رمضان في مكة المكرمة 573ه
رمضان في مكة المكرمة 573ه
وتبدو ثمة ظاهرة مشتركة بين جميع البلاد الاسلامية وخصوصا في شهر رمضان حيث يحرص المسلمون على اداء شعائر دينهم الحنيف التي تقربهم الى الله تعالى وتزودهم بالطاعة والعبادة ويحكي ابن جبير في رحلته انه امضى شهر رمضان المبارك في مكة سنة 579ه ورأى القائمين على الحرم قد استعدوا لهذا الشهر بتجديد الحصر وتكثير المشاعل حتى تلألأ الحرم نورا وسطع ضياءا وقال انه طوال ليالي رمضان تتفرق الائمة في نواحي المسجد لاقامة صلاة التراويح فالشافعية في ناحية والحنفية في ناحية والحنبلية في ناحية الا المالكية فكان لهم ثلاث قراء يتناوبون القراءة بحيث لم يبق في المسجد زاوية ولا ناحية الا وفيها قارئ يصلي بجماعة خلفه فيرتج المسجد لاصوات القراء من كل ناحية فتشاهد البصار وتعاين ااسماع من ذلك مرأى ومستمع تتخلع له النفوس خشية ورقة
ويذكر ابن جبير ان كل وتر من ليالي رمضان كان يختم فيه القرءان الكريم في الحرم المكي الشريف ويحكي هذا الرحالة انه في ليلة الثالث والعشرين من رمضان سنة 573ه اختتم القرءان احد ابناء سراة مكة وكان غلاما لما يبلغ من العمر خمسة عشر وقد احتفل ابوه احتفالا كبيرا بهذه الليلة فاعد له ثريا متعددة الفروع كما اعد مشاعل كثيرة ووضع وسط الحرم ما يشبه المحراب على قوائم اربع نزلت منها قناديل واسرجت في اعلاها مصابيح في حين وضع على مقربة من المحراب منبر مجلل بكسوة مختلفة الالوان وحضر"الامام الطفل"كما سماه ابن جبير فصلى التراويح وختم وسط حشد ضخم من الرجال والنساء الذين حضروا لرؤيته وهو في محرابه لا يكاد يبصر من كثرة شعاع المشاعل المحدقة به
اما السحور في مكة المكرمة
فيصف ابن بطوطة طريقته بان المؤذن الزمزمي في الحرم المكي كان وقت السحر يقوم من الصومعة - اي المئذنة - التي بالركن الشرقي من الحرم داعيا ومذكرا ومحرضا على السحور فيردد ذلك باقي المؤذنين في بقية الصوامع وقد نصبت في اعلى كل صومعة خشبة على رأسها عمود افقي الوضع يعلق فيه قنديلان مضيئان من الزجاج فاذا قرب الفجر واوشك ان يتبين الخيط الابيض من الاسود وقع الايذان بالقطع ثم يشرع المؤذنون عند دخول وقت الصلاة في الاذان لصلاة الفجر وقد تميزت دور مكة بأسطح - كما يقول ابن بطوطة - فمن لم يسمع نداء المؤذن يصعد الى سطح داره ويراقب القنديلين فاذا رآهما تسحر والا فانه يقلع عن الطعام والشراب ويمسك
----------------------------------------- الشادي
|