الأمانـــة ( قصة تراثية ) .
			 
			 
			
		
		
		
		الأمانة 
 
يُحْكَى أنّ رجلاً كان شيخاً على قبيلته , وعندما كبر وتقدّم في العمر  ، أصابه الوهن ومرض ذات يوم وشعر بأن أيامه باتت قليلة ، فدعا إليه ابنه وعائلته ، وكان  أكبر أولاده حدثاً صغيراً لم يبلغ مبلغ الرجال ، فأوصى أخاه قائلاً : تسلّم الآن يا أخي أمور القبيلة ، وعندما يبلغ ابني هذا سنّ الرجولة ، أعد إليه مقاليد حكم القبيلة ، وكن عوناً له وسنداً حتى تستقر له الأمور . 
ومرت الأيام وتوفي ذلك الرجل وتسلّم أخوه مقاليد الحكم مكانه ، وأصبح شيخاً على قبيلته ، ومرت أعوامٌ وأعوام كبر خلالها ذلك الفتى وأصبح رجلاً بالغاً عاقلاً , وانتظر من عمّه أن يعيد إليه  الأمانة , وهي حكم القبيلة كما أوصى والده بها قبل وفاته , ولكن عمه لم يفعل شيئاً من ذلك ، وكأنه نسي الأمر تماماً . 
فقال الشابّ في نفسه : والله لأسألنّه عنها ، فماذا ينتظر مني ، ومتى سيعيدها إليّ ، ألم أصبح رجلاً في نظره حتى الآن ؟ 
وجاء ذات يوم لعمّه وقال له : ألا تذكر يا عم بأن أبي ترك لي أمانة عندك ؟ 
فقال العمّ : بلى أذكر .   
فقال الشابّ : وماذا يمنعك إذن من إعادتها إليّ ؟  
فقال العمّ : لا أعيدها لك ، ولا أسلمك إياها إلا إذا أجبتني عن أسئلةٍ ثلاثة . 
فقال الشابّ : سل ما تشاء يا عمّ .  
فقال العمّ : إذا جاءك رجلان يختصمان إليك ، وأنت شيخ للقبيلة ، وطلبا منك أن تحكم بينهما ، وكان أحدهما رجلاً جواداً طيّباً ، والآخر رجل حقيرٌ وسفيه , فكيف تحكم بينهما ؟  
فقال الشابّ : آخذ من حقّ الرجل الطيّب ، وأضع على حقّ الرجل الحقير حتى يرضى ، وبذلك أحكم بينهما . 
فقال العمّ : وإذا جاءك حقيران يختصمان إليك ، فكيف تحكم بينهما ؟ 
فقال الشابّ : أدفع لهما من جيبي حتى يرضى الطرفان ، وبذلك أنهي ما بينهما من خلافٍ وخصومة .  
فقال العمّ : وإذا جاءك رجلان طيبان يختصمان إليك ، فكيف تحكم بينهما ؟ 
فقال الشابّ : مثل هؤلاء لا يأتيان إليّ ، لأنهما يحلان مشكلاتهما دون اللجوء إلى طرف ثالث ليتدخل في أمورهما . 
فقال العمّ : الآن ثبت لدي بأنك تستحق تلك الأمانة عن جدارة ، لما لمسته فيك من الحكمة والفطنة والعقل ، وأنت من الآن ستصبح شيخاً للقبيلة ، وفقّك الله يا ابني لما فيه الخير ، وجعلك خادماً أميناً لأهلك وقبيلتك . 
وأعاد العم زمام الأمور لابن أخيه الذي أصبح شيخاً على قبيلته خلفاً لأبيه بعد أن أثبت بأنه بحلمه وحكمته وزينة عقله يستطيع أن يوفّق بين جميع الأطراف ، ويُرضي بعدلِه القاصي والداني منهم . 
		
	
		
		
		
		
			
				__________________ 
				فيا ربما أخلى من السبقِ أولٌ ......وبذَّ الجياد السابقات أخيرُ 
                  
			 
		
		
		
		
		
						  
				
				آخر تعديل بواسطة صالح زيادنة  ، 03-01-2003 الساعة 02:41 PM.
				
				
			
		
		
	
		
		
	
	
	 |