بين حنين الماضي وأنين الحاضر

[~~ ظايم الضد ~~]

بعهد من قلب ذاق مرارة العصيان .. عزم وتعهد على نسيان الماضي .. وأغلق ملف أيام وسنين ملطخة صفحاتها بألوان قاتمة باللهو واللعب .. تلك الأيام كان يفسق فيها ويفجر بما منع منه وحُرم عليه .. كان يعبث بشريعة الشارع الحكيم ، فلا أمر يردعه ، ولا نهي يكفه .. منهجه هواه .. وشريعته استباحة كل ما حرم .. لا يخاف إلا من كشف مستورة أمام البشر .. ولا يضرب حساباً إلا لألسنة الخلق .. يسير بأقدام الجرأة على المعصية .. .. يمارسها بجوارح التحدي جرب كل أصناف الشهوات .
يطلب السعادة ، ولكن وجد نفسه في لحظة قد أعلن افلاسة من كل رصيد للسعادة .. وهاهو يضاف إلى قائمة فقراء السكينة .. ويحسب من مساكين الاستقرار النفسي .. بعد إن كان قبل يعد من أغنياء السكون والهدوء .. وفجأة وهو في طريق حيرته وقف عن السير ليسقط على ركبتيه .. وأخذت نفسه تجيش بالبكاء بعدما اثقل كاهلها ما تحمله من الاكتئاب .. وبدون مقدمات أخذت تركض عائدة إلى نقطة البداية لتعكس الطريق ولكن هذه المرة إلى طريق النور والهداية .. إلى طريق الصواب والسداد .. إلى طريق التوفيق والنجاح .. وهناك سجد لله سجدة شكر أن أنقذه من شبح ظلام التخبط .. ونهش وحوش الحيرة .
ظل يسير في طريقة الذي رسمة بريشة التوبة .. وبألوان الأوبة وغلفه بغلاف العمل الصالح .. ووضع له إطار الجد والهمة .... فبينما هو منهمك في صنع لوحته البديعة إذ به يعرض عليه أمر أثار لدية الحنين إلى الماضي .. ويذكره بلذة الأمس .. تصارع داخله حنين الماضي وأنين الحاضر ..وتعالت أصوات القبول والرفض .. ولكنه وجد نفسه منساباً إلى ذلك الأمر .. وهائماً بتلبية متطلباته .. ومن بين فينة وأخرى يتوسل له عقله المجروح بالعودة .
فيصغي إليه وما أن يطرق أحداث ذلك الأمر بابه إلا وينسى كل وعظ وكل تنبيه .. ويستجيب لذلك الطارق .. ويغدو ذلك المسكين كما كان يشكو الملل والضيق .. وداخله يرجو الله أن ينقذه من هيمنة نفسه الأمارة بالسوء .. ويفرج عنه من تكبيل الغفلة لقلبه .. وبينما هو سائر في درب الشوك يتألم من كل شوكة أخذ يدعو من بيده العصمة من كل سوء أن ينجيه من طغيان المعصية .. وجبروت جوارحه .. وبينما هو يدعو من صميم قلبه استجاب الرحمن الرحيم لدعاء ذلك العبد الضعيف .. وعلم صدق رغبته بالعودة إليه ، فعصمه ، ووهبه إرادة تكسر ذلك الطغيان .. وتقوى تبارز ذلك الجبروت .. فعاد وهو باك .. حامداً لله ، شاكراً أن عصمه ، وهو يكاد أن يكون قاب قوسين أو أدنى من الكبيرة .. وأخذ يتذكر ذلك القول : ( هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم ) فأخذ عهداً على نفسه أن يعود لإكمال صورته البديعة ، ولا يلتفت لأي طارق عدا طارق الخير .
ثبتنا الله وإياكم على طاعته .

سلام