قصيدة في مناجاة الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
قف بالخضوع وناد ربك يا هو == إن الكريم يجيب من ناداه
واطلب بطاعته رضاه فلم يزل == بالجود يرضي طالبين رضاه
واسأله مسألة وفضلا إنه == مبسوطتان لسائليه يداه
واقصده منقطعا إليه فكل من == يرجوه منقطعا إليه كفاه
شملت لطائفه الخلائق كلها == ما للخلائق كافل إلا هو
فعزيزها وذليلها وغنيها == وفقيرها لا يرتجون سواه
ملك تدين له الملوك ويلتجي == يوم القيامة فقرهم بغناه
هو أول هو آخر هو ظاهر == هو باطن ليس العيون تراه
حجبته أسرار الجلال فدونه == تقف الظنون وتخرس الأفواه
صمد بلا كفء ولا كيفية == أبدا فما النظراء والأشباه
شهدت غرائب صنعه بوجوده == لولاه ما شهدت به لولاه
وإليه أذعنت العقول فآمنت == بالغيب تؤثر حبها إياه
سبحان من عنت الوجوه لوجهه == وله سجود أوجه وجباه
سل عنه ذرات الوجود فإنها == تدعوه معبودا لها رباه
ما كان يعبد من إله غيره == والكل تحت القهر وهو إله
أبدى بمحكم صنعه من نطفة == بشرا سويا جل من سواه
وبنى السموات العلا والعرش والـ == الكرسي ثم علا الجميع علاه
ودحا بسيط الأرض فرشا مثبتا == بالراسيات وبالنبات حلاه
تجري الرياح على اختلاف هبوبها == عن إذنه والفلك والأمواه
رب رحيم مشفق متعطف == لا ينتهي بالحصر ما أعطاه
كم نعمة أولى وكم من كربة == أجلى وكم من مبتل عافاه
فإذا بليت بغربة أو كربة == فادع الإله وقل سريعا يا هو
لا محسن الظن الجميل به يرى == سوءا ولا راجيه خاب رجاه
ولحلمه سبحانه يعصي فلم == يعجل على عبد عصى مولاه
يأتيه معتذرا فيقبل عذره == كرما ويغفر عمده وخطاه
يا ذا الجلال وذا الجمال وذا الكرم == يا منعما عم الأنام نداه
يا من هو المعروف بالمعروف يا == غوثاه يا رباه يا مولاه
ما لي إذا ضاقت وجوه مذاهبي == أحد ألوذ بركنه إلا هو
ثم الصلاة على النبي تخصه == وتعم بالخيرات من والاه
ما صاح في عذب العذيب مغرد == أو لاح برق الأبرقين سناه
(من ديوان البرعي)
|