مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 15-06-2002, 01:47 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي متى نستفيق؟ بقلم عبد السلام العجيلي

http://www.assafir.com/iso/today/weekly_culture/95.html
نخبنا سطحية لا تبحث عن أسباب تردينا.. استفاقتنا متى تكون؟
عبد السلام العجيلي
في هذه الأيام، بل في هذه الأسابيع والأشهر، وأكاد أقول الأعوام، أجدني في حيرة مع نفسي وأحيانا في نقمة عليها. العالم كله حولي في صخب وفي غضب، يهتف ويخطب ويصرخ ويصفق، وأنا أراني أغرق في الصمت وأنكمش وأتباعد عن الجموع الغاضبة والصاخبة، كأني لا أحس بما تحس به وبما يدفعها الى الهتاف والخطابة، والى الصراخ والتصفيق.
الغضب والصخب في العالم حولي، أقصد العالم العربي وبلادنا منه، لهما مبرراتهما. وأي مبررات أكبر مما نسمع به ونقرأه ونراه بأعيننا في كل دقيقة من دقائق يومنا عما يحدث في بلدنا فلسطين وعما يقاسيه فيها أبناؤنا واخواننا الفلسطينيون؟ ما من كلام يفي بوصف ما يقع في تلك الأرض العزيزة من مآس ونكبات، ومن مجازر ومذابح، ومن إذلال وانتهاك لكرامة الإنسان الفرد ولكرامة المجموع والأمة. لا غرابة إذن في ان ترتفع أصوات الصخب معبرة عن الغضب من حناجر الناس في كل البلدان العربية احتجاجا على ما تنقله مصادر الإعلام المسموعة والمرئية إلينا، والى العالم بأجمعه، من فظائع إسرائيل التي تنزلها بفلسطين سكانا وبلدانا. ومع ذلك فإن الأصوات الصاخبة الغاضبة المرتفعة من كل الحناجر في كل مكان لا تثير في نفسي إلا أسى أحسب ان قليلا من الناس حولي يشاركني فيه أو يفطن الى دواعيه. أو ان هذا الأسى هو أهم ما يثور في نفسي مما أراه وأسمعه. انه، هذا الأسى، هو الذي يدعوني الى الانكماش والى الغرق في الصمت، مخالفا بذلك سلوك الجماهير المتحمسة والثائرة والضاجة بألمها وبتنديداتها واحتجاجاتها.
هذا الأسى مبعثه ما أسمعه يتردد في صيحات الغضب والثورة حولي وفي كل بلدان العرب من شتائم متكررة وتنديدات متشابهة ولعنات موجهة الى إسرائيل والى أميركا والى حكامها، وما أراه من لافتات مرفوعة طافحة بتلك الشتائم والتنديدات واللعنات، ومن أكوام الأعلام الأميركية والإسرائيلية التي أجدها تمزق وتحرق في الساحات العامة وفي مقدمة المظاهرات. هل أنا ضد ما أسمعه وما أراه، وضد ما أطلع عليه وأقرأه، من تعابير النقمة والغليان وتصرفات الجماهير الغاضبة من بربرية أعدائنا وإجرامهم ووحشية أساليبهم في معاملة أبناء أمتنا؟ قطعا أنا لست ضد هذه وتلك من تصرفات وتعابير. ولكني ضد ان تكون ردود أفعالنا على ما ينزله أعداؤنا بنا مقتصرة على هذه التصرفات والتعابير. ليس من عمل إيجابي له قيمته نتقدم به ضد ما نستنكره من جرائم أعدائنا. كل ما نفعله هو ان نهتف ونصرخ. نكتب المقالات التي نقرأها نحن، ونلقي المحاضرات التي نستمع إليها نحن، ونسوق الحجج على ان ما يسلب هو حقنا وما تنتهك هي أعراضنا وما تغتصب هي أرضنا، كأن هناك شكا يخامرنا في صحة كل ذلك، وحدوث كل ذلك. وهنا يقول القائل: وماذا في إمكاننا أن نفعل غير هذا، وقد بلغت إسرائيل هذا المبلغ من القوة العسكرية، ونالت ما تنال من دعم أميركا لها دعما لا يبالي بحق ولا بقانون، في حين نحن على ما نحن عليه من ضعف وتفرق؟
من هذا السؤال الذي يلقيه القائل أجد الطريق الى تبيين خطل النهج الذي تسير فيه جماهيرنا الغاضبة الصاخبة بل خطر هذا الطريق. أقول الجماهير ولا أقول الحكومات والحكام. هؤلاء وتلك، وعلى مدى خمسين عاما على الأقل، هم مقدمتنا في التخبط في الطريق الخاطئ الذي أوصلنا الى هوة نجد أنفسنا ننزلق فيها يوما بعد يوم منحدرين الى غورها العميق. انحدرنا عميقا في مزالق هذه الهوة، ومع ذلك لم ترتفع في كل ما سمعته وسمعه غيري من خطب ومحاضرات وهتافات، وما قرأته وقرأه غيري من أبحاث ودراسات، كلمة تساؤل واحدة عن الأسباب الصحيحة والصريحة لتردينا فيها، كي نعالج هذا التردي ولنبحث عن وسائل الخلاص منه. أقول، في البداية، عن الأسباب ولا أقول عن المسببين. البحث عن الأسباب هو الخطوة الأولى للسعي في المعالجة. انه كالتشخيص للمرض، في كونه الخطوة الأولى للمداواة الناجعة.
لماذا نقصر كل حماسنا على الشكوى من مرارة الواقع وفظاعته، ولا نعود بتفكيرنا وبتصرفنا الى البحث عن السبيل لتغيير هذا الواقع؟ أقول تغيير هذا الواقع قبل كل شيء. ولا أتحدث، كما سلف وقلت، عن من جرنا الى الوقوع فيه.
  
لهذا السؤال الذي طرحته أجوبة متعددة. أول الأجوبة هو أننا بمجموعنا قصار النظر سطحيو التفكير، يستأثر الحاضر الذي يتمثل لأعيننا باهتمامنا، فيحول بيننا وبين النظر الى ما وراءه، وبيننا وبين استشراف ما أمامه. أقول بمجموعنا، إلا ان الواجب أن أقسم هذا المجموع الى جماهير ونخبة. ربما لا ينتظر من الجماهير أن تكون دوما باحثة دارسة متحرية عن الجذور والأسباب. لذلك قد يعطيها الإنسان بعض العذر على قصر نظرها وسطحية تفكيرها. أما النخبة التي هي طليعة تلك الجماهير، فلا عذر لها في هذه أو ذلك. إنه عيب كبير فيها، بل انه عار عليها. ولكن أهي دوما، هذه النخبة، قصيرة النظر سطحية التفكير؟ وهل هي كلها قصيرة النظر وسطحية التفكير الى درجة لا تبحث فيها عن أسباب تردينا في واقعنا المشين هذا؟ تبحث فيه كمقدمة للعمل على تخليصنا منه؟
ليس معقولا ان يكون كل أفراد النخبة في أمتنا على هذا القدر من الجهل وضعف الإدراك. ولكن ثمة عوامل ودوافع تجعل العالمين والمدركين يسكنون فلا يرفعون صوتهم بما يعرفون، وتجعلهم يقعدون فلا يتحركون في محاولة التغيير أو للسير في الطريق المستقيم. عوامل أولها إيثار أفراد من النخبة مصلحتهم الشخصية على واجب العمل لخير المجموع. الحرص على المنفعة المادية وعلى الرفعة والجاه والبروز في المجتمع تغري الكثيرين من العارفين في أمتنا على التمسك بما في أيديهم والزيادة في ما هم فيه، فيغمضون أعينهم ويعقلون ألسنتهم عن ما يرونه من شرور وأخطار تجنبا لما ينقص من مكاسبهم ومنفعتهم. هم نخبة في التفكير والإدراك، ولكنهم إمّعات وأتباع خانعون للنظم المتسلطة والمسيئة للمصلحة العامة. وربما أمعنوا في تبعيتهم فزينوا لتلك النظم تسلطها وبرروا لها في أعين الناس إساءاتها.
بعد ذلك يأتي عامل الخوف. النظم المتسلطة والمسيئة تملك القدرة على إيذاء من يحاول الكشف عن تقصيرها واعوجاج مساراتها، ولو كان المحاول غير طامع بكسب شخصي أو فائدة. للإيذاء صنوفه الكثيرة، فهو لا يقتصر على حجب المنافع وحدها، بل يتعدى ذلك الى مس الكرامة والإذلال وسلب الحرية ونيل الأهلين بالشرور، الى ان يصل الأمر الى التعذيب ثم الى الاغتيال والقتل. الخوف من مخاطر التعرض لهذا الإيذاء بمختلف أشكاله يضطر العارفين الى إغماض أعينهم والى إمساك ألسنتهم عما يجب عليهم فعله أو، على الأقل، على ما يجب قوله في ما تدلهم عليه معرفتهم من اعوجاج النظم المتسلطة وأخطائها التي كثيرا ما تدخل في تصنيف الجرائم.
وهذه النظم المتسلطة، أليست محسوبة، هي نفسها، في عداد النخبة؟ بلى، وبلا شك. بل إنها كما هو معروف ومتفق عليه تقف في رأس النخبة، ولهذا فإن مسؤوليتها تعتبر الأولى في اعوجاج مسارنا في هذه الأعوام الخمسين التي انتهت بنا الى ما نحن فيه من ضعف وتفرق، ومن خذلان وهوان.

منذ خمسين عاما، او قبلها بسنوات معدودات، فتحنا أعيننا على الخطر الذي يتهددنا والذي أخذ يتظاهر أمامنا بوضوح ودون مواربة. لنا عدو كان يتستر بمسكنته وادعائه الضعف والاضطهاد، مستثيرا العواطف الانسانية لرأفة العالم به. اكتشفنا عندما تفتحت أعيينا ان ذلك العدو ما تمسكن، في خمسين عاما سبقت هذه الخمسين الأخيرة، إلا ليتمكن. وإذا كنا، نحن العرب، لم ندرك أبعاد هذا الخطر في الخمسين الاولى من السنين فذلك لأسباب متعددة قد يكون اهمها انشغالنا، ولا سيما في أقطارنا المشرقية، بالجهاد للتخلص من قيود الحماية والوصاية والاستعمار التي كانت تكبلنا. وبعد طول جهاد بلغنا الغاية التي سعينا اليها وملكنا أمرنا، كاملا او في معظمه. وكان مفروضا بنا، بعد أن اصبحنا احرارا، ان يكون تصدينا للخطر الجديد الذي تفتحت أعيننا عليه اكثر فاعلية وأكبر حسما. غير ان هذا لم يحدث.
لم يحدث، لأن نظمنا التي قلت إنها هي رأس النخبة تلهت، في احسن احوالها، بالعمل لإيديولوجياتها وبنزاعاتها القبلية والحزبية وبالمصالح الخاصة لقادتها. وكثيرا ما كانت مصالح اولئك القادة مادية ووضيعة. هذا في أحسن الأحوال. وثمة احوال سيئة لم يكن الأمر فيها مجرد تله او نقص في الكفاءات او غفلة، بل كان اجراما متمثلا بالعمالة والخيانة. قد لا تكون هذه الأحوال الأخيرة كثيرة، ولكن النتيجة التي انتهت الامور اليها في هذه وتلك كانت واحدة.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م