مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة بوح الخاطر
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 07-04-2002, 03:18 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي الانتفاضة بما هي تحول فاصل في الوعي العربي

الانتفاضة بما هي تحول فاصل في الوعي العربي

(1)

لا يطرح الفكر ثماره قبل أوانها، وبذوره التي بذرت يوماً في الأرض لا يعوقها شيء عن البزوغ حين تأتي الظروف المناسبة لتبرعمها، ولقد يمر على الأرض حين من الدهر يحسب فيه الناظر أن البذور ماتت واضمحلت ثم يفاجأ أنها عادت حية قوية تبرعمت وأصبحت جذعاً وفروعاً وأوراقاً.
فلا نأس إذا بدت أفكارنا عاجزة عن الفعل في الواقع القائم وإذا بدا الصواب مهجوراً والخطأ مأخوذاً به.
الفكر يبدو ضعيفاً حين لا يكون زمانه قد أظل بعد ولكنه سيتبدى بجبروته الهائل حين تعيد الجماعة تمثله وهي غالباً لا تأخذه من الخارج بل هي تعيد استحضاره من مخزونها العقلي والتخيلي.
الواقع يفرض على العقل الجماعي استنتاجات و هذه الاستنتاجات تتبلور تدريجياً كنظرة متكاملة وبرنامج عمل في غفلة عن القوى المهيمنة التي تريد استمرار "البرنامج" القائم: برنامج الامتثال والخضوع والانصياع للذل والقهر وقبول القليل الذي يقل باضطراد.
صور الموت والشهادة والبطولة التي لا مثيل لها التي تقدمها الانتفاضة لا تضيع: إنها ستختزن عند العربي وستقدم الانتفاضة للاووعي الجمعي العربي تصوراً لتركيبة العالم ولإمكانيات الفعل فيه بآن واحد!

(2)

تقدم لنا الفضائيات العربية في هذه الأيام المشتعلة عبر برامج الحوار التي يتاح فيها للمواطنين العرب الكلام الحر أمثلة على انفجار عواطف الغضب والحزن والاحتقار أيضاً وهو انفجار هائل حقاً ولكنه يتبدد دونما أثر كأنه عاصفة ثارت في صحراء خالية ثم هدأت فلم تترك أثراً، لا هي هدمت ولا هي بنت، وهذا الوضع إن كان القارئ يذكر ليس جديداً بالمرة فإذا اكتفينا بربع القرن الأخير فسنذكر بعواطف الغضب المشتعلة على الحكام المتخاذلين وعلى المعتدين الصهاينة ومن يقف وراءهم أثناء اجتياح لبنان عام 1982 ثم عواطف الغضب العربي على المشاركة العربية في تدمير بلد عربي عام 1990 ثم محاصرته ثم ها نحن هؤلاء نشهد انفجار انفعالات الغضب والحزن والاحتقار معاً لدى المواطن العربي الذي يتابع أحداث الانتفاضة (غضب على الحكام والمعتدين وحزن لما آلت إليه حال هذه الأمة التي لها وجود وجداني وليس لهذا الوجود تعبير سياسي موحد وما آل إليه وضع الفلسطينيين الذين يتعرضون لمجازر لا يهتم مرتكبوها حتى بإخفائها واحتقار لصغار الحكام وسقوط همتهم وفقدانهم لكل مروءة أو حتى مراعاة لمصالح أقطارهم البعيدة).
هذه الانفعالات إذا أخذناها من منظور فيزيائي محض تشكل طاقة هائلة تزحزح الجبال لو وجهت وجهة صحيحة ولكن المشاهد هو أن انفجارات الطاقة هذه تتبدد دون أثر وهذا هو الذي يطرح السؤال المهم:
كيف نجعل هذه الطاقة قادرة على تغيير الأوضاع المزرية لهذه الأمة المنكوبة ولا نسمح لها بالضياع مرة أخرى؟
كيف نستطيع أن نؤثر في القرارات الرسمية نحن الذين ما استطعنا أن ندفع حكامنا حتى إلى سحب سفير ومررنا لهم مشاركتهم في تدمير العراق ومحاصرته اثني عشر عاماً ومررنا للسلطة الفلسطينية عملها كشرطي للاحتلال ولم نستطع أن نؤثر في قراراتها المتفردة وعزوفها حتى عن استشارة أعضاء وفودها المفاوضة؟

(3)

الوعي الذي يجب تحويله إلى مؤسسة شعبية قادرة على الفعل هو الوعي الذ قدمته أحداث الانتفاضة للمواطن العربي عن طبيعة الصهيونية الحقيقية التي كانوا فيما مضى يسمعون بها نظرياً ثم عادوا في عصر "السلام" فسمعوا من حكوماتهم أنها يمكن أن تنقلب من ذئب سفاك للدماء إلى حمل وديع.
ولا بد للقوى الفتية الطليعية من تحويل هذا الوعي وتجسيده في أشكال منظمة لا تكون على شاكلة الأحزاب القديمة المستهلكة بل تكون من النوع التلقائي المرن الذي يترك المجال للجموع للمبادرة والذي يضمن مع ذلك استمرار التأثير.
ولا بد لهذا الفعل أن يتجاوز الحدود القطرية المصطنعة.
والنضال في سبيل الحريات السياسية أساسي في هذا الطريق على أن لا نعتمد فقط على الشكل البرلماني الهزيل البطيء الحركة بل يجب أن نعتمد على المبادرات المجتمعية من تحت التي تفرض على القمة التوحد: إننا يجب أن نفكر في الوحدة على أساس قاعدة الهرم لا قمته.

(4)

من الضروري للوعي العربي في هذه المرحلة أن يتنبه لخطر جسيم هو خطر اختزال المطلوب عمله والبرنامج التغييري في نقطة واحدة هي المقاومة العنيفة.
يمكن للمرء أن يفهم الميل الذي نراه عند شعبنا للتركيز على هذا البعد على أنه ردة فعل على التخاذل الرسمي العربي المطلق تجاه العنف المعادي. على أنها مع ذلك ردة فعل خطأ إذ المقاومة بالقوة يمكن أن تخفق إخفاقاً ذريعاً وتقود إلى عكس أهدافها المعلنة فهي يمكن أن تتحول حين تصطدم بالواقع الاجتماعي السياسي المنحط الذي يخذلها ويفشلها إلى نزعة استسلامية، وهذا ما جرى بالتحديد في تجربة منظمة التحرير الفلسطينية.
أفكر دوماً هذه الأيام بالحديث الشريف المشهور حين قال النبي عليه السلام لأصحابه وهم عائدون من إحدى الغزوات: لقد عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر!
ما أظنه عليه السلام نعت بالجهاد العمل الذي يقوم به الفرد لتقويم نفسه وجعلها منسجمة مع ما يريده الله منها أي بالتحديد مع ما يريده الله من سلوكها الاجتماعي والحضاري عبثاً أو لمجرد المبالغة والبلاغة!
"أحسبه كان يعلمنا أن الجهاد الأصغر" لا يمكن أن ينجح إلا في سياق أكبر هو سياق البناء الاجتماعي الصحي.
لماذا هو هذا البناء جهاد؟ لأنه من جهة في مشقته يهون عنده بالفعل الجهاد الأصغر الذي هو القتال! ولأنه من جهة أخرى شرط نجاح القتال وهو الذي يعطي للقتال معناه الإنساني ويمنعه من أن يأخذ المعنى الوحشي لقتال لا هدف له أو هو هادف إلى أغراض شخصية دنيئة.
انظروا إلى وضعنا القائم: هل استطاع زعماؤنا تجاوز أنانياتهم الشخصية التي جعلت الكويت والعراق عدوين ليس عداؤهما أخفض درجة من العداء مع الصهيونية بل هو أعلى درجة بكثير! ألم تمر عقود من الزمان والخلاف بين سوريا والعراق في درجة سوداء مريرة جعلتهما ينسيان مصالح استراتيجية(قطرية!) لهما مثل مصلحتهما في الوقوف صفاً في قضية المياه مع تركيا التي هي لهما ببساطة حياة أو موت ومثل مصلحة سوريا في تأمين عمقها في معركتها مع الكيان الصهيوني!
كيف نفسر الانحطاط المخزي لسلوك كثير من الأجهزة في لبنان أثناء وجود المقاومة هناك؟هذا السلوك الذي أبعد الشعب العربي بل والفلسطيني عن الثورة الفلسطينية وسهل ضربها واختراقها؟وهذا السلوك كاد يستأنف في فلسطين لولا الانتفاضة.
هل استطاعت دول الخليج تجاوز أنانياتها والنظر إلى الشعوب العربية كسند استراتيجي يحميها من التبعية لأمريكا ويصونها من المخاطر الديموغرافية للعمالة الأجنبية ..ألم يقدها قصر نظرها هذا إلى صرف مئات المليارات على أسلحة لا تستخدم ومن ثم إلى نزاعات داخلية تهدد وحدتها القطرية بالانفجار؟
ولنخرج من الإطار السياسي إلى إطار الحياة اليومية العربية: هل تعلم مواطننا أن يحمي الملكية العامة ويعاملها على أنها للجميع وليست "ملكية لا أحد الداشرة"؟
هل يستطيع الواحد منا حين يكون موظفاً أن يتجنب مبدأ "الواسطة" ويقرر حين يكون حكماً أن يوظف الأكفأ لا الأقرب إليه؟
أين التواد والتعاطف والتراحم في حاراتنا وأحيائنا ومدننا وقرانا؟
هل نحترم كرامة بعضنا لنجبر الدولة على احترام كرامتنا؟هل نربي أولادنا على احترام كرامتهم؟
ليست هذه أسئلة صغيرة فهي جوانب من السؤال الكبير: سؤال النهضة التي هي سؤال الحياة والموت لحضارتنا.

الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م