قصة تراثية
			 
			 
			
		
		
		
		السعادة المفقودة 
 
يحكى أن رجلاً غنيّاً كان على قدرٍ كبير من الثراء ، وكان في أكثر أوقاته مشغولاً في إدارة أعماله وشؤونه المالية ، ولا يجد الوقت الكافي للجلوس مع زوجته وعائلته جلسات فيها شيء من الراحة وهدوء البال . 
وكان له جار فقير لا يكاد يجد قوت يومه ، ولكنه كان سعيداً في حياته ، وفي كلّ يوم كان يجلس الساعات الطوال مع زوجته وأفراد عائلته . 
وكانت زوجة الرجل الغنيّ ترى هذه العائلة الفقيرة وتحسدهم على تلك السعادة التي يتمتعون بها . 
وتحدثّت ذات يوم مع زوجها وقالت له : يا رجل ماذا تنفعنا هذه الأموال الكثيرة ونحن لا نجد طعماً للسعادة ، ولا يكاد الواحد منا يرى الآخر ، بينما هذه العائلة الفقيرة التي تعيش بجوارنا لا يهمهما من أمور الدنيا شيء . وهم في غاية السعادة والهناء . 
وفكّر الرجل الغنيّ هنيهةً ثم وعد زوجته أن يتفرّغ لهم ، وأن يخصّص بعضاً من وقته ليقضيه معهم في جلسات هادئة هانئة .  
وفي اليوم التالي أرسل الرجل الغنيّ من يدعو إليه جاره الفقير ، واستغرب الرجل الفقير تلك الدعوة ، فليس من عادة ذلك الرجل أن يدعوه ، أو حتّى يشعر به ، فذهب إليه وعندما وصل استقبله الرجل الغنيّ بلطفٍ وأكرمه وتحدّث معه بهدوء وقال له : أراك يا أخي تجلس كلّ يومك في البيت ، ألا تجد عملاً تعمل به . 
فقال الفقير : والله يا أخي ليس عندي ما أعمل به ، فأقضي لذلك كل وقتي في البيت . 
فقال له الغني : ما رأيك لو أعطيتك بعض المال كرأسمالٍ تشتري به بيضاً وتبيعه كلّ يوم وتربح منه ، وبذلك تعمل وتطعم عيالك ، ولا ترجع لي مالي إلا بعد أن تتحسن أحوالك ، ويصبح لديك رأسمال كافٍ تعمل به . 
وافق الرجل الفقير ووجدها فرصة سانحة ليعمل ويرتزق ويطعم عياله بكرامة ، وأخذ المال من الرجل الغني ، وعاد أدراجه . 
وفي الصباح ذهب إلى السوق واشترى بيضاً وأخذ يبيع ويشتري ، وكان في ساعات الفراغ بدل أن يجلس مع أفراد عائلته ، يأخذ في تصنيف تلك البيوض فيضع الكبيرة في جهة ، ويضع الصغيرة في جهة أخرى ، حتى يبيع كلّ صنفٍ منها بسعر . 
وبعد عدة أيام نظر الرجل الغنيّ من شرفة بيته إلى جاره الفقير فوجده مشغولاً في عدّ بيوضه وتصنيفها ، فابتسم ابتسامة عريضة ملؤها الخبث والدهاء . وقال لزوجته : أهذا هو الرجل الذي تقولين إنه يقضي كلّ أوقاته مع زوجته وأولاده ، انظري إليه ماذا يفعل الآن . 
ونظرت المرأة فرأت ذلك الرجل مشغولاً على تلك الحالة ، فتعجبت لتغيّر أحواله ، ولكنها لم تعرف السبب الذي سلب منه تلك السعادة التي كانت تحسده عليها . 
بينما كان زوجها يشيح بوجهه ليخفي ابتسامة خبيثة كانت ترتسم على شفتيه . 
		
	
		
		
		
		
			
				__________________ 
				فيا ربما أخلى من السبقِ أولٌ ......وبذَّ الجياد السابقات أخيرُ 
                  
			 
		
		
		
		
	
		
		
	
	
	 |