الفكر الارجائي سرطان العصر_عند المسلمين_
الفكر الإرجائي و دوره في تنحية الإسلام عن قيادة البشريـة
بسـم اللـه الرحمــان الرحيــــم
يعتبر الفكر الإرجائي من أبرز العوامل التي عملت على إفراغ لا إله إلا الله من مقتضياتها إذ يقولون إن الإيمان هو التصديق القلبي أو هو التصديق القلبي و الإقرار اللساني و ليس العمل داخل في مسمى الإيمان !! و قد نعجب من دخول هذا الفكر الساحة الإسلامية .. و الإسلام كله عمل .. فكيف تدسس ذلك الفكر الدخيل ،لقد جائت البلوة من المنطق و الفلسفة حيث أُريد الإيتان بتعريف فلسفي أو منطقي للإيمان فقال قائلهم أن التعريف يجب أن يكون تحديدا للشئ بحيث يكون هو هو و لا يتغير و لا يزيد و لا ينقص و هو التصدي و الإقرار .
إنها مهزلة أن تتحكم مقررات البشر في تحديد التعريف لدين الله الذي حدده منزله سبحانه و تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم و سار عليه سلف الأمة ،لكن المهزلة ظلت فترة من الوقت محصورة في دائرة علم الكلام و ظل المسلمون يتلقون الإيمان من الكتاب و السنة و لا يلتفتون إلى علم الكلام ، لكن الطامة جائت حين بدا الناس يتفلتون من التكاليف و حين كان الناس في الأجيال المفضلة الأولى يجدون من يذكرهم لا بالقول وحده لكن بالقدوة العملية فكانت لمشكلة محصورة في حدود لا تشكل خطرا على كيان الأمة .
فلما زاد حجم التفلت مع التباعد الزمني عن الأجيال المفضلة و قل حجم التذكير هنا بدأ الفكر الإرجائي ينتشر و يتسع نطاقه ليغطي المساحة التي إنحصر عنها العمل بمقتضيات لا إله إلا الله ،فكلما إنحصرت دائرة الفهم السليم بلا إله إلا الله زاد إنتتشار الفكر الإرجائي ،إلى أن وُجد من يقول من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن و لو لم يعمل عملا واحدا من الإسلام مع كل سوء و إنحراف في هذه القولة الأخيرة فقد وجد في العصر الأخير ما هو أسوء منها حيث اُعتبر النطق بالشهادة باللسان مانعا من الحكم على أحد بالكفر و لو نقضها بأقواله و أفعاله (من دون جهل أو تأويل) نعم كل بني آدم خطاء و يجب أن يدركون أنهم على خطأ حين يرتكبونه هنا سيظل الإنحراف محصور مهما إتسع نطاقه لأنه إنحراف في السلوك وحدهُ ، بينما التصور صحيح ، أما حين يكتسب الخطأ شركية الوجود (بفضل الفكر الإرجائي) ،فهنا يكمن لب المشكل فلو تفلت الناس من مقتضيات لا إله إلا الله و هم شاعرون أن إيمانهم في خطأ من ذلك التفلت فقد يحفزهم ذلك للعودة خاصة إذا وجدوا من يذكرهم .. أما إذا تفلتوا ثم جائهم من يطمإنهم إلى كمال إيمانهم رغم تفلتهم فمنذا الذي يجد في ضميره رغبة في العودة إلى تحمل التكاليف التي تفلت منها بسبب من الأسباب .
لقد كان الفكر الإرجاي نوعا من المخذر يوهم العصاة و المنحرفين و المقصرين و الغافلين عن أداء واجباتهم م أنهم بخير لا خطر عليهم ماداموا يصدقون في داخيلة أنفسهم أن الله واحد و ينطقون بألسنتهم بالشهادة، ثم جاء الإستبداد السياسي فكانت النكبة القاصمة صحيح أن الرسول صلى الله عليه و سلم شدد في النهي عن الخروج على الحاكم المطبق لشرع الله و أن وقع منه الجور مخافة الفتنة التي تشق صف المسلمين و تقضي على وحدتهم و تشغلهم عن رسالتهم العظمى في هداية البشرية ، و لكنه لم يدع الناس للسكوت على الظلم بل أنذهم عن أن سكتوا عليه أن يعمهم الله بعقاب ، و كانت تلك المواقف المشرفة لورثة الأنبياء في وجه الظلم ، ولو ذاقوا في سبيل ذلك ما ذاقوا ، كما حدث ابن حنبل و إبن تيمية و العز بن عبد السلام .
و تحالف الإستبداد السياسي مع الفكر الإرجائي فحدث إنحصار تدريجي في الشمول الرائع الذي نزلت به لا إله إلا الله محمد رسول الله (من الأمور العامة) و إنحصر الدين في الشعائر التعبدية على أنها هي لب الدين و هي مظهره العملي كذلك .
حقيقة ، لقد بقي خيرا كثيرا في الأمة بالرغم من هذا كله فإنه رغم كل هذا الإنحصار الذي حدث لم يستطع بفضل الله أن يقضي على الأمة أو يقضي على الدين في حياة الأمة فقد سبق في مشيئة الله أن يبقي هذا الدين إلى يوم القيامة إذ يبعث الله لها على مدى القرون من يجدد لها أمر دينها و يدعوها إلى العودة إليه ، هذا الخير الكبير الذي بقى جعل الناس يتغاضون عن الإنحصار الذي وقع و لكن هذا قد أدى بدوره إلى مزيد من الإنحصار في الجوانب الإجتماعية خاصة ممها إستغله الغزو الفكري فيما بعد ليقول للناس هذا هو الدين قائما ! لكن الأرض مملوءة بالفساد و الظلم ، لقد فرطت الأمة كثيرا في الأمانة التي ناطها الله بها حين أهملت مقتضيات لا إله ألا الله ما أهملت و أخرجت منها ما أخرجت و كانت نتيجة ذلك خسرانا كبيرا لا في حياتها وحدها (إذ سارت غـثــاء كغثاء السيل) ، و لكن في حياة البشرية كلها التي ربطها الله بأحوال هذه الأمة منذ أخرجها للناس إن جماهير المسلمين غافلة عن دينها فقد ألفت الفسق و الكفر و الإلحاد و أصبحت ترى كل ذلك فتظنه لا يخالف الإسلام و ان الاسلام لا ينهي عن كل ذلك حدث كل هذا كله بفضل الفكر الارجائي الشرير ،فمن واجبنا الذي سيحاسبنا الله عليه يوم القيامة إن لم نقم بأدائه أن نبين للناس حقائق ما هم عليه ليعرفوا أين هم من دين الله ليصحح من يشاء الله أن يهديه منهم سواء السبيل .
فمن يكون لي نصير في كشف زيف هذا الفكـر و خطورته على التصور الإسلامي الصحيح .
|