هـ :- دروسه العلمية
إن الدروس التي يقوم بإلقائها سماحة الشيخ ابن باز - حفظه الله - دروس علمية، مفيدة قيمة في بابها، ماتعة في لبابها، عظيمة النفع، يانعة الثمار تؤتي أكلها كل حين بإذن وبها، وقد قرئ عليه الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارمي، وصحيح ابن حبان، وتفسير ابن كثير، وزاد المعاد، وكتاب التوحيد، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية والأصول الثلاثة، والدرر السنية، وإغاثة اللهفان، والعقيدة الواسطية، والفرائض، ومنتقى الأخبار وأصول الأحكام، والنخبة - نخبة الفكر - والاستقامة وجلاء الأفهام، وبلوغ المرام، والحموية والسنن الكبرى للنسائي والعقيدة الطحاوية ومنار السبيل مع إرواء الغليل، والصارم المسلول على شاتم الرسول، ورياض الصالحين والرحبية .
وهذه الدروس تغشاها الهيبة، وتتنزل عليها السكينة، من حيث وقار الشيخ، والإنصات من طلابه والمواظبة على المتابعة في أثناء الدرس، مع الإصغاء التام لكلام سماحته حتى يخيل أن مجلسه كمجلس عبد الرحمن بن مهدي - شيخ الإمام أحمد وأحد أئمة السنة علما وعملا - الذي وصفه أحمد بن سنان بقوله: "كان عبد الرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يبرى قلم ولا يقوم أحد فيه، كأنما على رؤوسهم الطير أو كأنهم في صلاة" . تذكرة الحفاظ ص 331 .
وفي هذه الدروس تبرز قيمة تعظيم النصوص الشرعية والوقوف عندها والأخذ بالدليل الصحيح، وعدم الالتفات إلى الآراء الشاذة، والأقوال المهجورة، ولله در سماحته فكم أحيا سننا، وأمات بدعا، ونشر علما، وأزال جهلا .
وترى في هذه الدروس من سماحة الشيخ - حفظه الله - الحافظة العجيبة، والاستحضار السريع، وإذا أردت مصداق ذلك بلا ريب، فاستمع إلى سرده للآيات والأحاديث النبوية وأقوال السلف المرضية، التي يستشهد بها في محاضراته ودروسه اليومية، وإنني أجزم لو أدركه الذهبي - رحمه الله - لترجم له في تذكرة الحفاظ .
وفي هذه الدروس العلمية النافعة، ترى الدمعة الصادقة، الصادرة من قلب مليء بالإيمان، مفعم بالصدق والإحسان، فسماحته - حفظه الله - سريع الدمعة تسبق عبرات دموعه عبارات كلامه في كثير من المواقف، مما يضفي على كلامه ومجلس درسه شعورا إيمانيا روحانيا، وخاصة عند مواقف السيرة النبوية على صاحبها أتم الصلاة وأفضل التسليم .
.. يتبع ..