أيُ معانٍ كثيرٍة تداعت علينا, وأي عبرة بائسة شاهدناها ونحن نرى المهيب .. الركن .. القائد الضرورة.. المارد العربي .. القوي.. الأمين.. البطل.. الشهم.. الشجاع.. الحازم.. الحامي .. الصامد.. المظفر.. المنتصر.. المنصور.. الرفيق.. المغوار.. المقتحم.. القدوة..! سيف العراق .. صانع النصر.. الفارس.. الخ التسعة والتسعين اسماً التي جعلها لنفسه فهو لم ينازع الله في كبريائه وجبروته فحسب ولكن حتى في عدد أسمائه..! تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ علواً كبيراً.
الله أكبر..! جعل لنفسه تسعة وتسعين اسماً في الدنيا .. فلم يمهله اللَّه لينال جزاءه في الآخرة ولكن عجل اللَّه له عقوبته في الدنيا ومسخ له اسماءه الرفيعة إلى تسعة وتسعين سُبة وشتيمة..! فهو الآن: الدموي.. السفاح.. الوغد.. حقير العراق.. بطل المهانة.. فارس الجرذان.. العفلقي.. البعثي .. العبثي .. هدام .. الساكن في الخرائب.. النائم في الزرائب.. الطرطور .. المهان .. الذميم .. الدميم.. البائس.. الذليل.. الجبان.. المسعور .. السفاك .. السفاح.. الناهب.. المغتصب.. مفرق أهله .. ميتم أحفاده.. السارق .. القرصان.. رئيس الهزائم.. قائد النكبات.. الخ التسعة والتسعين اسماً..!
نعم أي معان تراءت أمامنا بعد ذلك المشهد التاريخي البائس الذي صنعته طاغية العصر اميركا بطاغية العراق..!? الحق يقال ان المشهد كان رائعاً وحقيراً بالوقت نفسه..! رائعاً لأن الذي سقط هو هُبل العراق الذي استبد بالبشرية جمعاء.. وهو أيضاً مشهدٌ حقير لأن أبطال المشهد لا يقلون جُرماً عمن أمسكوا به.. فهم الذين صنعوه وهم الذين أمدوه بالأسلحة التي أبادت مدينة كاملة عبر دقائق معدودة.. وهم الذين أبقوه ذلك الأمد الطويل ليكون لهم حجة في الاستيلاء على ثروات العراق .. ولقد سبق أن كتبنا مقالاً مطولاً ومفصلاً بهذا الشأن عنوناه ب¯ »بفضيحة الجميل الأميركي« فليرجع اليه من أراد مزيداً من التفصيل في أرشيف موقع »بوابة العرب« عبر شبكة الانترنت وموقعها هو:
www.arabgate.com
من أعظم المعاني التي تداعت في مخيلتي وأنا اشاهد ذلك المشهد التاريخ هو قوله تعالى في سورة آل عمران »قُل اللَّهُمَّ مَالكَ المُْلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ« ... فأي مُلك عزيز كان قد أوتي المهيب الركن صدام حسين وتمتع بفخامته وكرسيه المزوق .. وأي مهانة وذلة انقلب إليها القائد الضرورة .. ليتحول أمام العالم أجمع الى ملك جرذان العراق.. حيث كان متربعاً على عرشه في القبو?!
عجباً..! فبعد أن كانت قصوره لا يشاهد مثلها حتى في الأفلام .. ولا يطالعه الناس إلا بأبهى حلة وهو ممسك بسيجاره الكوبي الفاخر.. صار بين ليلة وضحاها يسكن في قبو قذر تحت الأرض ويخرج على العالم منكسراً .. ذليلاً.. شارد الذهن .. اشعث.. أغبر .. رث الثياب.. قبيح الهيئة.. موحش المنظر .. يبحثون عن القمل في شعره .. وتكاد رائحته العفنة تنفذ من أثير الشاشة..!
إشكالية الغرور ومستنقع التكبر
هذه فرصة أجدها مناسبة لأوجهها الى الرجل الطاووسي ..! الى كل مسؤول يتعالى على الناس بمنصبه.. الى كل من أدمن الغرور والتكبر.. إلى اصحاب النفوس »الخايسة« من الناس لا لشيء له قيمة .. اللهم فقط لأنهم أصحاب منصب .. وهم يعلمون أنهم من دون هذا المنصب لا يسوون شرك نعال مهترئ..!
هذا هو قائدكم في التكبر والغرور واحتقار الآخرين واذلالهم »صدام« انظروا ماذا كانت نهايته ..! ولكن لعل بعضهم يقول أنه سفاك مجرم قاتل.. ونحن لسنا مثله..! نقول لهم يكفيكم وقاحة أنكم تشتركون معه ببعض صفاته القبيحة.
نعم أنتم أجبن من أن تكون هوايتكم تجميع القبور الجماعية..! ولكن عفواً يا معاشر الأقزام والنفوس الرخيصة .. فأنتم تحملون نفس الجينات التي يحملها صدام وكل من على شاكلته .. انها جينات التكبر والغرور ودناءة النفس مع الآخرين..
صدام حسين .. لم يجرؤ على ان يجعل له تسعة وتسعين اسماً إلا بعد أن تمكن منه داء العظمة والذي لا يتولد الا من اوقح البذور واخسها.. أنها بذرة التكبر, هذه البذرة اللعينة التي نمت وترعرعت في قلوب اصحاب المناصب إلا من رحم اللَّه منهم وقليل ما هم.
هؤلاء الأقزام الذين لا يجدون ذاتهم الا بتحقير الآخرين والتعالي على الناس والتحدث من علو.. اذا كانوا قد نجوا من ان تكون لهم نهاية في الدنيا كنهاية كبيرهم في الكبر والتكبر.. فليبشروا بمكانة حقيرة هي أحقر من تلك المكانة التي وصلها صدام..! إنها المكانة المهولة الذليلة التي أخبرنا عنها رسولنا عليه الصلاة والسلام.. فقد قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »يُحشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَة أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأنْيَارِ يُسْقَونَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الخبَالِ« وعنه عليه الصلاة والسلام قال »لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ« فيا ترى كم رطلاً من الكبر في قلوب هؤلاء المرضى المتكبرين الذين ليس لهم قيمة إلا بالمنصب?
يقول الرسول الكريم »لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدْلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ..« يا اللَّه ..! مثقال ذرة واحدة فقط .. تحرمه من الجنة.. ويحشر يوم القيامة مع المتكبرين أيضاً!? ألم يحن الوقت لكل مُتكبَرٍ حَقِيرٍ أن يتواضع قَبْلَ أن يَأْتِيَهُ يَوْمٌ لَاَ يَجِدُ مَن يَفْلِيِ لَهُ رَأْسَهُ..!
محمدالمليفي