الجهاد في سبيل الله الحلقة (29)
الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته ( 29 )
الفرع الخامس التطبيق العملي يدل على أبدية الجهاد
ولم يقف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان من المسلمين عن الجهاد في سبيل الله يوماً من الأيام، فقد وجَّه أبو بكر الصحابة بعد القضاء على فتنة الردة إلى بلاد فارس، واستمر بعده الجهاد والفتوحات الإسلامية إلى أن ضعف المسلمون في إيمانهم وعلمهم وتطبيقهم العملي للإسلام، فأذلهم الله عندما توقفوا عن رفع راية الجهاد.
قال ابن كثير:
"لما فرغ خالد بن الوليد من اليمامة بعث إليه الصديق أن يسير إلى العراق … وأن يتألف الناس ويدعوهم إلى الله عز وجل، فإن أجابوا وإلا أخذ منهم الجزية، فإن امتنعوا عن ذلك قاتلهم" [ البداية والنهاية (6/342) ].
ونص الفقهاء أنه يجب على الإمام أن يقوم بالغزو مرة كل عام – إذا لم تدع الحاجة لأكثر من ذلك -.
قال ابن قُدامة:
"وأقل ما يُفعل مرة في كل عام لأن الجزية تجب على أهل الذمة في كل عام، وهي بدل عن النصرة، فكذلك مُبدَلُها وهو الجهاد، فيجب في كل عام مرة إلا من عذر، وإن دعت الحاجة إلى القتال في عام أكثر من مرة وجب ذلك، لأنه فرض كفاية فوجب منه ما دعت الحاجة إليه" [ المغني (9/198) ].
فالجهاد لا يخلو منه عام من الأعوام من أول ما شرع إلى أن تقوم الساعة.
والذي يراجع تاريخ المسلمين يرى أنهم لم يتركوا الجهاد في أي زمن من الأزمان، إلا عندما يبتعدون عن الإسلام، ويخلدون إلى الأرض، ويصبحون نَهْباً لأعداء الإسلام.
__________________
الأهدل
|