tفي رثاء الرنتيسي.
حامد بن عبدالله العلي
فلم أركالرنتيسِ في الناس فارسا ** ولاكشجاع مثلـه فــي الخلائــــــــق
فتى كعقاب الجو يهوى على العدا ** كبرق شديد الصاعقـــــات الحوارق
كأن بني صهيون حين يريدهـم ** عصافيــر غصن متـن من صوت صاعق
تناطحه الآجال مبتسمــــا لهـــا ** ويعجب منـه المـوت ويحـك مـن معانق
فياربّ ألحقني بــــه في مثل ميتـة ** شهيـدا بصاروخ وجســــــم ممــــزق
لألحقَ بالشهداء في جنّة المنـى ** أعانق حور العين فــوق روض شاهـق
لم يكن الرنتيسي شخصية عادية ، لقد كان الصبر والإقدام يمشيان على الأرض ، وكأنك وأنت تراه يمشي يقول لعدوّه :
فبات يريني الخطب كيف اعتداؤه ** وبتّ أريه الصبر كيف يكــــــون
فاللهم تقبله في الشهداء ، واجعل ميتته الزكيّة الطاهرة صاعقة على أعداءه ، وأحيي بدمه أمّة من المجاهدين يقاتلون في سبيلك .
ولعنة الله على اليهود ، إنهم يظنون أن اغتيال القادة يقربهم إلى النصر ، وإنما يقربهم إلى الهلاك ، ذلك أن قطرة دم كل شهيد :
تغسل عن الأمة غشاوة الجهل الذي حجب وعيها عن حقيقة المعركة مع عدوها
وتنمي في قلوب أبناءها روح الجهاد .
وتشعل فيهم نار الغضب .
وكل قطرة دم لكل شهيد في أفغانستان أو الفلوجة أو فلسطين أو الشيشان أو كوسوفو أو أي بقعة من الأرض تهراق فيها دماء المسلمين ، كل قطرة تجتمع مع أختها ، ثــم تنحدر مشاربها لتصب في نهر واحد ، يتدفق هادرا كبركان من غضب ، ويحطم أمامــــــــه :
هذه الغثائية التي رانت على قلوب أبناء الأمة ، فأخلدوا إلى الأرض ، وآثروا الدنيا على الآخرة ، والمهانة على العزة ، والعبودية للطواغيت على العبودية لله تعالى .
وهذه الحدود السياسية البغيضة التي وضعتها الصهيوصليبية العالمية لتحول بين الأمة ونجدة إخوانهم في فلسطين ، وفي العراق ، وفي أفغانستان ، وفي الشيشان ، بينما اليهود ينتزعون قادة الجهاد من بيننا ونحن ننظر لا نملك سوى البكاء كما النسوان .
وهذا الخوف من الإقدام على التضحيات ، والشك في نصر الله تعالى لمن ينصره.
وهذه المصالح الحزبية والشخصية الضيقة التي قدمت على مصلحة الأمة فحالت بين الأمة ونهضتها .
وهذه الآراء الفقهية البائسة التي باتت تنظـّـر لمناهج الذل وتلبس الإسلام لبوس الهوان .
ثم يتجه أخيرا ليروي العروق الهامدات في قلوب أبناء الأمة ، فيحيي فيها شجرة النصر ، ويفجر فيها بركان العزة وابتغاء الظفر .
أما بعــــــــد :
فيا فرسان الأقصى ، لم تفقدوا الليثين الرنتيسي ولا ياسين قبله ، بل هما أحياء تنبض بذلك قلوبكم كلّ نبضة :
فوارس كالنيران تحمون قدسنـا ** رجال من الإســلام كرام المصادر
سيوف من الأمجاد تحيون نصرنا** إذا الحرب دارت رحاها في الدوائـر
فامضوا راشدين على دربهما ، ولا تلتفتوا إلى الوراء ، فلم يعد في الطريق إلى النصر إلا القليل ، فإن استشهاد الرموز يعني اقتراب النصر ، وتذكروا قول الحق سبحانه :
" قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ "
__________________
يدنو فيرحب بي سم الخياط كما** يضيق بي حين ينأى السهل والجبل
|