطية..
شكري القوتلي مات كمدا في بيروت، وهو يتحسر على فشل تجربة الوحدة، وسالم البيض تناثر إلى أشلاء في تفجير أخوي من علي عبد الله صالح ، وسوار الذهب تجنب مصير «المواطن الأول»، وشغل نفسه بالعمل الخيري التطوعي مع الأخ عبد الرحمن سميط ، وهو يرى الأحزاب التي سلمها السلطة تتناحر مع بعضها البعض لتأذن بقدوم العسكر، أما مصير ولد فال فلم يزل في ركاب الأيام، وإن كنا نتمنى له حظا أفضل من سابقيه..
وباستثناء هؤلاء الأربعة ـ إذا ما استثنينا لبنان و«الجزائر إلى حد ما» ـ فلم يشهد تاريخ جمهورياتنا ودولنا العربية أن رئيسا واحدا ترك كرسي الرئاسة بغير الموت أو الانقلاب أو التنحية القسرية، ومن هنا تنشأ أهمية هذا الرباعي الذهبي: القوتلي،البيض ، سوار الذهب، وولد محمد فال، ومن هنا ينشأ أيضا استحقاق هؤلاء لأقصى حدود الإنصاف، وأن يكون لهم في أبياتنا السياسية العربية قدرهم وتاريخهم ومكانتهم.
|