الحلقة الثانية
كيف أسلمت ؟؟؟ يرويها يوسف استيس
يسألنى الكثير من الناس ، هل يعقل لقس وواعظ للنصرانية ، أن يدخل الإسلام ، وهو يعلم المثالب التى نسمع عنها ، عن الإسلام والمسلمين كل يوم ؟؟؟ ... وبهذه المناسبة أود أن أشكر كل السائلين على اهتمامهم لقصتى المتواضعة ، فهذه إرادة الله .
فى الواقع لقد سألنى أحد النصارى المهذبين عبر البريد الإليكترونى ، لماذا تركت ديانتك النصرانية ، معتنقا الإسلام ؟؟؟ وفيما يلى نسخة من جوابى عليه الذى أرسلته له .
كيف حدث ذلك ؟؟؟
اسمى يوسف استيس ، مواطن مسلم ، داعية للإسلام فى الولايات المتحدة ، مدعوم من عدة منظمات إسلامية هنا بواشنجتون ... ولهذا فأن أسافر فى عدة بلاد فى المعمورة ، أحاضر فيها ( بالمناسبة ::: كان يؤدى فريضة الحج الماضية 1424 هـ ، وكان على صلة يومية بموقعه على الإنترنت ، يسجل فيه انطباعته وملاحظاته ، وتعليقاته على فريضة الحج ) ، وأدعو إلى حقيقة رسالة المسيح عليه السسلام كما جاءت بالقرآن الكريم . وأعقد لقاءات ومناقشات وندوات ، مع كل الأديان ، وأتمتع بالفرص التى تتاح لى لمقابلة أحبار ، وقساوسة ، ووعاظ ، وكهنة . معظم أعمالنا فى الدعوة هى فى محيط الجهات العلمية ، والحربية ، والسجون . أساسا هدفنا هو التعليم وإيصال الرسالة الحقة للإسلام ، وأن نوضح الصورة الحقيقية للمسلم كيف تكون . بالرغم من أن الإسلام ينتشر الآن ليقترب من اتشار النصرانية ، إلا أن كثيرين من المسلمين ، لايفهمون رسالة الإسلام بوضوح " رسالة السلام ، والإستسلام والطاعة لله " .
عزيزى ... ربما أكون قد قفزت بعض الشئ منبأ عن نفسى !!! كنت أريد أن أعطى القليل من الخلفية ، عن خبرتى الشخصية ، وأريد أن أفيد أى باحث عن الحق ، ليستفيد منها ، وفى نفس الوقت ، سأوضح بعض المفاهيم الخاطئة فى النصرانية المعاصرة . قد يظهر هذا غريبا ، وقد نتفق سويا فى بضعة نظريات ، ومفاهيم عن الله ، سيدنا عيسى ، النبوة ، الخطيئة والخلاص . ولكنك تعلم أنى قد كنت فى نفس القارب ، الذى يستقله بعضا من الناس الآن ! حقيقة لقد كنت كذلك ، دعنى أشرح لك .
لقد ولدت فى عائلة نصرانية شديدة التدين ، فى وسط الغرب " بأمريكا " . عائلاتنا وأسلافنا ، لم يكونوا فقط يبنون الكنائس والمدارس فى البلاد ، ولكنهم هم من الأوائل الذين هاجروا لأمريكا . وحينما كنت فى المراحل الأولى من تعليمى ، انتقلنا لنعيش فى تكساس عام 1949 ( أنا عجوز ) . وكنا نحرص على حضور الكنيسة ، وقد عمدت فى سن الثانية عشر ، فى بسادينا بتكساس . وفى سن المراهقة ، كنت شغوفا بزيارة الكنائس الأخرى ، لتحصيل المزيد من المعلومات والعقائد ... المعمدان .. الميثوديين .. الأسقفيون .. الحركات المؤثرة .. كنيسة السيد المسيح .. كنيسة الله فى السيد المسيح .. الكاثوليك .. الإنجيل الكامل .. المشدوه .. برسبيتريان .. وكنائس كثيرة أخرى . وكنت متعطشا لتطوير نفسى حسب الإنجيل ، أو كم نقول " أخبار حسنة " ( ؟؟؟؟؟؟ ) . لم تتوقف دراساتى على النصرانية فقط ، بل تعدتها إلى الهندوسية ، والبوذية ، واليهودية ، ...... الخ ، ومعتقدات الأمريكان ، كل ذلك كان جزءا من دراساتى . .. الشئ الوحيد الذى لم أقترب منه كان الإسلام !!! لماذا ؟؟؟ سؤال جيد .
على كل حال ، أصبحت مهتما جدا بالموسيقى ، الإنجيلية ، والكلاسيكية ، وذلك لأن أسرتى كانت متدينة وموسيقية ، وأتبع ذلك ، أن تمتد دراساتى إلى المجالين . ومنطقيا كنت أمارس الموسيقى الدينية فى كثير من الكنائس التى كنت أعمل بها على مر السنين ، وابتدأت فى تعليم الآلات الموسيقية ذات لوحة المفاتيح .، عام 1960 ، وبحلول عام 1963 ، امتلكت ستوديو فى لوريل ، ميريلاند ، اسمه " ستوديو أيستس للموسيقى "
ولمدة ثلاثين عاما كنت أعمل أنا وأبى معا فى مشروعات متعددة ، نقوم بمشروعات للترفيه ، والمعارض والجاذبية . أسسنا مخازن للبيانو والأورج فى عدة مناطق ، كتكساس ، أوكلاهوما ، فلوريدا . وقد حققت أرباحا بالملايين فى هذه السنوات ، ولكنى لم أحصل على السلام بداخلى ، الذى لايأتى إلا بمعرفة الحق ، والتوصل للخلاص الصحيح . لا أشك فى أنك سألت نفسك فى بعض الأحيان هذه الأسئلة !!! " لماذا خلقنى الله ؟ " أو " ما الذى يريده الله منى أن أقوم به ؟ " و " من هو الله ؟ " و " ما الذى يجبر أبناء آدم على أن يتحملوا خطيئته ؟ وبناء عليه يظلون يعاقبون إلى الأبد ؟ " . ولكن إذا سألت أى شخص هذه الأسئلة ، من المحتمل أن يقول لك ... عليك أن تعتقد دون أسئلة !!! ... أو هذا شئ غامض لا يجب أن تسأل عنه !!!
وهناك أيضا مفهوم " التثليث " ... لو أنك سألت واعظا أو قديسا ، ليعطيك بارقة توضيح لفكرة ، كيف يصبح الواحد ثلاثة ؟؟؟ أو كيف أن الله نفسه ، الذى يفعل أى شئ يريده ، لا يمكنه أن يغفر للبشر خطاياهم ؟ ، ولكن يأتى للأرض كبشر ، ويحمل هو الخطايا ،لكل البشر ، واضعا فى الإعتبار ، أنه وهو يقوم بذلك ، يكون فى نفس الوقت إلاها طوال هذه الفترة لكل الكون ، وبإرادته ، الكون داخليا وخارجيا ، الذى نعلمه .
وفى يوم من أيام 1991 ، علمت أن المسلمين يعتقدون فى الإنجيل بأنه من عند الله ، لقد صدمت ! والأنكى من ذلك أنهم يعتقدون فى المسيح عليه السلام أيضا !!! ولكن :::
** رسول من عند الله .
** نبى من أنبياء الله
** ولادته معجزة بدون تدخل بشر
** اسمه المسيح كما هو مذكور فى الإنجيل
** هو مع الله الآن ::: وبالإضافة لذلك كله ، سيعود للأرض ، قرب قيام الساعة ، ليقود تابعيه ضد المسيح الدجال !!!
كان ذلك كثيرا على ! خصوصا وأن الإفانجليست ، الذين يسافرون حولنا ، يكرهون المسلمين ، والإسلام بعنف ، ويقولون عنهم وعن الإسلام أشياء كثيرة غير صحيحة ، لتجعل الناس يكرهونهم ، ولهذا كيف أتقبل أنا هؤلاء القوم ؟؟؟
كان أبى نشيط فى دعم الكنيسة ، خصوصا برامج التدريس ، وقد أصبح قسيسا معينا فى سلك الكنيسة ، عام 1970 ، هو وأمى ( زوجة أبى ) يعلمون الكثير من تلفزيون الإفانجليست ، وما يقوم به من وعظ ، وحتى قد زاروا أورال روبرتس ، وساعدوا فى بناء " برج العبادة " فى تلسا ، أو كى ! كذلك كانوا معاونين ومدعمين لجيمى سواجارت ، و تيمى فيى باكر ، جيرى فولول ، جون حاجى ، وأكبر عدو للإسلام فى أمريكا بات روبرتسون .
وكان يوزع شرائط للوعظ ، فى البيوت للمتقاعدين ، وفى المستشفيات للمرضى ، وفى البيوت للعجائز ، وفى عام 1991 ، ابتدأ فى بعض الأعمال الخاصة به ، وطلب منى أن أتقابل مع أحد الرجال من مصر ، وفرحت لهذه الفكرة ، لأتقابل مع شخص أجنبى ، خصوصا من بلاد الأهرامات وأبو الهول ، ونهر النيل وكل ذلك ، وأصبت بانتكاسة حينما ذكر لى أبى أنه مسلم :::
لم أصدق أذنى !
مسلم ؟؟؟
لايمكن !!!
راجعت أبى فى الأمور التى سمعتها عن المسلمين ، وعن ماهيتهم !!!
إرهابيون .. مختطفى طائرات .. مفجرى قنابل .. ويعلم الله ما هو أكثر من هذا !!!
ليس هذا فقط !
إنهم لايعتقدون فى الله !
يقبلون الأرض خمس مرات فى اليوم!
يعبدون حجرا أسودا فى الصحراء !
لا .. لا .. لا .
لا استطيع مقابلة هذا الرجل المسلم ... مستحيل !
أصر أبى على اللقاء ، وأكد لى إنه شخص ممتاز ، فسلمت بالأمر ووافقت على لقائى به .
ولكن بشروطى !!!
وافقت على اللقاء به بعد أن نؤدى جميعا صلاة يوم الأحد ، ونبتهل إلى الله ، وسأحمل معى الإنجيل تحت إبطى كالمعتاد . وسأعلق فى رقبتى الصليب يتلألأ ، ويكون مكتوبا على غطاء رأسى " عيسى هو الله " . وحضرت معى زوجتى واثنتين من بناتى لأول زيارة لهذا المسلم !!!
حينما حضرت لحانوت أبى ، سألته أين هذا المسلم ؟؟؟ فأشار لى ، هو هذا هناك ، فحملقت فيه ، وقلت مش معقول !!!
كنت أنظر إلى رجل ضخم ، يلبس عمامة وروب ، وحاجبيه كثيفين ، يكادان يغطيان جبهته .
هذا الرجل لم يكن ملتحى ، بل لم يكن له شعر أصلا ، كان أصلعا ، وقد حيانى بلطف ودماثة خلق ، وأطبق على يدى بدفء ، هذا لم يعنى لى شيئا ! مازلت أقول بأنهم إرهابيون ومفجرى قنابل . ما هذا التمثيل ، الذى أراه ؟؟؟
غير مهم هذا الآن ! سأبدأ مباشرة فى العمل مع الرجل . هو فى حاجة إلى الحفظ ، والله سيحفظنا .
وبعد مقدمة سريعة ، قفزت فورا إلى هذا السؤال :::
" هل تؤمن بالإله ؟؟؟ "
قال ::: نعم .
" هل تعتقد بآدم وحواء "
قال ::: نعم .
قلت ، وماذا عن إبراهيم ؟ هل تؤمن به وأنه كاد أن يضحى بابنه لله ؟
قال ::: نعم .
عدت أسأله ... " ماذا عن موسى والوصايا العشر ؟ وعبوره البحر ؟
قال ::: نعم .
إذا ::: ماذا عن بقيةالأنبياء ، داوود ، سليمان ، يوحنا المعمدان ؟
قال ::: نعم .
قلت ::: هل تعتقد فى الإنجيل ؟
قال ::: نعم .
الآن جاء دور السؤال الكبير !!! " هل تعتقد فى عيسى ؟ بأنه كان المسيح مسيح الله ؟
قال ::: نعم .
حسنا والآن ::: شعرت أنه سيكون أسهل مما ظننت ، فهو مقبل على التعميد ، والدخول فى النصرانية ! وأنا الذى سينصره كذلك !!!
سأكتسب شيئا يقربنى إلى الله يوما بعد يوم ... هذا سيكون كسبا كبيرا لى ... فأٌقوم بتنصير مسلم وأجعله يعود إلى الله !!!
سألته إن كان يرغب فى كوب من الشاى ؟ فقال نعم . ثم ذهبنا لمكان هادئ لنتكلم عن الموضوع الذى يشغلنى ... العقائد !!!
بينما كنا نجلس فى الكوفى شوب ، نتكلم لساعات ، ( كنت أنا المتكلم معظم الوقت ) ، لمست فيه الرقة واللطف ، والخجل فى بعض الأحيان . لقد كان يستمع لى مصغيا للكلام ، ولكل كلمة أنطقها ، ولم يقاطعنى ولا مرة فى الحديث بيننا . أحببت هذا الرجل ، وفرحت به أن يصير نصرانيا فاضلا .
تتابع سير الأحداث أمام عينى ... ووافقت أبى فى أن يشاركنا هذا الرجل العمل ، ويمكنه السفر معنا فى رحلاتنا إلى شمال تكساس . ويوما بعد يوم ، كنا ننتقل سويا ، ونناقش المعتقدات المختلفة للشعوب ، وفى الطريق كنت أتعمد الإنصات إلى المواعظ الدينية ، لأجذب هذا المسكين إلى حظيرة الإيمان !!! تكلمنا عن فهمنا عن الله ، معنى الحياة ، الغرض من الخلق ، الأنبياء ورسالتهم للبشرية ، وكيف أن الله أوحى بوصاياه للبشرية ؟ وتبادلنا الكثير من تجاربنا الشخصية وخبراتنا كذلك .
وفى أحد الأيام علمت أن صاحبنا محمد سيترك المنزل الذى يعيش فيه مع صديقه ، وسيقطن بصفة مؤقتة فى المسجد ، ذهبت إلى والدى وطلبت منه إن كان يرغب فى دعوة محمد للبقاء فى منزلنا الكبير بالقرية ، وبذلك يبقى معنا . على الأقل سيشاركنا فى بعض العمل ، وفى بعض المصاريف ، ويكون جاهزا معنا إذا احتاج العمل للسفر لمكان ما . وافق ولدى ، وانتقل محمد للمعيشة بقربنا .