من مشاكل الدعوة في الغرب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نور الهدى وعلى آله وصحبه أجمعين
أخوتي الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أولاً عذراً لموضوعي الذي سأثيره بعون الله والذي سأطيل قليلاً شرحه ليظهر لكم على حقيقته كما يجول في خاطري.
أنا مسلم أقيم حالياً في الغرب بغرض التحصيل العلمي، ومنذ مدة وأنا ألاحظ ثغرة كبيرة في جدار الدعوة والحوار والرد على أهل البدع، وأركز الحديث علىأسليب الدعوة والحوار الموجودة في الإنترنت على اعتبارها إحدى أكثر الطرق حرية وشمولاً، فنصحني أحد الأخوة أن أطرح الموضوع في إحدى ساحات الحوار، عسى أن يكون لأحد المشاركين يداً طولا في هذا المجال فيعمل على سد هذه الثغرة، أو أن تلاقح الأفكار ينتج ثمرة طيبة فيها دواء هذا الداء.
القشة التي قصمت ظهر البعير هي أن أختاً ألمانية حديثة الإسلام (منذ أشهر قليلة فقط) سألتني بالأمس عن الجماعة السماة بالأحمدية (أو القاديانية) –إذ صادَفَتهم بالطريق يدعون لطريقتهم تلك- فأجبتها باختصار ما أعرفه عنهم ونويت أن آتيها بالمزيد بعد أن أستزيد علماً عن هذه الطائفة، وعلى اعتبار إقامتي في الغرب حيث قلة أو انعدام العلماء والمكتبات الإسلامية، فظننت أن الإنترنت هو الحل، وفعلاً قمت عن طريق محركات البحث بالبحث عن كلة (أحمدية) و(قاديانية)، ووجدت والحق يقال عشرات بل مئات المقالات بالعربية عنهم، تفند بدعتهم وترد شبههم، منها ماعتمد أسلوب الشتم والصياح ومنا ماعتمد أسلوب الحوار والتفنيد العلمي، والعجيب بالأمر أني لم أر ولا صفحة واحدة بالعربية ناطقة باسمهم يتحدثون هم عن نفسم (ربما يوجد ولكن لكثرة الصفحات الناتجة عن البحث لم أتمكن من تصفحها جميعاً، لذا ولكي أكون موضوعياً أكثر يمكنني القول أن صفحاتهم التي يتحدثون بها عن أنفسهم بالعربية نادرة جداً على أقل تعبير). لكن، ورغم إقامتي بألمانيا منذ مدة، لكن لاتزال لغتي الألمانية أضعف من أناقش بها مواضيع عقدية كهذه، فآثرت أن أقرأ الردود بالألمانية ليكون الأمر أسهل علي حين الشرح أو أن أطبع هذه المقالات بشكل كامل وأعطيها إياها جاهزة، وفعلاً قمت بالبحث عن كلمة (أحمدية وقاديانية) باللغة الألمانية، وكانت النتيجة للوهلة الأولى سارة، فقد حصلت أيضاً على مئات المواقع عنهم، ولكن وللأسف حين تصفحت العشرات من هذه المواقع رأيتها جميعاً باستثناء واحد فقط ناطقة باسمهم، وكما تعلمون فإن هذه الطوائف الباطنية تدسم السم بالعسل، فتغلف عقائدها الفاسدة بكلمات معسولة مثل الحرية والأخوة والعدالة والتسامح وغيرها، فيدلسون بذلك على المنصتين إليهم، خاصة إن كان هذا المنصت حديث عهد بالإسلام ، أسسه العقدية لم تتصلب بعد، أو غير مسلم يريد التعرف على الإسلام، ولايوجد عنده إلمام بالعربية يمكنه من التعرف على الشرع الحنيف من مصادره العربية، عندئذ ستكون النتيجة إما أن تنطلي ألاعيبهم عليه فينجرف في تيارهم، أو أن يصاب بردة فعل تجاه الإسلام تنفره منه إن هو اكتشف مفاسدهم، والتصقت لديه هذه المفاسد بالإسلام الحنيف. وهنا شعرت بتقصير الدعاة الشديد، خاصة تجاه غير العرب من المسلمين أو ممن يفكرون بالإسلام.
فبعد أن طرحت مثالاً عن المسألة، أحب أن أطرح عليكم هذه المسألة بشكل خوارزمي اعتماداً على هذه الحادثة وعلى ملاحظات كثيرة أخرى لي منذ بدأت استخدام الإنترنت قبل سنوات، ومن ثم بعض الحلول التي أقترحها بناء على خبرتي المتواضعة في المجتمع غير العربي والتي يمكنها أن تعدل وتطور بمشاركاتكم كلٌ حسب خبرته، لعل صاحب قرار في النهاية يأخذ بها فتكون خيراً له ولنا.
المسألة:
أولاً: ندرة المواقع الناطقة بلغات غير العربية والتي تتصدى للبدع والشبهات التي تطلقها مواقع الطوائف الباطنية من قاديانية وبهائية أو المواقع النصرانية وغيرها من أعداء الإسلام، مع العلم أن هذه الطوائف جميعها تجد في البيئات غير العربية مرتعاً خصباً لها لضعف العلم الشرعي في معظم البلدان غير العربية، خاصة الغرب، ولما تجده من دعم مادي ومعنوي من جهات معادية للإسلام غايتهم تحريف الشريعة وتفكيك الصف الإسلامي، لذا نجد لهذه الطوائف، وأخص بالذكر القاديانية والبهائية صولة وجولة في ألمانيا مثلاً، وقد وعوا هم هذا، فركزوا اهتمام مواقعهم على اللغات الغربية خاصة، وأهملوا العربية تاركينها لنا.
ثانياً:حتى بالنسبة للمواقع العربية التي تتصدى لمثل هذه الطوائف، فقد وجدت –حسب رأيي المتواضع- عدداً من الثغرات، أهمها:
1- على الرغم من وجود مواقع ترد على كافة الطوائف المنحرفة، إلا أن المتمعن يجد أن التركيز بشكل كبير على الشيعة الإمامية، ولو أني أتفق مع القائمين على هذه المواقع على وجوب الرد على شبهاتهم، إلا أني أرى أن التناسي النسبي لغيرهم، والذين هم أشد منهم انحرافاً وأكثر ابتداعاً، يعطي انطباعاً بأن الإمامية هم الأكثر خطراً على الإسلام وأن جميع الطوائف الأخرى لاقيمة لها، ولو أني أرى أن الطوائف الباطنية الأخرى كالتي أوردت ذكرها وكذلك شبهات الكثير من الطوائف النصرانية هي أشد خطراً على الأقل في الغرب من الإمامية
2- اعتماد عدد كبير من هذه المواقع، وليس كلها طبعاً، لغة خطابية عاطفية في الحوار بعيدة عن لغة المنطق، مما يحكم على هذه اللغة بخسران معركة الحوار من الجولة الأولى فيما لو تم الرد عليها، فنجد في أكثر من موقع صورة الخميني مثلاً أثناء جنازته وقد كشفت عورته ليدلل بها واضعوها على ضلاله، فماذا لو سألنا سائل منهم، أعني أتباع الخميني، ماقولكم في فتاة شيشانية مثلاً اغتصبها الروس، لا أعتقد أن عاقلاً يجرؤ أن يدي أن عرضها انتهك كونها على عقيدة ضالة، وكذلك في لغة الحوار أجد الكثير من هذه الأمثلة، رغم أن هناك الكثير من الضلالات المحكمة لديهم والتي تغنينا عن الأمثلة (الشتائمية) إن صح التعبير.
3-في كل مذهب من المذاهب هناك أمور متفق عليها وهناك أمور مختلف عليها ضمن المذهب نفسه، وللأسف أجد أن الكثير من علمائنا الأفاضل يطعن في أهل البدع بأمور مختلف عليها ليهم مما يمكن محاورهم من التنصل من هذه التهمة بسهولة، ومعلوم لديكم أنك لو اتهمت أحدهم بعشر تهم مثلا وتمكن من التنصل من ثلاثة منها لأضعف حجتك حتى في السبعة الباقية، ولأظهرك بمظهر المفتري عليه.
4- كثيراً من المواقع التي تعنى بالرد على أهل البدع، أراها لاتعنى كثيراً بالرد على شبههم بل تعنى بالهجوم عليهم والقاء شبه في عقائدهم، وإن كان الهجوم عليهم بحد ذاته أمراً ممدوحاً، لكن أعتقد بوجود حاجة للرد على شبههم بشكل علمي، وإلا فإن من يقرأ مثل هذه المواقع قد يصاب بشك مذهب أهل السنة والجماعة كالشك في مذاهب أهل البدع، مما يتسبب لديه بالعزوف عن الجميع.
وفيما يلي بعض المقترحات التي أرجو أن تصوب وتعدل من طرفكم لعلها تصل إلى مستوى مقبول يأخذ به أصحاب القرار:
أولاً: اعتماد منهج الحوار العلمي والابتعاد عن لغة السب والشتم، فهذه اللغة لاتحق حقاً ولاتبطل باطلاً، كل ماتفعله هو أن تنفر طالب الحق منا، وأن تزيد من كراهية أهل الباطل لنا، وأعتقد أن رسالتنا هي نزع الباطل من أهله لا تركه لديهم مع كره لنا.
ثانياً: التوثيق أثناء الدفاع والهجوم بشكل علمي جداً، فأن أفتح ثغرة واحدة لايمكن سدها في جدار الباطل خير ألف مرة من أن أفتح عشرة ثغرات يسهل عليهم سد خمس منها.
ثالثاً: تعرية العقائد الفاسدة بالعدد الأكبر من اللغات، والتركيز دوماً على اللغات التي تنتشر فيها هذه العقيدة، فالقاديانية التي تجدثنا عنها في البداية ضعيفة الانتشار ولله الحمد في البلدان العربية غير أنها واسعة النشاط في الغرب، لذا أرى أن يكون التركيز على اللغات الغربية لفضحها وتعريتها.
رابعاً: الإهتمام أكثر بالرد على جميع ملقي الشبهات على أهل السنة والجماعة بالعدد الأكبر من اللغات بما فيها لغات البلدان الإسلامية غير العربية واللغات الغربية واسعة وحتى متوسطة الانتشار.
خامساً:أثناء الرد على ملقي الشبهات، يفضل قدر الإمكان أن نربط بين الصفحة التي ألقو فيها شبهاتهم والصفحة التي نبين فيها تهافت هذه الشبهة، حتى نظهر بالمظر الموضوعي أمام من يقرأ صفحاتنا، حتى لايتهمنا متهم أننا نحرف بتهمهم للتهرب منها، كما يفضل أن يتم باستمرار مراقبة هذه الصفحات بشكل لو قاموا بتعديل شبهتهم أو تهمتهم أو تعديل عنوانها، نقوم بالتالي بالتعديل المناسب.
أخيراً نحن أمة نصرنا من عند الله بدون شك وليس من عند أنفسنا، فلنكثر من اللجوء إليه وطلب النصر منه.
والصلاة والسلام على نو الهدى وعلى آله وصحبه الكرام
__________________
لو كل من أحس بالظلام أشعل مصباحاً، لصار الليل من حكايات ألف ليلة وليلة
آخر تعديل بواسطة سنديان ، 07-08-2003 الساعة 09:54 AM.
|