وهكذا قَضَى بندرُ !!
لِمَ كل هذا؟! ومن المستفيد الأول من كل هذا؟!..
ترويع للآمنين، وسفك للدماء، ومحاربة للبلاد والعباد، وتدرع بالدين في
سبيل وأد حماة الدين، وإرجاف بالباطل في سبيل الشيطان..
نظرت إلى صورة من صور القتلى التي نشرتها وزارة الداخلية في بلادنا،
فأخذ الفكر يتدبر في حال صاحبها الفتى الذي لم يغادر العقد الثالث من
عمره..
يشب الفتى كريما أصيلا، تداعب مخيلته أحلام النجاح والإنتاج ، والعمل ،
والطموح المتزايد، وتتفتق شرايينه بدم النشاط الوردي بحثا عن الأمل
والنجاح، والفوز على درب الجد والاجتهاد..
وفي غمضة يصبح هذا الفتى أسيرا لإحباطه، مكبلا في قيوده ، يرسف في أغلال
من الأفكار الشيطانية السوداء، تصبح الدنيا قاتمة بلون أسود فاحم، ويغدو
الناس في عينه أشباحا من الباطل الذي يجب القضاء عليه..
يصبح هذا الفتى يكره كل شيء عاشه ، وكل ذكرى نمت في ذاكرته، تغدو كل
الأشياء المحببة إليه أبغض الأشياء عنده.
يكره أمله، وطموحه، وعمله، واجتهاده، وأهله، وأصحابه ، وأرضه، وبلده..
ولايبقى في قلبه إلا ثقافة مقيتة تؤصل للبغضاء، وتدل على العداوة..
لم كل هذا ، ولم هذه المأساة ..
كيف تؤول صورة الشاب الزاهية إلى كومة من أشلاء ممزقة محترقة ، ووجه
أسود، ودماء منزوفة تلطخ الثياب..
لم غدت هذه الصورة مبتغى لهذا الشاب الفتى ، ومقصدا له..
ولأجل مَنْ كلُّ هذا ، ولماذا تفقد الأم الصابرة أبناءها في هوجاء من الأحداث
التي لاتنفع صاحبها،ولم لا يرحم هذا الشاب أباه الذي يذرف الدمع وهو يرى
الآن ابنه في أسوأ حالة من التهتك ، والخزي ، والعار في حدث قُصد به
محاربة الآمنين في بلادهم ، الخاضعين لحكم ربهم..
نظرت إلى صورة الشاب القتيل ، ووجهه المتفحم، فقلت في نفسي ألم تكن
آيات الله تتلى عليه..
|