الآن أبصرتم ..الآن ما ينفعكم البصر ..الآن سمعتم ..وما ينفعكم سمعكم الآن .. أين أنتم في الدنيا وقت العمل ؟؟الآن ما ينفعكم شيء ..في يوم الحسرة في يوم التغابن ..يا أخوات كونوا مستعدات للقاء هادم اللذات كنّ صادقات مع أنفسكم ولا تقولوا مثلما قال البعض ..في العمر متسع..وإذا جاء رمضان القادم سأتوب أو وقت الحج أو لما يحصل كذا وكذا..بالله هل أنتِ متيقنة أنكِ ستدركين ذلك الوقت ..اسمعي إلى ما قاله أبو العتاهية ..
دخل أبو العتاهية يوما على ذالك الملك ولعله الرشيد ومدحه الناس لقصره ..فقال له الرشيد :ماذا تقول يا أبو العتاهية ..قال :أن أقول ..
عش ما بدالك سالماَ في ظل شاهقة القصور
قال الملك :هه ..أي زد ..ما أعظم هذا الشعر ..فقال ..
عش ما بدالك سالماَ في ظل شاهقة القصور
يجري عليك ما أردت من الغدوّ ومن البكور
فرح الملك ..وقال ما أعظم هذا الشعر ..زد .. فأكمل وقال :
فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا ما كنت إلا في غرور
أبا العتاهية الزاهد قال هذا ..فبكى الملك حتى سقط مغشيا عليه من البكاء 0ثم لما أفاق قال للجنود ..اهتكوا الستر وأغلقوا الأبواب فإني راجع إلى بيتي القديم ..
(كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )
مصيبتنا والله في الدنيا حتى بعض الصالحين مصيبته في الدنيا حتى من يتظاهر بالالتزام مصيبته في الدنيا ..كبّر.. ولا يزال قلبه في البيت ..
سجد.. ولا يزال يفكر في الدوام... يقرأ القرآن وهو لا يزال يتذكر زوجته وأشغال البيت ..إنا لله وإنا إليه راجعون ..
عمر بن عبد العزيز ..سمعتم به ..ملك وأمير المؤمنين ..هذا الرجل صار أميرا للمؤمنين ..أتعرفين ماذا فعل ..كان يأتيه والي أحد الولايات ..دخل في كوخه القديم ..أمير للمؤمنين يسكن في كوخ ..الله أكبر ..دخل عليه الوالي وسأله أمير المؤمنين عن أحوال الرعية وعن شؤون المسلمين ..فلما انتهى قال الوالي أما الآن فإني سائلك يا أمير المؤمنين عن أهلك وولدك ..قال :انتظر .. وكان في الغرفة سراج فأطفأه ثم أظلمت الغرفة فقال الوالي :لم فعلت هذا يا أمير المؤمنين ؟؟قال هذا السراج من أموال المسلمين أشعلته لأسأل عن أحوالهم ..أما أن تسألني عن أهلي وولدي فلا يحق لي أن أشعله ..فإنه من أموال المسلمين ..
لا يملك إلا ثوب واحداً..ثوب واحد ..إذا غسلته زوجته فاطمة.. يجلس في البيت ولا يخرج حتى ينشف ثوبه ثم يخرج إلى الناس ..هذا الرجل يوماً من الأيام صلى بالناس العيد ..إمام ..وبعد الصلاة مرّ على مقبرة وكان يوم عيد وانظري أخيه إلى المواكب ..كان موكبه على بغلة ..عنده بعض أصحابه مرّ على المقبرة فقال لمن عنده :انتظروا ..ثم ذهب إلى المقبرة وأخذ ينظر في القبور في يوم العيد ..ثم قال عمر
أيها الموت ..ماذا فعلت بالأحبة ؟؟ أيها الموت ماذا صنعت بهم ؟؟فلم يجبه أحد ..فخر ّعلى ركبتيه وهو يبكي ويردد شعراً أتعرفين ماهو!!