النبي صلى الله عليه وسلم حاول الانتحار !!!
قرأت غير مرة في الساحة عن الرواية التي وردت في البخاري بخصوص ان النبي صلى الله عليه وسلم حاول الانتحار وذلك بالتردي من جبل شاهق بعد ان راى جبريل لاول مرة .
وسمعت طعنا في البخاري يقولون فيه ان البخاري يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بمحاولة الانتحار ..!!
لكنني قرأت كلاما جميلا للشيخ الالباني في هذا الموضوع وذلك في معرض رده على الدكتور البوطي ..
اطرحه هنا للفائده ..
يقول الشيخ الالباني رحمه الله :
(( 2- قال ( أي البوطي في كتابه فقه السيرة ) (1/55): ((و جزع النبي صلى الله عليه و سلم بسبب ذلك جزعاً عظيماً حتى أنه كان يحاول – كما يروي الإمام البخاري – أن يتردى من شواهق الجبال)).
قلت ( أي الشيخ الالباني رحمه الله ) :
هذا العزو للبخاري خطأ فاحش، ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري، و ليس كذلك، و بيانه أن البخاري أخرجها في آخر حديث عائشة في بدء الوحي الذي ساقه الدكتور (1/51 – 53) و هو عند البخاري في أول ((التعبير)) (12/297 – 304 فتح) من طريق معمر: قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة … فساق الحديث إلى قوله: ((و فتر الوحي)) و زاد الزهري: ((حتى حزن النبي صلى الله عليه و سلم - فيما بلغنا – حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقى منه نفسه تبدى له جبريل، فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك)).
و هكذا أخرجه بـهذه الزيادة أحمد (6/232 – 233) و أبو نعيم في ((الدلائل)) (ص 68 – 69) و البيهقي في ((الدلائل)) (1/393 – 395) من طريق عبد الرزاق عن معمر به.
و من هذه الطريق أخرجه مسلم (1/98) لكنه لم يسق لفظه، و إنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب، و ليس فيه الزيادة، و كذلك أخرجه مسلم و أحمد (6/223) من طريق عقيل بن خالد: قال ابن شهاب به دون الزيادة، و كذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به.
قلت: و نستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين:
الأولى: تفرد معمر بـها دون يونس و عقيل، فهي شاذة.
الأخرى: أنـها مرسلة معضلة، فإن القائل: ((فيما بلغنا)) إنما هو الزهري كما هو ظاهر من السياق، و بذلك جزم الحافظ في ((الفتح)) (12/302) و قال: ((و هو من بلاغات الزهري و ليس موصولاً))
قلت: و هذا مما غفل عنه الدكتور أو جهله، فظن أن كل حرف في ((صحيح البخاري)) هو على شرطه في الصحة! و لعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه و المعلق! كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه و الحديث المرسل الذي جاء فيه عرضاً كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة. و اعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بـها، كما بينته في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) برقم (4858) و أشرت إلى ذلك في التعليق على ((مختصري لصحيح البخاري)) (1/5) يسر الله تمام طبعه.
و إذا عرفت عدم ثبوت هذه الزيادة فلنا الحق أن نقول إنـها زيادة منكرة من حيث المعنى؛ لأنه لا يليق بالنبي صلى الله عليه و سلم المعصوم أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل مهما كان الدافع له على ذلك و هو القائل: ((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً)) أخرجه الشيخان و غيرهما، و قد خرجته في ((تخريج الحلال و الحرام)) برقم (447).
منقول
__________________
كلما حاولت اعدل في زماني .. قامت الامواج تلعب بالسفينه
|