مرض اللقلق .. بين الحقيقة والرعب
مرض اللقلق .. بين الحقيقة والرعب
لم يعد اللقلق ذلك الطائر الجميل المهاجر ، بساقيه الطويلتان وجناحيه اللتان اذا انفردا ، وهو في حالة طيران ، يثير شجون الأطفال ، فيهزجون له ( ابو سعد وراك الحية ) .. وحتى في أوروبا وعند شعوب العالم ، لم يعد اللقلق هو من يحضر المواليد ( الأطفال) في صرة و يعطيها للزوجين !
لقد أصبح اللقلق ، طائرا خطيرا ، ينقل مرض إنفلونزا الطيور ، فأصبح نذير خطر وشؤم .. يرى المشاهد يوميا عشرات التحذيرات من هذا الطائر الجميل وعشرات بل ومئات الأصناف الأخرى من الطيور المهاجرة ..
سارس ، إيبولا ، جنون البقر ، إنفلونزا الطيور ، إيدز ، بهجت ، سرطان .. وقبلها مثلث برمودا ، أسلحة دمار شامل ، إرهاب ، أبو مصعب الزرقاوي .. عشرات بل آلاف العناوين التي نسمع بها و نتخذ منها موقف ، دون أن نتعرف عليها عن قرب !!
هي هكذا الإشاعة ، يكون فيها جزء من الحقيقة ، وما أن يطمئن مطلقو الإشاعة على أن هذا الجزء تم تصديقه من قبل الناس ، حتى يتم استثماره بطريقة وحشية جدا ، وبنفس كمبرادوري بحت ..
يتوفى في العالم كل عام ما يقرب من خمسين مليون شخص ، يعني بما يقرب من 137 ألف نسمة يوميا ، كل وفاة لها سبب واضح ومباشر ، منهم مائة يوميا داخل الولايات المتحدة بفعل الجريمة فقط ..و منهم ما يقرب هذا الرقم من عدوانية الولايات المتحدة في العراق فقط ..
ولو جمعنا ما توفي نتيجة ، مرضي جنون البقر و إنفلونزا الطيور ، لما عادلوا ضحايا الجريمة في الولايات المتحدة ليوم واحد .. فما هي الدوافع إذن وراء هذا الترويع المستمر ؟؟
راجعني أحد المواطنين بصفتي المهنية ، ومن خلال حديثه ، بين لي بأنه أقلع عن أكل الدجاج وأقبل على أكل السمك .. لأن الطيور أصبحت تثير مخاطر ، كما هي اللحوم الحمراء .. ضحكت وقلت له لكن الطيور المهاجرة وبالذات اللقلق و البط تحط قرب برك المياه والبحيرات ، فمن يدري فلعل السمك يتأثر بمرضها ، وينتقل إليك ، لم يستطع تصنيف جديتي من سخريتي ، فبادر على الفور بأنه لن يأكل السمك بعد اليوم ..
لم أشأ أن أثير رعبه فوق ما هو فيه من رعب ، و إلا كنت سأتكلم له عن هندسة الجينات الوراثية المستخدمة في الحبوب والفواكه والخضراوات ، وكيف أن لسموم الرش التي ترش بها المزروعات ، أثر قاتل يعادل ألف ضعف ما يؤثره إنفلونزا الطيور ..
لا يسعنا في هذه الحالة إلا ان نعيد أهزوجة اللقلق و نقول له ( أبو سعد وراك الحية ) لكنها حية الإمبريالية البغيضة .. بل غولها ..
__________________
ابن حوران
|