بسم الله الرحمن الرحيم
إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون، اتخذوا أيمانهم جُنَّة فصدوا عن سبيل الله انهم ساء ما كانوا يعملون، ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون، وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسنَّدة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنَّى يؤفكون، وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لوّوا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون، سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إنَّ الله لا يهدي القوم الفاسقين
أخي احمد ياسين
الحمد لله الذي انار بصيرتنا لنتعرف على أهل النفاق؟ وعلى طريقة تفكيرهم ، وعلى ما تنطوي ضمائرهم؟ وعلى الطرق الواجب اتباعها في مواجهتهم، وخصوصا هنا وفي الخيمه ، نعم في الخيمه ، كل هذه الامور نجد اجاباتها في الآيات المذكورة إذا تدبَّرنا في معانيها.
ففي هذه الآيات توجَّه الله سبحانه بالخطاب لنبيه معاينة محذراً إياه ومن خلال جميع أبناء الأمة، من تلك الطائفة المسمَّى أفرادها بالمنافقين مبيناً فيها بعضاً من صفاتهم ولعلها الأساسية والأبرز
قائلاً له:
إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون
أي إن جاءك يا محمد هؤلاء المنافقون ليشهدوا لك بالرسالة ويظهروا إسلامهم بين يديك بترديد الشهادتين، فلا تصدقهم، فإنهم كاذبون، وهم يبطنون الكفر
ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم
وفي هذا بيان على أن الايمان لا يكون بمجرد القول، بل هو على حد تعبير الرسول
الأكرم
ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال وها هي الكتابات نراها هنا
هؤلاء المنافقون تستروا بأيمانهم التي كانوا يحلفون بها، واتخذوها وقاية لهم يدفعون بها عن أنفسهم التهمة والظنَّة إذا ظهرت منهم الريبة فأعرضوا عن سبيل الله، وصرفوا العامة من الناس عن دين الله بتقليبهم الأمور وإفسادهم العزائم »ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
فيحبط أعمالهم ويفسدها
بعد ذلك توضح الآيات المغزى والسبب لتحول هؤلاء إلى تلك الحالة، وهو ايمانهم بألسنتهم عند الاقرار بالشهادتين ثم كفرهم بقلوبهم، وعبَّر بقوله ثم كفروا لأنهم جددوا الكفر بعد إظهار الايمان. فجاء العقاب الإلهي لهم بالطبع والختم على قلوبهم بحيث لا يفهمون شيئاً من الحق ولا يعلمونه
وتشير الآيات إلى صفات أخرى من صفاتهم، هي صباحة المنظر وتناسب الأعضاء بحيث إذا رآهم الرائي أعجب بأجسامهم، وكذلك هم على فصاحة وبلاغة من القول، إذا سمعهم السامع أصغى لقولهم لحلاوة ظاهره وحسن نظمه، ولكن الله مع ذلك ذمَّهم وحقَّرهم بأشد أنواع الذمّ والتحقير ووصفهم بالخشب المسنَّدة إلى الحائط، أشباح بلا أرواح، لا حياة فيها
ولا تعتريها فائدة
إنك تراهم مضطربين خائفين من ظهور أمرهم، فيحسبون كل صيحة وتهمة موجهة اليهم وهنا نجد الله سبحانه يدعو المؤمنين لأن يأخذوا حذرهم منهم، لأنهم من أشد الأعداء، حيث يظهرون المحبة ويبطنون العداوة مما يتيح لهم فرصة للعمل ضد الاسلام بشكل أوفى وأتم.
في النهاية، تحدث الله عن جحد هؤلاء واستكبارهم حيث انهم يعرضون عمَّن يدعوهم الى الحق والاستغفار وذلك بعدما ظهرت عليهم امارات الخيانة، ويلوون رؤوسهم، فيبين الله سبحانه ان الاستغفار لمثل هؤلاء غير نافع، لأنهم ضلوا السبيل وما كانوا مهتدين
إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين
الله سبحانه هو المشتري والمؤمن فيها هو
البائع فهي بيعة مع الله ، لا يبقى بعدها للمؤمن
شيء في نفسه ، ولا في ماله.. لتكون
كلمة الله هي العليا ، وليكون الدين كله لله
سيد قطب
رحمه اللـــــــه
،،،،،،،،،،