الدرس السـابع
حكم تكفير وسب الصحابة :
إن حكم تكفير وسب الصحابة ينقسم بحسب حال المكفر والساب لهم .
فالسب هو : الكلام الذي يقصد به الإنتقاص والإستخفاف ، وهو ما يفهم من السب بعقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم ، كاللعن والتقبيح ، ونحوهما . الصارم المسلول صفحة 561 .
فمن الناس من يتهمهم بالكفر والردة ، حتى قالوا : " كان الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب ردة إلا ثلاثة ، أبوذر والمقداد وسلمان الفارسي " .
ومنهم من ينتقص منهم ، ويلعنهم حتى قال قائلهم : " نحن نتقرب إلى الله بلعن أبي بكر وعمر وعثمان " .
وهم يحاولون أن يخدعونا بكلماتهم الزائفة التي ينمقونها فنجدهم يقولون : " نحن لا نكفرهم ، نحن لا نلعنهم ، نحن لا نسبهم "
ولكن كتبهم طافحة بالكثير الكثير مما لا يخفى على أحد ، وهي شاهدةٌ عليهم.
وإليك الحكم فيمن كفر أو سب الصحابة رضوان الله عليهم :
1- من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم .
2- من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم .
3- من سب صحابيا لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في دينه .
4- من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم .
5- من سب أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما .
6- من سب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن .
وإليك تفصيل ذلك :
أولا:من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم .
فهذا لا شك في كفره ، بل إن من شك في كفر هذا فهو كافر أيضا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا ، أو أنهم فسقوا عامتهم ، فهذا لا ريب أيضا في كفره ؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع ؛ من الرضا عنهم ، والثناء عليهم . بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين .... إلى أن قال .... وكفر هذا مما يعلم بالإضطرار من دين الإسلام " الصارم المسلول صفحة 586 - 587 .
وكفر من سب الصحابة رضوان الله عليهم جميعهم أو معظمهم بالكفر أو الردة أو الفسق قد أجمعت عليه الأمة ولم يخالف فيه أحد ، قال الهيثمي رحمه الله :" ثم الكلام - أي الخلاف - إنما هو في سب بعضهم ، أما سب جميعهم ، فلا شك في أنه كفر " . الصواعق المحرقة صفحة 379 .
واستنبط الإمام مالك من قوله تعالى :" محمد رسول الله والذين معه ........ إلى قوله تعالى ....... ليغيظ بهم الكفار " كفر من يبغضون الصحابة ؛ لأن الصحابة يغيظونهم ، ومن غاظه الصحابة فهو كافر ، وقد وافقه الإمام الشافعي رحمه الله وغيره .
وكذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار " .
وفي رواية أخرى : " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق " . وفي رواية : " لا يبغض الأنصار رجل آمن بالله واليوم الآخر " صحيح مسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" فمن سبهم فقد زاد على بغضهم فيجب أن يكون منافقا لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر " . الصارم المسلول 581 .
واستنبط الإمام مالك من قوله تعالى : " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (29) سورة الفتح
كفر من يبغضون الصحابة ؛ لأن الصحابة يغيظونهم ، ومن غاظه الصحابة فهو كافر ، وقد وافقه الإمام الشافعي رحمه الله وغيره .
وكذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار " .
وفي رواية أخرى : " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق " . وفي رواية : " لا يبغض الأنصار رجل آمن بالله واليوم الآخر " صحيح مسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فمن سبهم فقد زاد على بغضهم فيجب أن يكون منافقا لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر " . الصارم المسلول 581 .
ثانيا : من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم .
كأن يأتي أولئك ويطعنون فيمن نقل فضله بالتواتر بالكفر والفسق ، وهذا قد اختلف العلماء فيه ( هل يكفر ، أم يفسق ) فذهبت طائفة من أهل العلم إلى كفره ، وذهب البعض الآخر إلى التفصيل فقالوا : " إن اعتقد في سبهم فهو كافر ، وإن لم يكن معتقدا فإنه يكون فاسقا " ، والراجح والله أعلم هو ما ذهب إليه الفريق الثاني من التفصيل .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : " ومن خص بعضهم بالسب ، فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله ؛ كالخلفاء ، فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر ؛ لتكذيبه ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكذبه كافر ، وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته ، فقد تفسق ؛ لأن سباب المسلم فسوق . وقد حكم البعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقا والله أعلم " . الرد على الرافضة 19 .
ثالثا : من سب صحابيا لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في دينه .
وهذا إنما يكون فاسقا ، قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب : " وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله ، فالظاهر أن سابه فاسق ، إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يكفر " . الرد على الرافضة 19 .
رابعا : من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما إن سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم ؛ مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهو الذي يستحق التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء " . الصارم المسلول 586 .
.. يتبع ..