من كثرة تعامل جدتي مع البصل باعتباره مادة غذائية حاضرة في كل طبخة. ولما للبصل من أهمية في مطبخنا الريفي، كانت تقيم له وزنا وأهمية رغم رخصه وتفاهته السعرية آنذاك. وكلما احرجها فضولي بما أبدي رأيا صغيرا في أمرا مهما متمثلا بالكبار كما لو كنت صاحب رأي أو من يبدل رأيه أو بعدل بشيء. كانت المرحومة تنهرني وتقول: لا تكن كالبصل حاضر بكل الطبخات. وبفهمي المتواضع فكرت وقررت أن الفجل نادر الحضور، بل ولا اعرف طبخة من طبخات جدتي يحضر فيها الفجل.
طلع علينا أمير عربي به حس وأحاسيس معلنا عنها بكل وقاحة – عفوا صراحة - ولأول مرة فهمت أن الأمير يحس. وكما البصل حاضر بكل الطبخات، وألمح في مهرجان الجنادرية للمثقفين العرب بان لديه إحساس: (والله ماعندي معلومات ، ولكـ....ن مجرد احساس ، ماادري عندي احساس من الله انه مابتقوم هالحرب على العراق).
المشكلة أن الأمير مرتاح وفاضي البال وعنده إحياي.. فلماذا لا يشاركنا هذا الإحساس لئلا تتواصل الكوابيس ليلا نهارا...!
ومع ذلك تبين أنه على إثر هذا الإحساس استقر سعر الدولار وفاحت روائح البصب.. لكن هب سيطبخ الأمير الطبخة بالبصل أم يهرف بما لا يعرف، ويكذب ممشطا اللحى لتستحي العيون...!
وهنيئا للعراق باحساس واحد مستريح لدولة جوار، وبزعيم دكتاتور يحكمهم
ما شاء الله - أحاسيس الأمير عظيمة.. ومفرحة للغاية، لكني كعربي متسكع في أزقة أوربا لم اتمكن من مشاركته إياها.. ربما لرهافة حسه وغلاظة حسي..! وفي النهاية وددت أن انصحه من هنا في صالون فندقي الأوربي الوثير بأن الكلبة التي تستعجل رؤية جراءها تلدهم عميان...
--------- والباقي على ذمة
طلال.