مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 03-09-2004, 01:03 AM
شوكت شوكت غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
المشاركات: 348
إفتراضي انتفاضة النجف - وجهة نظر كاتب عراقي

وجدي انور مردان
تميز المشهد السياسي العراقي منذ الاحتلال الغاشم بأستحواذ رجال الدين بشقيه، السني والشيعي بشكل مؤثر وفاعل علي مجريات الاحداث في العراق، الي جانب القوي والأحزاب السياسية الدينية والعلمانية التي تحاول ان تلعب دورا مؤثرا في الحياة السياسية و الاجتماعية والثقافية للمجتمع العراقي،إلا أن الحدث الابرز في المشهد العراقي هو ظهور المقاومة الوطنية العراقية المسلحة، والتي لم تكن أبدا في حسابات الأمريكان. أستطاعت هذه المقاومة الباسلة ان تفرض نفسها كأحدي الحقائق الاساسية المؤثرة علي قواعد الصراع علي الساحة العراقية أمتد تأثيرها علي المنطقة والعالم أجمع، مما أجبر الادارة الامريكية الي اعادة النظر في استراتيجياتها وتعديلها مرات عدة، ووضعت قوات الاحتلال في مأزق حقيقي، وفي الوقت عينه كشفت وعرت هشاشة القاعدة الشعبية التي تستند اليها الاحزاب التي خدعت امريكا ومهدت لها غزوها واحتلالها للعراق.
فمن أبرز مكونات القوي السياسية الدينية التي ظهرت علي الساحة العراقية هي القوي الشيعية بمختلف تياراتها واجنحتها وصراعاتها، متمثلة بحزب الدعوة بمختلف تياراتها المنقسمة والمشتتة، والمجلس الاعلي للثورة الاسلامية، المعروفة علاقاتهما القوية مع طهران، وكذلك المرجعية الدينية المتمثلة بالسيد آية الله علي السيستاني، وبالمقابل برز تيار السيد متقدي الصدر وتيار السيد جواد الخالصي، ويمكن تصنيف التيارين الاخيرين بالتيار العروبي العراقي في البيت الشيعي.
نظرا لأختلاف أجندة هذه القوي وتوجهاتها وارتباطاتها، ظهر الاختلاف مبكرا فيما بينها حول العديد من القضايا الرئيسة أبرزها: التمثيل السياسي، المرجعية الدينية، العلاقة مع إيران، العلاقة مع الاحتلال، والموقف من المقاومة الوطنية العراقية المسلحة.
ظهرت علامات واضحة لمحاولات شيعية لتعويض المرحلة السابقة من التهميش والاضطهاد السياسي، من خلال التركيز علي منح المرجعية الشيعية دورا محوريا في صياغة مستقبل العراق، من أجل تحويل العراق إلي دولة دينية شيعية وقد ساعد السفير بريمر والاعلام الامريكي في تعميق وتضخيم هذا الدور والمحاولة، وأن تصريح كولن باول بهذا الصدد كان واضحا عندما لمح الي عدم ممانعة أمريكا اقامة دولة دينية في العراق، بهدف دق الاسفين الطائفي في المجتمع العراقي وتمزيقه، الي ذلك قدم الاعلام الامريكي والغربي والعربي السيد علي السيستاني علي انه الرجل المحوري في عراق مابعد صدام حسين، وتم تضخيم دوره الي درجة انه قام بارسال رسائل الي الامين العام للامم المتحدة كانه رئيس دولة، وليس مجرد رجل دين وأفتعال أزمات مع سلطات الاحتلال وتدخله المباشر في حلها.
أن تأثير المرجعيات الدينية علي الاخوة الشيعة ليس بجديد ودورهم في السياسة ليس بجديد ايضا بأختلاف المراجع الذين تبوؤا المرجعية الدينية في العراق ومواقفهم الوطنية او المهادنة للاحتلال في العشرينات من القرن المنصرم، ولكن بعد الاحتلال الانكلو ـ أمريكي للعراق، برز تأثير المرجعية الدينية الشيعية و التيارات و القوي السياسية التي تستوحي الارشاد والتوجيه منها، علي مجمل الوجود السياسي الشيعي علي الساحة العراقية، طمعا في الحصول علي مصالح ومكاسب سياسية اكبر من خلال الترسيخ لدي سلطة الاحتلال بأنها القوي السياسية المحورية في تشكيل مستقبل العراق، واتخذ هذا التيار موقفا مهادنا للاحتلال الأمريكي وتحالف مع الاكراد في خط البداية لتحقيق هدفها. وبالمقابل برزت تنظيمات سياسية أقل تأثيرا كحركة الوفاق الإسلامي، والحركة الإسلامية التي تشكل امتدادا طبيعيا لتيار الإمام الخالصي، أحد أبرز قادة ثورة العشرين في العراق، وتدعو إلي التقارب مع السنة وتيار السيد مقتدي الصدر اللتين اتخذتا مواقف وطنية واضحة ضد الاحتلال ومجلسه وحكومته المؤقتة.
أما المرجعيات الدينية فأنقسمت فيما بينها وظهر حضور قوي للسيستاني الذي حاول، ظاهريا، عدم التدخل في الصراع السياسي أو يكون طرفا فيه، ولكنه في الوقت عينه لم يدن الاحتلال فآثر سماحته الصمت عندما كانت الحاجة تدعوه الي الكلام وهادن الامريكان في الوقت الذي كانت هناك حاجة الي موقف وطني واضح من غزوهم واحتلالهم للعراق وآثر السفر عندما قرر قوات الاحتلال محاصرة النجف الاشرف وقتل الشيعة وتدنيس ضريح الامام علي كرم الله وجهه، بأختصار انه تعامل مع محنة العراق بعقلية البازار الايراني.
وبالمقابل ظهر السيد مقتدي الصدر، الذي يتبع مرجعية الامام الحائري في مدينة قم الايرانية، فدخل في صراعين في آن واحد، صراع مع مرجعية السيد علي السيستاني والاحزاب السياسية الشيعية من جهة، ومع قوات الاحتلال ومجلسه ثم وحكومته المؤقتة من جهة أخري، وصلت الي حد المجابهات المسلحة في شهر نيسان (ابريل) الماضي، أطلق عليها انتفاضة الصدر، تزامنا مع أنتفاضة الفلوجة وفي شهر أب (أغسطس).
فمن الواضح أن هناك اختلافا كبيرا بين مقتدي الصدر وتياره وبين الاحزاب السياسية الشيعية والمرجعية الدينية الممثلة بالسيد السيستاني، وذلك لأن الصدر العربي العراقي، لا يمثل تيارا محدودا داخل المجتمع العراقي الشيعي، وإنما يقترب ليكون ممثلا لقاعدة شيعية عريضة، خاصة بين الطبقة الفقيرة والكادحة، ويستقطب شرائح مهمة من شباب الشيعة علي حساب الاحزاب السياسية التي بدأت شعبيتها بالانحسار نتيجة لمواقفها المهادنة للاحتلال والمتخاذلة من احداث النجف الاشرف الاخيرة وتهالك قياداتها علي الكرسي والمنصب. وحتي السيد السيستاني، بالرغم من كونه المرجع الشيعي الاعلي في العراق وأستقبل استقبالا حاشدا، المعد سلفا، بدأت شعبيته بالانحسار نتيجة سفره الي لندن للعلاج في وقت عصيب للغاية واعتباره النجف خطا أحمر، ثم لواذه بالصمت عندما بدأت الطائرات الامريكية قصفها وأنتهاك حرماتها وتخريب قواتها مقبرة وادي السلام، وتركها عشرات الشهداء في ازقتها وشوارعها وحاصرت ضريح الامام علي (ع)، هذا الموقف سيؤثر كثيرا علي مصداقية ومكانة السيد السيستاني والاحزاب الشيعية السياسية. ويعزز الشكوك لدي الشعب العراقي بانهم يهادنون الامريكان وهم صمام أمان الصراع الامريكي ـ الايراني، لاسيما بأنهم متهمون بتمثيلهم للمصالح الايرانية.
أن انتفاضة الصدر وجيش المهدي، يمثل تأكيدا علي عمق الروح الوطنية والإسلامية المتغلغلة في الشعب العراقي، ومن الظلم أن ينعت المحللون والكتاب هذه الانتفاضة بانها تمت بترتيب وإيعاز من إيران أو أن السيد الصدر يريد تحقيق مآرب شخصية، فان ارتباطات الاحزاب الشيعية المنوه عنها في اعلاه بأيران وخدمتها لأجندتها في العراق معروفة، اما السيد مقتدي الصدر فهو العربي العراقي الذي يمثل التيار الوطني العراقي الشيعي فأجندته عراقية بحتة، فحجم التضحية والإصرار علي مقاومة العدوان، ودعوته لأنصاره بمواصلة الجهاد حتي بعد استشهاده تتوائم مع سياق مقاومة الاحتلال وتغليب المصلحة الدينية والوطنية العراقية العليا علي الحسابات الطائفية التي تفرض نفسها علي حسابات أغلب قيادات الشيعة في العراق. ويؤكد ما ذهبنا اليه السيد جوان كول، أستاذ تاريخ الشرق الاوسط في جامعة ميشيغان الامريكية قائلا: (أن الصدر ذو نزعة قومية عراقية، وأنه دائم الانتقاد لآيات الله في العراق الذين يتحدثون اللغة العربية بلكنة فارسية) بل علي النقيض من الاتهامات التي توجه اليه، يري كول أن آيات الله في طهران يجدون في الصدر وطروحاته السياسية والفكرية تهديدا لآيات الله ودورهم الاممي و أن الرسالة التي تلقاها الصدر في زيارته الأخيرة لطهران ـ بعد سقوط النظام السابق ـ واضحة وهي عدم وجود دعم له من قبل طهران وضرورة تعاونه بشكل أكبر مع القوي السياسية والدينية الشيعية الأخري.
لقد برهن السيد الصدر علي وطنيته العراقية خلال انتفاضته الاولي، عندما أيد وساند ثورة الفلوجة وأرسل مقاتلين من جيش المهدي للدفاع عنها، الامر الذي أدي الي ظهور تقارب بينه وبين المقاومة الباسلة، وهذا ما أكدته أيضا مواقف السنة من السيد الصدر عند محاصرة قوات الاحتلال للكوفة في الانتفاضة الاولي ممثلة بوفد هيئة علماء المسلمين السنة ومن شيوخ عشائر الانبار والسامراء وتسييرها مئات الشاحنات من المواد الغذائية لأبناء المدينة المحاصرة وترديد الشعار، سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعة، وظهر هذا التلاحم بصورة اكبر في الانتفاضة الثانية بتوافد المئات من مقاتلي المقاومة من الفلوجة للقتال جنب اشقائهم في النجف الاشرف، مما يؤكد علي أن جذوة ثورة العشرين يمكن أن تنبثق مرة اخري.
وفي الوقت الذي كان السيد مقتدي الصدر يخوض مواجهات شرسة مع قوات الاحتلال دفاعاً عن العتبات المقدسة في النجف، فإن المراجع الشيعية وأحزابها السياسية تواطأت مع الاحتلال، بحجة الاعتدال والعقلانية وارسلت الوفود لوأد انتفاضته، كما وأدها في المرة الاولي، وكأنهم اتفقوا علي التخلص منه ومن انصاره الذين باتوا مصدر احراج مزعج لهم. لقد فقد هؤلاء المصداقية والتأييد الشعبي وبالتالي لايحق لهم التحدث بأسم شيعة العراق، لأنهم لايمثلونها وأهدافهم لاتتطابق مع اهدافهم في تحرير العراق من المحتل الغاصب. أن التهور الامريكي في الصدام المباشر والدموي مع انصار المجاهد الصدر سيؤدي أن عاجلا أو آجلا الي مواجهة مباشرة مع الاغلبية الشيعية الصامتة وهذا بدوره يؤدي الي سحب الشرعية من الزعماء الشيعة الذين اختاروا طريق التعاون مع الاحتلال.
أن المرحلة القادمة، أو الصفحة الثانية من الانتفاضة الصدرية، تفرض علي التيار الصدري ضرورة خلق نوع من التنسيق، مع بعض التيارات الشيعية التي ترفض الهيمنة الإيرانية وترفض التعاون مع المحتلين، ومع الحركة الإسلامية الشيعية التي تشكل امتدادا لتيار الشيخ الخالصي وتنادي بالتقارب مع السنة ومقاومة الاحتلال، فأن التقاء السيد الصدر مع هذه التيارات، التي أثبتت عراقيتها ورفضها للاحتلال، واندماجها بالمقاومة سيشكل نقلة نوعية عميقة الاثر في حركة المقاومة العراقية ضد الاحتلال ويمثل نقلة نوعية مهمة جدا لتمثل الشعب العراقي بجميع أطيافه ومكوناته بعيدا عن الطائفية والمذهبية.
أن الهدنة التي تم التوصل اليها صبيحة يوم 27/8/2004 لم تحسم المعركة لصالح قوات الاحتلال عسكريا، وانما أجلت المعركة، ورفعت الاحراج الكبير عن حكومة السيد علاوي والاحزاب الشيعية ولو لحين، لأن معركة التحرير مفتوحة علي استحقاقات سياسية هائلة ومركبة ستكشفها الايام القادمة.
كان بأمكان قوات الاحتلال سحق جيش المهدي وكسر شوكة السيد مقتدي الصدر، بفعل التفوق العسكري والتسليحي الهائل لها، ولكنها كانت ستجد نفسها أمام استحقاقات سياسية ربما لاتستطيع مواجهتها في هذه المرحلة الحرجة بالنسبة للرئيس بوش. ولكن ما لم تدركه الولايات المتحدة في هجومها علي النجف، لتحقيق هدفها العسكري والسياسي، هو أن السيد مقتدي الصدر قد سجل انتصارا سياسيا عليها وعلي الحكومة المؤقتة، سيكون من الصعب عليهما اهماله او تحجيمه في المستقبل. وأذا ما أقدمت قوات الاحتلال علي قــــتله بعد أن حلــــت الازمة بالشكل الذي تم، ستحوله الي أسطــــورة لدي الشيعة والعراقيين، وتفجر الشــــرارة التي تؤذن بفتح أبواب جهنم علي قوات الاحتلال ومرتزقتها في العراق.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م