الأخ ابن عباد, بالنسبة للصفات فإن مذهب أهل السنة أن من نفى ما أثبته الله لنفسه أو ثبت عن رسول الله مثله أو قام الإجماع عليه فهو كافر لأنه يكون كذّب الله أو الرسول أو سلخ نفسه عن الاعتقاد في أصول المسائل.
الصفات ثابتة فالله يسمع لا كسمعنا ويرى لا كرؤيتنا وهذا معنى نفي الشبه الكلي وواهم من ظن أن هناك شبها بيننا وبين الله ولو في شىء مشترك, هذا يكون فهمه قاصرا, فلو قال قائل: الله حي وأنا حي, وهذا مشترك. يقال له خطأ كبير وجهل بالله هذا الظن لأن حياتنا مخلوقة زمنية وحياة الله أزلية ذاتية.
وكما قال الإمام أحمد في قوله تعالى: وجاء ربك. قال: أي قدرته, إن القرءان مواعظ وحكم. قال البيهقي: هذا إسناد لا غبار عليه.
أما من قال قولا: الله لا شىء مثله, ثم ينقضها بقوله: له يد حقيقية. فهذا ما عرف الله ولا عرف اللغة من جهله باللسان العربي, فإن اليد الحقيقية هي الجارحة والله خالق الجوارح وهو ليس كمثله شىء.
بالنسبة للإمام الطحاوي, هو لم يقل رأيه فقط أو اعتقاده, ونِعم الاعتقاد, بل هو ناقل لمذهب أهل السنة والجماعة نصا وقد ذكر هذا وكذلك الامام البيهقي في كتابه اعتقاد السلف وكذلك الحافظ الاسماعيلي في اعتقاد أهل الحديث فلا تناقض بين هذا كله, وهذا نص الحافظ أبي بكر الإسماعيلي رضي الله عنه:
اصول الاعتقاد عند أهل الحديث: اعلموا رحمنا الله وإياكم أن مذهب أهل الحديث أهل السنة والجماعة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ........ إلى أن جاء فصل:
رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة:
ويعتقدون جواز الرؤية من العباد المتقين لله عز وجل في القيامة ، دون الدنيا ووجوبها لمن جعل الله ذلك ثواباَ له في الآخرة ، كما قال : وجوه يومئذِ ناضرة إلى ربها ناظرة. وقال في الكفار: كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون. فلو كان المؤمنون كلهم والكافرون كلهم لا يرونه كانوا جميعا عنه محجوبين ، وذلك من غير اعتقاد التجسيم في الله عز وجل ولا التحديد له, ولكن يرونه جل وعز بأعينهم على ما يشاء هو بلا كيف .
وقال في نهاية الكتاب: هذا أصل الدين والمذهب ,اعتقاد أئمة اهل الحديث،الذين لم تشنهم بدعة ولم تلبسهم فتنة،ولم يخفوا إلى مكروه في دين ولا تفرقوا عنه. انتهى
فكل هذا يثبت بأن السلف ما كانوا يعتقدون الظاهر أبدا فإن اعتقاد الظاهر على خلاف قولهم: تفسيره تلاوته والسكوت عليه. وقولهم أيضا: أمرّوها كما جاءت بلا كيفية. فإن اعتقاد الظاهر تكييف وإلا فلأي سبب ذم الله الذين يتبعون المتشابهات, والدليل عليه أن لو أحدا اعتقد ظاهر الاستواء وءاخر اعتقد ظاهر " وهو معكم أينما كنتم " وءاخر اعتقد ظاهر " بكل شىء محيط " فهذا كله يؤدي إلى التناقض فلا بد من صرف اللفظ عن ظاهره كي لا يؤدي إلى التشبيه ويتوحد الكل تحت عقيدة " ليس كمثله شىء " اعتقاد أهل السنة والجماعة.
|